مجلس النواب يوافق نهائياً على مشروع قانون «التأمين الموحد»    «السلع التموينية» تعلن عن ممارسة لتوريد 50 ألف طن سكر خام    كلية العلوم بجامعة أسيوط تعقد ورشة عمل حول "تقييم التنوع الحيوي"    المئات يحتشدون بطهران حدادا على مصرع الرئيس الإيراني في تحطم مروحيته (فيديو)    بسبب نهائي إفريقيا.. تعديل ملعب مباراة الزمالك ضد مودرن فيوتشر    «الأرصاد» تحذر من استمرار الموجة الحارة: ابعدوا عن الشمس واشربوا سوائل    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    إصابة 8 أشخاص في تصادم ميكروباص وربع نقل بأسوان    طارق الإبياري يكشف عن وصية سمير غانم له قبل رحيله: «أخرج لي آخر مسرحية»    الحياة على المريخ ورحلة إلى المركز الاستكشافي للعلوم.. فعاليات علمية في كل من مكتبتي المستقبل مصر الجديدة للطفل    إلهام شاهين تحيي ذكرى سمير غانم: «أجمل فنان اشتغلت معه»    إيرادات الأفلام تواصل التراجع.. 1.2 مليون جنيه في يوم واحد    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    صحة مطروح: تقديم خدمات طبية لأكثر من 370 مواطنا بالنجيلة من خلال قافلة طبية مجانية    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    بعد طائرة الرئيس الإيراني.. هل تحققت جميع تنبؤات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف؟‬    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    6 نصائح لمواجهة الطقس الحار.. تعرف عليها    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    سوزوكي تسجل هذه القيمة.. أسعار السيارات الجديدة 2024 في مصر    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    وزير الري: 1695 كارثة طبيعية بأفريقيا نتج عنها وفاة 732 ألف إنسان    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    مصطفي محمد ينتظر عقوبة قوية من الاتحاد الفرنسي الفترة المقبلة| اعرف السبب    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    فيلم شقو يحصد 291 ألف جنيه إيرادات في ليلة أمس الأحد    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    مجلس الوزراء الإيراني يعقد جلسة طارئة في أعقاب تحطم طائرة الرئيس    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يقرء‏:
خطة سرية لاختطاف فيلسوف

فيلسوف كان تأثيره عظيما وخطيرا منذ القرن الثامن عشر وحتي الآن‏,‏ ولأنه كان مصابا بحالة من الشرود الذهني‏,‏ فقد بدت بعض تصرفاته الشخصية غريبة بل وخرقاء‏.‏ وقد شاءت الظروف أن يعكف هذا الفيلسوف الشهير آدم سميث عشر سنوات أو يزيد علي تأليف كتاب ثروة الأمم الذي أصدره عام1776, وتضمن أسس النظرية الرأسمالية.
وكان آدم قد لفت الانتباه إليه عندما نشر عام1759 كتاب نظرية الأحاسيس الأخلاقية وأوضح فيه ما هو مقبول أخلاقيا, وما هو غير ذلك, وخلع عليه القوم منذ صدور الكتاب لقب الفيلسوف.
وصار الفيلسوف أستاذا في جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة, وتحلق الطلاب من حوله بسبب براعته ووضوح محاضراته, لكنه لم يستمر طويلا في مهنة التدريس, واختار أن يتولي تعليم ابن أحد كبار القوم البريطانيين.
واصطحب آدم تلميذه في جولة أوروبية, لكنه شعر بالملل, وكتب لأحد أصدقائه أنه يحاول التخلص من حالة السأم التي ألمت به بتأليف كتاب جديد.
وما ان انتهت مهمته التعليمية, وعاد الي بريطانيا حتي شرع في تأليف كتابه ثروة الأمم.
وكان آدم سميث حريصا كل الحرص علي توضيح حقيقة أن دافعه الأساسي من كتابة ثروة الأمم ليس مصلحة الأمراء والأغنياء, وانما الدفاع عن مصلحة الإنسان العادي.
ولم يكن الفيلسوف, فيما ذكر, مراوغا أو مخادعا, فقد دأب علي التحذير من جشع التجار ورجال المال والأعمال, ويقول في عبارة قاطعة وموحية:
إن الأشخاص الذين يعملون في تجارة واحدة نادرا ما يجتمعون معا, حتي إن اجتماعهم للترويح والتسلية, واذا ما حدث مثل هذا الاجتماع, فإنهم غالبا ما ينهون مناقشاتهم بتدبير مؤامرة ضد الجماهير, أو باتخاذ قرارات لزيادة الأسعار.
ويلفت الفيلسوف الانتباه الي التحالفات الشيطانية بين التجار ورجال المال والأعمال, ويركز علي تكريسهم للاحتكار, ويري أن ذلك مناهضا لفكرة المنافسة والسوق الحرة.
وكان آدم سميث- انطلاقا من قيم فلسفته الأخلاقية- يبدي تعاطفا عميقا مع الإنسان العادي, وكان يري أن مصالحه ينبغي أن تحتل الصدارة والأولوية في النظام الرأسمالي.
ولأن الفيلسوف كان صريحا في التحذير من مؤامرات الرأسماليين, فقد صاروا يضمرون له العداء, وربما فكر بعض منهم في وضع خطة سرية لاختطافه, لكنهم لم يجروا علي ذلك, وانما تمكنوا من العبث بأفكاره.
وبلغ العبث ذروته عقب الانتصار الذي حققته الرأسمالية علي الشيوعية في الموقعة التاريخية التي لفظ فيها الاتحاد السوفيتي ونظامه الشيوعي والشمولي أنفاسه الأخيرة عام.1991
وهكذا, قفزت أمريكا الي قمة العالم باعتبارها القوة العظمي الوحيدة, وأطلق جورج بوش الابن العنان للرأسمالية المتوحشة, وهو ما أدي, ضمن أسباب أخري, الي زلزال انهيار النظام المالي العالمي في عام.2008
وتمخض الانهيار عن انعكاسات سلبية للغاية علي اقتصادات العالم, ولم تبرأ من أعراضها إلا قليلا, حتي الآن.
وهذا ما يتناوله كاتب وسياسي بريطاني هو فرديناند مونت في كتاب صدر مؤخرا بعنوان القلة الجديدة, ولعله استعار لفظ القلة من الشعارات التي طرحتها جماعات الاحتجاج الاجتماعي الأمريكية, التي يطلق عليها الآن حركة احتلوا وول ستريت.. أي احتلوا حي المال والأعمال في أمريكا.
فقد أشارت هذه الحركة الاحتجاجية الي أن قلة من كبار الرأسماليين تبلغ نسبتها نحو عشرة في المائة من السكان تهيمن علي الشئون المالية والاقتصادية, وتستحوذ علي ثروات البلاد.
وكان هذا الاتساع المتزايد للفجوة بين الأغنياء والفقراء, هو ما أثار قلق المؤلف, ذلك أن هذه الأوضاع التي تتسم بالاختلال الشديد تؤدي الي اضطرابات وعنف اجتماعي.
وحتي يتسني للمجتمع الخروج الآمن من هذا النفق المظلم, يري مونت ضرورة التوصل الي عقد اجتماعي جديد بين الأغنياء والفقراء, بحيث يمكن التصدي لعدم المساواة.
ويؤكد الأهمية السياسية القصوي لاتخاذ إجراءات من شأنها كبح جموح القلة التي تستأثر بالثروة, وأشار الي ضرورة محاسبتهم ماليا, ووضع ضوابط وقيود علي الشئون المصرفية والمالية.
ومعذرة اذا جنح القول بأن مونت ربما لم يأت بجديد فيما يتعلق بسبل اصلاح النظام الرأسمالي, ذلك أن صفوة من المفكرين وأساتذة وخبراء الاقتصاد, منهم علي سبيل المثال لا الحصر الكاتب وأستاذ الاقتصاد الأمريكي بول كروجمان الفائز بجائزة نوبل, قد طرحوا أفكارا صائبة وسديدة لاصلاح المسار الرأسمالي عقب أزمة الانهيار المالي العالمي.
بل المثير للاستفزاز والغضب, أن أحدا من المسئولين لم يهتم بهذه الأفكار, والأدهي والأضل سبيلا, أن ذات الممارسات الرأسمالية التي أدت الي الانهيار المالي والأزمة الاقتصادية الخانقة لاتزال مستمرة.
وكان هذا ما أدي الي انطلاق حركة احتلوا وول ستريت, وما ينبغي التأكيد عليه, أن هذه الحركات الاحتجاجية المناهضة للقلة الرأسمالية الجامحة قد بدأ ظهورها في مدينة سياتل الأمريكية في عام1999, وكانت صاخبة وعاصفة في احتجاجها علي انعقاد مؤتمر لمنظمة التجارة العالمية, واضطرت السلطات الي فرض حالة الطوارئ في المدينة.
ومن المؤكد, أن فرديناند مونت كان يرقب باهتمام هذه الحركات الاحتجاجية.. ومن المؤكد كذلك أن أحداث العنف التي شهدتها بريطانيا عقب الإجراءات التقشفية التي اتخذتها حكومة ديفيد كاميرون قد أرقته, ومن ثم عكف علي تأليف كتابه القلة الجديدة..
وما يتعين ذكره عن مونت, أنه كان ضالعا في حكومة المرأة الحديدية البريطانية مارجريت ثاتشر, وكان أحد أقطاب حزبها, حزب المحافظين, واشتهر بأنه كتب البرنامج الانتخابي للحزب عام.1983
غير أنه سرعان ما أعرب عن اعتذاره وأسفه لما كتب في هذا البرنامج الانتخابي, فيما يشير الي معارضته لسياسات المرأة الحديدية, وهو يشير في كتابه الي أن المخرج الحقيقي من الأزمات الراهنة يتمثل في المبادرة الخلاقة للتوزيع العادل للثروة.
انه من النسل الفكري والسياسي الصالح للفيلسوف الذي وضع أسس النظرية الرأسمالية, وحذر مبكرا جدا من القلة التي تسعي الي الاستئثار بالثروة والسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.