يصدر قريبا أول سيرة حياة باللغة الإنجليزية للكاتب العالمي جابرييل جارثيا ماركيز بعنوان "حياة" والذي يؤكد أن حياة ماركيز أسطورة لا تقل قوة عن رواياته، كما يؤكد كاتب السيرة الباحث جيرالد مارتين، إذ يرسم الكتاب تفاصيل قصة ماركيز بداية من الفقر المدقع حتي الوصول إلي الشهرة العالمية والثروة. ولد ماركيز بالعالم الخلفي لكولومبيا عام 1927، وهو الاخ الأكبر لأحد عشر طفلاً، والداه كانا من الفقر أنهما تخليا عنه بكوخ صغير في مستنقع "أريكاتاكا"، أسسه جده الكولونيل "نيكولاس ماركيز" فقضي مع جده العشر السنوات الأولي من عمره، ولا يغفل الكتاب تفاصيل صدمة لقائه الأول بأمه الحقيقية. لعل هذا الحجم من البؤس الذي نشأ فيه ماركيز، حسبما اوردت صحيفة "البديل" المصرية، هو السر في الأمل الذي جعل منه كاتبا لا شئ لديه ليخسره، فلا مال أو أملاك تجعله يخاف، لا شئ سوي خياله الذي لا يقدر بثمن، إذ يعلن في واحدة من مقابلاته الصحفية التي تكلف أي صحيفة خمسين ألف دولار أمريكي للثلاثين دقيقة: "كنت دائما مشهورا منذ وقت ولادتي". ويستطرد: "لكني فقط كنت الوحيد الذي يعلم ذلك"، لكن الكتابة عن حياة ماركيز ليست بهذه السهولة التي يتخيلها البعض فكل تاريخ ماركيز محفور في ذاكرته ومن حوله فقط، إذ يدمر أوراقه الشخصية والأدبية بانتظام (حتي إنه أجبر زوجته علي حرق رسائل العشق بينهما بعدما تزوجا). ظل الباحث جيرالد مارتين 17 عاما يبحث في خبايا حياة ماركيز، فقابل حوالي 300 شخص، من عائلة فيدل كاسترو ليخرج بحوالي ألفي صفحة وستة آلاف هامش، حتي أصبحت السيرة في شكلها النهائي مجرد ملخص لتفاصيل حياة ماركيز. ولعل أكثر تصريحات ماركيز حول حياته غرابة وعذوبة أيضا، يدور حول علاقته بجده الكولونيل الذي يحترمه ويحبه، حتي أن رائعته "مائة عام من العزلة" لم تخل بصمته، قائلا: "كنت في الثامنة حين مات، ومن حينها لم يحدث لي شئ مهم". نشأة ماركيز في دولة قليلة الاهتمام بالثقافة، ولم تنتج كتّاب رواية يذكرون قبله، لم تمنعه من الوصول لحلمه الذي تنبأ به لنفسه منذ ولادته، فقد علّم ماركيز نفسه عبر قراءة شرهة لاعمال كاتبيه المفضلين فرجينيا وولف وأرنيست هيمنجواي. يرتبط ماركيز بزوجة عمره "مارسيدس بارشا" في 1958، وهي الفتاة التي اختيرت له زوجة مستقبلية قبل عشرين عامًا (حيث كانت في التاسعة من عمرها) وكان يعرفها بالكاد، لكنه أخبرها عن خططه لأن يصير ندا لكاتبيه المفضلين في شهر عسلهما. مارسيدس الرشيقة الغامضة الحكيمة حتي في كتابات ماركيز نفسه، كانت هي النقطة الأكثر حيرة وغموضاً بالنسبة لكاتب سيرة زوجها، فهي الزوجة التي دعمت زوجها علي المستوي الشخصي والاحترافي، فصارت لا يمكن الاستغناء عنها، كل ما يمكن وصفها به -حسب مارتين- أنه تحت رعايتها وبعد أسابيع من الزواج، وضع جدولاً دقيقاً ومنظماً لتحقيق هدفها النهائي؛ وهو إنتاج أول تحفة فنية في عمر الأربعين من حياة ماركيز.