أصدر دار الفاروق طبعة جديدة لكتاب " كليلة ودمنة " للحكيم الهندي بيدبا والذي نقله إلى اللغة العربية عبد الله بن المقفع، وفي إطار سعيها لإعادة إحياء تراث الأدب العربى القديم. ويحوي "كليلة ودمنة" 20 فصلا، بدأها الحكيم الهندي بالكشف عن دوافع قيامه بكتابة التي يقص من خلالها حكاوى تاريخية عن غزو الإسكندر الأكبر لملك الهند. ويحكي بيدبا عبر فصول كتابه وفقا لما ورد بصحيفة "اليوم السابع" المصرية عن ملك الهند المسمى دبشليم آنذاك والعلاقة التى كانت بينهما ثم ساءت وتعرض بيدبا على أثرها للحبس، قبل أن يصطلحا ويعهد إليه بتأليف كتاب عن الحكمة. وجعل الحكيم الهندي أبطال الكتاب من الحيوانات، لتحوي دفتيه أبواب تحمل عنوان الأسد، والثور، والحمامة المطوقة، والبوم، والغربان. أما كليلة ودمنة فهما الشخصيتان الرئيسيتان فى الحكايات بين الحيوانات، والمحور التي يربط الفصول ببعضها لينقل بيدبا من خلالهما خلاصة الحكمة وعمق فلسفته. وبرع ابن المقفع المولود عام 106 بمدينة جور في بلاد فارس وكان مجوسيا فأسلم على يد الأمير عيسى عم السفاح، في نقل الكتاب الي العربية. وقضى الأديب العربي 41 عاما تحت ظل الدولتين الأموية والعباسية، وكان يعمل فى جباية الخراج فمد يده وأخذ من أموالها فعاقبه الحجاج بن يوسف الثقفى والي العراق بالضرب على يده حتى تقفعت فسمي بالمقفع. ومن الحكايات التي يوردها ابن المقفع في "كليلة ودمنة": زعموا أن أسدا كان في أجمة تجاور طريقا من طرق الناس وله أصحاب ثلاثة: ذئب وابن أوى وغراب، مر جماعة من التجار وتخلف جمل عنهم ثم دخل الأجمة، سأله الأسد عن مراده فقال أنه يود صحبته. وافق وأمنه على نفسه إلى أن ذهب ذات يوم إلى الصيد وتعارك مع فيل وخلف العراك جروحا في جسده أقعدته عن الصيد، فطلب من الغراب والذئب وابن أوى الانتشار والصيد لتوفير غذاء للجميع تشاوروا فيما بينهم وارتأوا أن الصيد موجود في عين المكان وأن الجمل ضحية نموذجية شرط أن يسمح الأسد بذلك، رفض الليث عرضهم ووبخهم. عاد الغراب إلى الغضنفر وأقنعه بسيناريو آخر لا يتعارض مع وعده للجمل بالمرعى والعيش الآمن ، ثم انتقل الثلاثة إلى الجمل لإقناعه بعرض أنفسهم على الأسد ليأكل منهم ما يشاء اعترافا بجميله ورعايته لهم على أن يجدوا الأعذار لبعضهم بعضاً بحيث ينجون جميعا. بادر الغراب إلى تقديم نفسه للأسد قائلا: إنك احتجت أيها الملك إلى ما تأكله ونحن أحق أن نهب أنفسنا لك فإنا بك كنا نعيش وبك نرجو عيش من بعدنا من أعقابنا فانا أحب أن تأكلني، أجابه الذئب والجمل وابن أوى: اسكت فليس في أكلك شبع للملك. قال ابن أوى: أنا اشبع الملك، فقال الذئب والغراب والجمل: أنت منتن الريح خبيث اللحم ونخاف إن أكلك الملك أن يقتله خبث لحمك، فقال الذئب لكنني لست كذلك. فقال الثلاثة: من أراد قتل نفسه فليأكل لحم الذئب، وظن الجمل أنه يسلم بنفس الطريقة التي سلم بها الآخرون فقال: أيها الملك لكن لحمي طيب ومريء وفيه شبع للملك، فقال الذئب والغراب وابن أوى: صدقت وتكرمت ووثبوا عليه ومزقوه إربا. والحكمة واحدة: من الأفضل للضعيف ألا يعترض طريق الأقوياء فحجته ضعيفة وحجتهم أقوى على الدوام ومصيره الافتراس المحتم.