لندن: في محاولة للحد من القفزات الحادة الأخيرة في أسعار الغذاء التي تسببت في ارتفاع صرخات الجياع خاصة في ضوء مخاطرها في تهديد أمن وسلامة دول كبرى في العالم، دعا المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكالا لامي كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى إعطاء اهتمام أكبر بالزراعة لوقف مسلسل الارتفاع في أسعار السلع الغذائية وبالتالي تفادي أخطار المجاعة. وقال لامي إن بإمكان الدول المتطورة أن تستخدم على المدى المتوسط والطويل القدرة التي تملكها في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "فاو" بغية أن تحمل هذه الجهات الممولة على إعادة توجيه المساعدات التي تمنحها للبلدان النامية لزيادة المحاصيل الزراعية المعروضة. واعتبر في كلمته التي أوردتها وكالة الأنباء السورية "سانا" أن الانتباه لم يركز في العقد الأخير على الزراعة في مجال المساعدة للتنمية لذا يجب أن تصبح الزراعة محور الانتباه للفترة القادمة وقال إن الحل الوحيد على المدى الطويل هو تكييف العرض الزراعي تبعاً للطلب. أما على المدى القصير فدعا لامي البلدان المتطورة لمساعدة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة على الحصول على الأموال الضرورية من أجل تلبية الاحتياجات العاجلة وقال لا أريد القول إن المساعدة الغذائية هي الدواء بل علينا تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً. وفيما زالت تعاني جولة مفاوضات الدوحة لتحرير التجارة العالمية من حالة جمود منذ العام 2001 بسبب تمسك بعض الدول بابقاء الرسوم الجمركية على الواردات دون تخفيض باعتبار أن تلك التعريفات تمثل حماية ودعماً للمزارعين. غير أنه يبدو أن الأمر قد تغير بين عشية وضحاها فقد أقدمت العديد من دول العالم بدءا من البرازيل في أمريكا اللاتينية وبوركينا فاسو بأفريقيا وصولا إلى شرق آسيا على إزالة التعريفات الجمركية التي كانت تفرض على السلع والمنتجات الزراعية كخطوة في مواجهة حالة الغليان التي تشهدها أسعار السلع الغذائية الأساسية عالمياً والتي ارتفعت بنحو 83% حسبما يشير البنك الدولي. ومما لا شك فيه فإن اتجاه العديد من دول العالم إلى استخدام المحاصيل الزراعية كالقمح والذرة وقصب السكر لإنتاج الوقود الحيوي ساهم في ارتفاع أسعار هذه المواد. وتهتم العديد من الدول حاليا بزراعة المحاصيل الزراعية لاستخراج هذه المادة الحيوية المنافسة للبترول وادى هذا الاهتمام إلى زيادة أسعار هذه المحاصيل بصورة كبيرة مقارنة مع أسعارها السابقة. يذكر أن ارتفاع أسعار النفط عالميا دفعت بعض الدول إلى زيادة إنتاج هذه المحاصيل الزراعية لتصديرها للخارج مع عدم المبالاة بالدول الفقيرة التي سيعيق ارتفاع أسعار المحاصيل من استيرادها للطعام الكافي لشعوبها. من جانبه حذر مقرر الأممالمتحدة لشئون الغذاء جان زيجلر من أن العالم يتجه نحو أزمات مرتبطة بالنقص في المواد الغذائية وارتفاع أسعارها. ويرى زيجلر أن الانتاج الضخم للوقود الحيوي الذي تتبناه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي كعلاج لإدمان النفط باستخدامه كطاقة بديلة يمثل جريمة في حق الانسانية، كونه يستخدم الزراعة الغذائية لانتاج بديل للنفط والبنزين، بدلاً من أن تغطي هذه المنتجات الحاجات الغذائية. الجدير بالذكر أيضاً أن استخدام الحبوب كغذاء حيوي لن يغني العالم عن النفط بل إن كل ما سينتج عنه هو مزيداً من الأفواه الجائعة في الدول النامية.