صدر مؤخرا للناقد سامح كريم كتاب "تنوير طه حسين" الذي يتناول أفكار عميد الأدب العربي د.طه حسين والبعد التنويري في حياته ومسيرته، المؤلف قد سبق له أن التقى عميد الأدب العربي مراراً وتعامل معه عن قرب. يقول الكاتب أن التجديد لدى طه حسين قام على أركان ثلاثة لخصها في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" الذي صدر عام 1938، الأول متابعة النهضة الأوروبية بمناهجها وأفكارها والثاني إحياء التراث العربي الإسلامي وقد قام بدور كبير في ذلك. والثالث إحياء الشخصية المصرية بمكوناتها الحضارية والثقافية الممتدة. وقد عرضه ذلك، لانتقادات حادة وقاسية حيث اتهم بانه يعادي العروبة ويتابع الغرب على طول الخط، خاصة حين رفض القول إن العقل المصري عقل شرقي وأنه أقرب إلى الفكر اليوناني وثقافة البحر المتوسط وقال بوضوح إن الشرق الذي يعنيه هو الهند والصين، أو ما نسميه الأن الشرق الاقصى. ويعلن د. طه حسين أننا لا يجب أن نرفض القديم لكونه قديما فقط، ولا أن نرحب بالجديد لكونه جديدا ومعاصرا لنا، بل هناك معايير تحكم الاختيار. وبهذا المعيار اتجه د. طه حسين الى اعادة كتابة التاريخ الإسلامي، فهو الذي وضع مع صديقيه احمد امين وعبدالحميد العبادي مشروعا في إعادة تناول وكتابة التاريخ الإسلامي. تولي د. طه حسين تقديم التاريخ من وجهة نظر أدبية ونقدية وتمثل في كتابه "على هامش السيرة" بأجزائه الثلاثة، ثم "الفتنة الكبرى" بجزئيه و"مرآة الإسلام" و"الوعد الحق" ثم "الشيخان" وكان يعتمد المنهج الاجتماعي والروح النقدية في تناوله لأحداث التاريخ. ووفق صحيفة "الاتحاد" الإماراتية من أولى القضايا التي أثبت فيها د. طه حسين تمسكه بالعقلانية ، موقفه من الشعر الجاهلي كما جاء في كتابه "في الشعر الجاهلي" عام 1926 وقد أثار هذا الكتاب عليه كثير من الانتقادات حيث اتهمه البعض في عقيدته ودينه، وكان يرصد فيه الدوافع التي أدت الى تزييف الشعر في العصور الإسلامية ونسبها الى شعراء العصر الجاهلي. وأهم جوانب التنوير في حياة طه حسين دعوته الى نشر العلم والمعرفة فهو الذي أسس جامعة الأسكندرية عام 1942، كما أسس جامعة عين شمس وكان اسمها جامعة إبراهيم عام 1950 حين كان وزيراً للمعارف ودعا الى مجانية التعليم ليكون كالماء والهواء في نفس الفترة، وخاض حرباً قاسية مع أنصار الملك فاروق والمحافظين في المجتمع المصري بسبب دعوته تلك واعتبروه شيوعياً لكنه لم يتراجع . وكان قبل ذلك هو الذي أسس الإدارة الثقافية بوزارة المعارف حين كان نجيب الهلالي وزيراً للمعارف وهذه الإدارة كانت تهتم بنشر القراءة والمعرفة عربية ومترجمة واتسعت وكبرت وفيما بعد انفصلت عن وزارة المعارف لتصبح نواة وزارة الثقافة بعد ثورة يوليو 1952.