القاهرة: صدر حديثاً عن مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع كتاب جديد بعنوان " حياة بنى إسرائيل فى مصر بين حقائق الدين ومصادر التاريخ" من تأليف هشام سرايا. ووفق صحيفة "الأهرام" حدد المؤلف الركائز الأساسية للكتاب فى خمسة عناصر: حقيقة دخول بنى إسرائيل أرض مصر وإقامتهم بها حتى خروجهم مع موسى عليه السلام، غرق فرعون وإبادة الجيش المصرى عن أخره فى رحلة الخروج، حقيقة قضاء فترة التيه، حقيقة دخول بنى إسرائيل فلسطين بعد سنوات التيه، وأخيرا الحقيقة التاريخية لوجود وانتهاء الحكم المصرى لفلسطين. يقول المؤلف أنه اعتمد في كتابه على ثلاثة مصادر لاستقاء المعلومات والحقائق، فى طريقة تعتمد على التوفيق بين هذه المصادر، وهى: الراوية التوراتية، والراوية القرآنية، والمصادر التاريخية متمثلة فى الآثار وما سجلته لنا كتابات الجداريات والبرديات والمراسلات فى تلك الحقيقة السحيقة من التاريخ. ونقلت صحيفة "البشاير" الإلكترونية عن ناشر الكتاب أن المؤلف يشير في مبحث "أبو الأنبياء فى المحروسة" إلى أن نبي الله إبراهيم - عليه السلام - أتى مصر خائفا يترقب، فوجد فيها الأمن. كان أبو الأنبياء، ومعه لوط، عليهما السلام، أول أقدام عبرانية تطأ أرض مصر، هربا من المجاعة التى ضربت كنعان (فلسطين). يستنكر المؤلف ما تدسه التوراة على أبى الأنبياء من أنه استعمل امرأته (سارة) كأخت له، أراد بذلك أن يفتح الباب للطمع فيها، كى يمرر مصالحه. كتبة العهد القديم، كما يقول سرايا، لم يجدوا غضاضة فى أن يظهروا إبراهيم فى صورة من يستغل زوجته لأغراض دنيئة. وتحت عنوان "أسرلة الرب" يقول المؤلف أن ذلك العصر شهد انكسار وتشتت بنى إسرائيل، ولذلك حرص الكهنة على التركيز على الروابط العنصرية وربطها بجوهر الدين "أسرلة الدين"، فأدخلوا فى روع الشعب أن إبادة الأجناس الأخرى كان سلوك أنبيائهم وزعمائهم، وأن الحفاظ على نقاء العنصر هو نهج موسى ويشوع. حيث يصر العهد القديم على تصوير الله على أنه رب بنى إسرائيل فقط، ولهذا لم يكن إبراهيم، حسب هذا المنهج، رسولا لكل الناس، ولا إسحق ولا يعقوب ولا يوسف. وتحت عنوان " لماذا خرج بنو إسرائيل من مصر" يقول المؤلف أن التساؤل الحقيقي : بعد أكثر من ثلاثة قرون على إقامة بنى إسرائيل فى مصر.. لماذا تعرض بنو إسرائيل للانتقام، وهو أمر غير معهود فى أخلاق المصريين. التوراة تبرر هذا الاضطهاد بأن ملك مصر الجديد كان يخشى بنى إسرائيل الذين أصبحوا شعبا كثيرا وعظيما، ولم يعد يأمن جانبهم من أن ينضموا إلى أعداء مصر فى حالة الحرب، لكن ذلك ليس صحيحا، فالإسرائيليون، مقارنة بالمصريين، كانوا "شرذمة قليلة"، والحرب ضد إخناتون وأتباع عقيدة التوحيد لم تكن، فى حقيقتها، حرب كثرة ضد قلة، أو صراعا دينيا ضد هذا المذهب بحد ذاته، بل كانت صراعا سياسيا واقتصاديا لاستعادة نفوذ الكهنة المسلوب وممتلكات المعابد وأموالها التى صادرها إخناتون. ويرى الكاتب أن الخطر الذى كان فرعون الخروج "رمسيس الثانى" يواجهه، لم يكن هو العقيدة التى يدعو لها موسى، بل الدعوة التى دأب بنو إسرائيل على ترديدها علانية وهى العودة إلى كنعان. موطن الأجداد وأرض الميعاد لإقامة دولتهم هناك. وتلك قضية جوهرية بالنسبة لمصر، لأن كنعان مصرية وهى أهم مستعمرة تحمى حدود مصر الشمالية، ولهذا رفض فرعون، وظل، لآخر وقت، مصرا على منعهم من الخروج، رغم ما أصاب مصر من نوائب كان فرعون يعتقد أن وراءها السحر الأسود الذى يأتى به موسى. ثم يسأل سرايا، ختاما، لماذا لم يندمج الإسرائيليون فى المجتمع المصرى، والإجابة.. لأنهم، ببساطة، لم يكونوا، لا أمس ولا اليوم ولا غدا، قادرين على ذلك. عنصريتهم التى جعلوا منها "توراة" تمنعهم من أن يساووا رؤوسهم ببقية خلق الله.