شهدت دور النشر الغربية صدور عدد من العناوين الجديدة والتي نذكر منها: صدر عن دار نشر "فيرسو" كتاب "فصل الربيع... تمردات الطلبة الجديدة" للمؤلفتان كلير سولومون رئيسة جامعة "لندن يونيون" وتانيا بالميري الباحثة بدار فيرسو للنشر. ترصد المؤلفتان في كتابهما الاحتجاجات الطلابية التي اجتاحت المملكة المتحدة عام 2010 كرد فعل للإجراءات الاقتصادية القاسية التي اتخذتها حكومة الائتلاف الجديدة في بريطانيا، والتي كان من مظاهرها رفع رسوم الدراسة الجامعية من ثلاثة آلاف إلى تسعة آلاف جنيه إسترليني سنوياً، في إطار خطة تقشفية للحكومة الجديدة تسعى لتخفيض 81 مليار جنيه إسترليني من إجمالي النفقات العامة على مدى أربع سنوات بهدف تخفيض الدين العام للبلاد. وقد نظر الطلاب إلى تلك الإجراءات على أنها تمثل هجوماً مدفوعاً بدوافع أيديولوجية واضحة على جوهر التعليم الجامعي البريطاني، وأنها بمثابة حجر على مبدأ حرية التعليم الذي سيكون حكراً على الفئات القادرة، وتشير المؤلفتان هنا إلى أن تلك الاحتجاجات لم تقتصر على بريطانيا بل امتدت إلى غيرها من البلدان الأوروبية، وإنها لم تكن الأولى حيث سبقتها احتجاجات لا تقل عنها عنفاً في اليونان وفرنسا بسبب خطط تقشفية شبيهة. وتوثق المؤلفتان للأحداث التي وقعت في عدد من المدن الغربية الكبرى في سياق الاحتجاجات، وكذلك التكتيكات والوسائل التي استخدمتها قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين، لكن الاحتجاجات فاقت قدرة رجال الأمن على التصدي لها بعد استمرارها لأيام طويلة وزيادة أعداد المشاركين فيها وانتقالها من الطابع السلمي إلى الطابع العنفي بسبب الاستفزازات الأمنية في المقام الأول. وفي هذا السياق تتنقل المؤلفتان من أثينا إلى روما، ومن سان فرانسيسكو إلى لندن، ومن تونس العاصمة إلى القاهرة... حيث نهض الشباب للدفاع عن حقوقهم في البداية، ثم للدفاع عن قضايا شعوبهم، بل والقضايا المماثلة لدى شعوب العالم الأخرى، وارتفعت من بينهم أصوات عالية تحمل دعوات عديدة للكفاح ضد الرأسمالية المتوحشة. ** صدر عن دار نشر "أوكسفور بريس" كتاب "اقتصاد الخير والشر..البحث عن معنى اقتصادي من جلجامش وحتى وول سريت"، تأليف الاقتصادي التشيكي توماس سيدلاسيك. يقترح علينا مؤلف الكتاب الرجوع إلى الأصول الحقيقية للاقتصاد، بعيداً عن الرياضيات والنماذج الحسابية والمنحنيات البيانية التي تحفل بها كتب الاقتصاد، والاقتراب أكثر فأكثر من الأفكار والقيم الكامنة وراء النشاط الاقتصادي للإنسان. فالاقتصاد كما يراه الكاتب ظاهرة إنسانية بامتياز، وهو في جذروه يرجع إلى الأساطير الأولى للحضارة الإنسانية التي صاحبتها منذ فجر التاريخ، أما ما نعرفه اليوم من نظريات اقتصادية ونماذج حسابية، فلم يظهر إلا في أوروبا القرن الثامن عشر بفعل تغير نظرة الإنسان لنشاطه الاقتصادي وتحول البحث المحموم عن الثروة إلى هدف أسمى لأي نشاط اقتصادي. ويشير المؤلف إلى أنه خلال الأربعة آلاف سنة الماضية، أدركت البشرية أن عجلة الاقتصاد تدور في حركة دائرية لا تخرج عنها، إذ لا تشتد الأزمة إلا لتنفرج، فسنوات الازدهار تتحول إلى أخرى عصيبة. ولمواجهة الدورة الاقتصادية كان لابد من الادخار كجزء أساسي من حياة الإنسان في الحضارات الغابرة، وهنا يستشهد الكاتب بقصة النبي يوسف، والتي فسر فيها النبي حلم الفرعون وأشار عليه بتخزين القمح لسبع سنوات لما سيعقبها من سنوات سبع أخرى عجاف. بل ويؤكد المؤلف الدورة الاقتصادية الأولى التي عرفها الإنسان من خلال أسطورة جلجامش الشهيرة في بلاد الرافدين بعدما فقد "أنكيدو" ميزة الحياة الأبدية التي كان ينعم بها وصار لزاماً عليه البحث عن أسرار الخلود مرة أخرى بالعودة إلى موطنه. ** صدر عن "مطبوعات جامعة ييل" الأمريكية كتاب جديد للبروفيسور هارولد بلوم بعنوان "تشريح التأثير: الأدب كطريقة حياة". يصف الكاتب عمله الأخير ب"أنه نظريا أغنية البجعة الخاصة بي" في إشارة إلى أن "تشريح التأثر" قد يكون "البيان الختامي" لأعمال الرجل الذي ناهز الثمانين من عمره. ويعزز هذا الكتاب التأصيلات الفلسفية والعاطفية لنظرية "التأثر الشعري" التي أطلقها بلوم وعرف بها في المشهد النقدي الأمريكي والتي أثارت عاصفة من التساؤلات والنقاشات على خلفية صدور كتابه الهام "قلق التأثر" عام 1973. ** صدر عن منشورات "اتلانتيك" كتاب جديد لدومينيك ستريتفيلد يحمل عنوان "تاريخ العالم منذ الحادي عشر من سبتمبر". ويشير المؤلف في كتابه إلى أنه عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 مباشرة، وفيما كان الجميع يحاول فهم ما الذي حدث، كانت هناك قوى تعمل على مستويات أعمق وتلون ردود أفعال القيادات الأمريكية من كافة المستويات، حيث برز تأثير تلك القوة التحتية، في الخطاب السياسي لرجال الدولة الأمريكية، وفي الاستخدام المفرط لمصطلح "الشر" لوصف كل شيء بدءاً من تدمير البرجين وحتى أبسط الأشياء التي تمس حياة المواطن الأمريكي العادي. وعبر الكتاب يسرد المؤلف تفاصيل ثماني قصص، ومآس كانت كلها من ردات الفعل الغربية المباشرة وغير المتعقلة، إزاء الهجمات، ومنها قصص اللاجئين العراقيين الذين يستقلون سفينة متداعية متوجهة إلى أستراليا، وكيف أن السلطات الأسترالية رفضت دخول الأطفال الصغار بإيعاز من السياسيين الذين سعوا لتأجيج الخوف من كل ما هو إسلامي، أيضاً قصة الأسرة الأفغانية التي قتل جميع أفرادها، عندما قصفت القوات الأمريكية حفل زفاف بالخطأ، اعتقاداً منها أن أحد كبار قادة "طالبان" كان حاضراً في الحفل، وغيرها من القصص التي يتناولها الكاتب ليظهر فيها تبني الولاياتالمتحدةالأمريكية لردود فعل مخالفة لما كان يجب عليها اتخاذها حيال هجمات الحادي عشر من سبتمبر.