كثيرة هي المسلمات والثوابت التي اعتدنا عليها و آمنا بها عند قرائتنا للتاريخ بوجه عام وقليلون هم من يتمردون علي تلك الثوابت ويحاولون تحريكها وسبر أغوارها. واستقصاء الحقائق من منابعها الأولي بحثا عن أدلة جديدة كما فعل هشام سرايا في كتابه الجديد- الذي سيصدر قريبا عن مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع حياة بني إسرائيل في مصر بين حقائق الدين ومصادر التاريخ يهدف الكتاب إلي الكشف عن خمسة حقائق أساسية هي: حقيقة دخول بني إسرائيل أرض مصر وإقامتهم بها حتي خروجهم مع موسي عليه السلام, حيث يثبت بالأدلة أن دخولهم مصر كان في عهد الهكسوس معارضا ما تسوقه التوراة من معلومات تتعارض منطقيا وتاريخيا مع تواريخ أخري وردت في التوراة نفسها, وحقيقة غرق فرعون و إبادة الجيش المصري في رحلة الخروج حيث يكشف عن معاصرة موسي لأكثر من فرعون من وقت ميلاده لوقت خروجه, وكذلك حقيقة قضاء فترة التيه, وحقيقة دخول بني إسرائيل فلسطين بعد سنوات التيه, والحقيقة التاريخية لوجود وانتهاء الحكم المصري لفلسطين. وتكمن المصادر التي يعتمد عليها سرايا في منهجه لاستقاء المعلومات والحقائق في: الرواية التوراتية, والرواية القرآنية, والمصادر التاريخية متمثلة في الآثار وكتابات الجداريات والبرديات والمراسلات, حيث يقوم بالتوفيق بينها وتقديم ما توصل إليه من أدلة للقاريء ليختار ما يشاء, مفجرا مفاجآت عديدة حول العديد من المسلمات التاريخية المتعلقة بتاريخ مصر وبني إسرائيل فيها. ولم ينس في اطار بحثه أن يعدد الاختلافات الجوهرية بين القرآن والتوراة مشيرا إلي أن بذرة العنصرية لدي بني إسرائيل وجدت منذ حرص كهنتهم علي تكريس مفهوم' أسرلة الرب' من خلال التركيز علي الروابط العنصرية و ربطها بجوهر الدين حيث يصر العهد القديم علي تصوير الله علي أنه رب بني إسرائيل فقط. ويرصد سرايا تجاهل كهنة التوراة للعلاقات المصرية الإسرائيلية خلال عهد يوسف عليه السلام والأسباط وفترة الانتشار الديني حتي ميلاد موسي عليه السلام. كما يستعرض مؤامرات بني إسرائيل و استغلالهم لتحتمس الرابع و وصوله إلي الحكم كوسيلة لتحقيق أطماعهم التي تمحورت حول فرض عقيدتهم وانتزاع النفوذ والسيادة الدينية و كذلك أموال و أوقاف المعابد فضلا عن إعداد فلسطين للهجرة و سلب السيادة المصرية عنها, ويوضح أن تلك الأطماع هي التي جلبت عليهم الاضطهاد فيما بعد من قبل حكام مصرفي أطار الدفاع عن السيادة المصرية والحفاظ عليها علي المستوي السياسي والعقائدي والاقتصادي. وختاما يتساءل سرايا عن سبب عدم اندماج الإسرائيليين في المجتمع المصري وقتها, مجيبا بأنهم لم و لن يكونوا قادرين علي ذلك بسبب عنصريتهم التي تمنعهم من مساواة أنفسهم بغيرهم. يقع الكتاب في656 صفحة. تأليف: هشام سرايا يصدر عن: مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع [email protected]