بعد ارتفاع بورصة الدواجن.. أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 للمواطنين    التخطيط: تنفيذ 306 ألف وحدة إسكان اجتماعى خلال خطة 2023/24    السكر ب35.. سعر السلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    حملات مكثفة لرصد محاولات البناء العشوائي وإزالة التعديات المخالفة بالشرقية    مقتل أحد عناصر حزب الله جراء اعتداء جيش الاحتلال على جنوب لبنان    مواعيد مباريات اليوم – الأربعاء 19 يونيو والقنوات الناقلة.. الدوري المصري ويورو    يورو 2024 – فيتينيا: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وهذا سبب الفوز على التشيك    كورييري: الهلال يرغب في ضم بن ناصر    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة غير المتعجلين من مشعر منى    حديقة حيوان الزقازيق تستقبل مولودًا جديدًا في عيد الأضحى    تقدر بنحو 7 ملايين جنيه.. ضبط عددا من قضايا الإتجار في العملة الأجنبية خلال 24 ساعة    تركي آل الشيخ يفجر مفاجأة حول إجمالي إيرادات فيلم ولاد رزق 3 في الوطن العربي    تحرير (164) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    عكاظ: الوحدة السعودى يستهدف ضم محمد الشناوى حارس الأهلى    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    النفط يتراجع.. وعوامل تتحكم في أسعاره    عيد الخير.. التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى يواصل نشر البهجة بين المواطنين بجميع المحافظات.. توزيع لحوم الأضاحى للأسر الأكثر احتياجا و حفلات ترفيهية وتوزيع الهدايا على الأطفال لاستكمال فرحتهم بالعيد.. صور    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    152 سؤالًا لن يخرج عنها امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة    تاسع حالة.. وفاة حاجة مصرية من بورسعيد أثناء أداء فريضة الحج بالمشاعر المقدسة    مصدر رفيع المستوى: لا صحة لمشاركة مصر في قوة عربية للسيطرة على المعابر مع غزة    مواليد 4 أبراج فلكية يعشقون النوم.. هل أنت منهم؟    جيش الاحتلال: استهدفنا مبنى عسكريا لحزب الله فى بلدة يارون جنوب لبنان    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    استياء مجلس إدارة الزمالك من جوزيه جوميز بسبب «تسريح» فريق 2003 (خاص)    الصحة: تنفيذ 129 برنامج تدريبي ل 10 آلاف من العاملين بالوزارة    البحرية البريطانية: غرق سفينة استهدفها الحوثيون الأسبوع الماضي    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    السياحة: ⁠توافد كبير من الزائرين على المواقع الأثرية والمتاحف خلال إجازة عيد الأضحي    إيرادات قطاع الضيافة في ألمانيا ترتفع في أبريل    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    فحص طبي يحسم جاهزية عمر كمال لمباراة الأهلي والداخلية    ذا صن: سرقة قطعتين من كأس الدوري الإنجليزي    استشاري باطنة: المبادرات الصحية في مصر مبتكرة وساهمت في القضاء على أمراض متوطنة    لجنة التدريب ب«القومي للمرأة» تناقش خطة عملها الفترة المقبلة    وفاة جديدة بين سيدات الغردقة أثناء أداء مناسك الحج.. وأسرتها تقرر دفنها في مكة    الأربعاء 19 يونيو 2024 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    القناة 12 الإسرائيلية: الجيش لا يزال بعيدا عن تحقيق مهامه برفح    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب المناطق الشمالية في باكستان    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    عصابة الماكس.. أفراد تخلت عنهم العائلة وجمعتهم الجريمة    تنسيق الجامعات 2024.. قائمة الجامعات الخاصة المعتمدة بوزارة التعليم العالى    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    برلين تنتقد قرار موسكو إعلان معهد دي إتش آي الألماني منظمة غير مرغوب فيها    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماركيز... وكيف يصوغ المرء حياته في شكل أدبي!
نشر في بص وطل يوم 21 - 12 - 2009

"ما يهم في هذه الحياة، ليس ما حدث لك، بل ما تتذكره، وكيف تتذكره"
النشأة، وتأثير الجد والجدة والمكان :
ولد في 6 مارس 1927، في قرية "أركاتاكا" الكولمبية، قبل أن ينتقل أهله منها إلى "برانكيلا"، قبل الانتقال في تلك الفترة المبكرة من حياته، عاش في "أركاتاكا" مع جديه من ناحية الأم.
لاحقًا بعد 22 عامًا -ولم يكن روائيًا بعد- سافر مع أمه إلى بيت جديه القديم بعدما قررت والدته أن تبيعه "عندما شاهدت البيت، تداعت إلى رؤى الطفولة والأفكار القديمة"، لم تكن هناك فترة تأثر بها ماركيز أكثر من فترة العيش مع جديه هناك، جده الكولونيل الذي كان يسميه "باباليلو"، كان يجعله يقرأ كلمات جديدة يوميًا من القاموس وهو مازال حديث السن ويذهب به إلى السيرك، كان حكّاءًا عظيمًا " هو بمثابة الحبل السري الذي يمدني حتى تلك اللحظة بالتاريخ و الواقعية"، كما أن ماركيز تأثر بأيدولوجيات جده الليبرالي الذي كان يحكي له عن مجازر ارتكبت باسم الحكومة المحافظة في كولومبيا والتي راح ضحيتها العديد من المفكرين الأحرار الذين كانوا ضد سلطة الدين، ولهذا اتسمت مسيرته المهنية في بداية الأمر بالمعارضة الشديدة ضد سياسات الحكومة الكولومبية منذ أن كان يعمل صحفيًا، هناك جملة أيضًا قالها له جده يوما ما " ليس هناك عبء أكبر من أن تقتل نفسًا" وهي الجملة التي قالها ماركيز فيما بعد على لسان شخصياته .
لم يكن جده هو المؤثر الوحيد في عقلية ماركيز؛ حيث كانت جدته تلعب دورًا كبيرًا في شحذ مخيلة الطفل الصغير بالخوارق والماورائيات، "كانت هي مصدره الأساسي من الرؤية الخيالية للواقع"؛ حتى إن ماركيز فسَّر حبه لقراءة أدب "كافكا" الخارج عن الشكل التقليدي بأن "صوت كافكا في قصصه كان هو ذاته صوت جدتي وهي تحكي".
لاحقًا -بعدها بعشرات السنين- أصدر روايته الأشهر "100 عام من العزلة" سنة1967 متأثرًا بجرعة الخيال التي أمدته بها جدته، وفي هذه الرواية ابتكر أسلوبا جديدًا باسم "الواقعية السحرية"، وهو استخدام مفردات خيالية- سحرية في مواقف وأحداث واقعية، تلك الرواية حازت نصيبًا وافرًا من الدعاية، وهي مزيج من تصوير القرى البدائية في أمريكا الجنوبية؛ حيث الموت وجنس المحارم والأساطير والتاريخ الدموي هي السمات التقليدية، يتعجب ماريكز من النجاح الساحق لهذه الرواية بالذات "معظم النقاد لا يعرفون بأن هذه الرواية تحديدًا تُعتبر مزيجًا من الفكاهة وإسقاطاً على أصدقاء بعينهم".
ونجد هنا أن معظم قصصه تدور في "ماكوندو" وهي قرية خيالية؛ معظمها يتسم بالوحدة، تماما مثل أركاتاكا .
قصة الوالدين، حافز غير مقصود:
جابرييل جارسيا ماركيز من أشهر الكتاب الذين اقتبسوا أعمالهم الأدبية من واقع حياتهم الزاخرة بالمواقف والمفردات الغنية، التقط جابرييل ماركيز ببراعة بعض أحداث حياته، وصاغها على شكل أدب راق، لم تكن فترة العيش المبكرة في أركاتاكا مع جديه هي الحافز المؤثر الوحيد في كتاباته؛ بل نجد رواية أخرى شهيرة هي "الحب في زمن الكوليرا" التي أصدرها في العام 1982، وهو نفس العام الذي حاز فيه على جائزة نوبل للأدب؛ تلك الرواية استوحاها من قصة حب والديه؛ و لكن هناك فرقاً، يقول ماركيز: إن والديه عاشا قصة حب عنيفة، وبعد معاناة تزوجا أخيرًا؛ "و لكن في هذه الرواية لم يتزوج العاشقان"، ويقول إنه استوحى القصة من قصاصة تحكي عن عجوزين أمريكيين استمرا في لقاء بعضهما البعض مرة في السنة حتى سن الثمانين، ولم يتزوجا، وفي النهاية ماتا وهما على متن نفس القارب بعد أن قتلهما سائقه؛ الجدير بالذكر أن "الحب في زمن الكوليرا" تم إنتاجها كفيلم في العام 2007.
القمع أحيانًا من الممكن أن يكون حافزا للكتابة :
هناك أيضا رواية "خريف البطريرك" التي صدرت في سنة 1975 أثناء إقامته في أسبانيا، والتي استوحاها من سقوط الطاغية الفنزويلي "ماركوس بيريز جيمينيز"؛ تلك الرواية تنتمي إلى ما يسمى "الأدب الديكتاتوري"؛ حيث تتناول الرواية أحداثًا مختلفة من حياة ديكتاتور خيالي يحكم إحدى البقع في البحر الكاريبي لم يسمها ماركيز، بعد نشر هذه الرواية، وسفره لمسكيكو سيتي ليعيش هناك، قرر أن لا يكتب مرة اخرى إلا بعد تنحي الطاغية التشيلي "أوجستو بينوشيه"؛ ولكن في نهاية المطاف " لم أسكت و لم أتوقف عن الكتابة للدفاع عن العدل".
عامًة علاقة ماركيز بالسياسة لا نستطيع أن نغفلها؛ فلا ننسى أنه كان صديقا مقربًا من فيدل كاسترو " كان إنسانًا واسع الثقافة للغاية" على حد قول ماركيز، وكما أنه كان ممنوع من دخول أمريكا لمواقفه المناهضة لها في رواياته وأحاديثه الصحفية، واستمر هذا الوضع حتى تولى كلينتون الحكم، وصرح بأن "مائة عام من العزلة" هي روايته المفضلة!
وبعد عودته إلى مكسيكو سيتي بدأ في تمويل مشروعات خيرية تخدم قضايا سياسية معظمها يساري في بلدان العالم الثالث مثل أنجولا و نيكاراجوا وفنزويلا وبالطبع كولومبيا موطنه، التي اتهمته بتمويل ميليشيات مسلحة تهدف للقضاء على نظامها الحاكم وقتها؛ فقرر ماركيز أن يلزم بيته في مكسيكو سيتي ولا يغادره؛ حتى اعتذرت بعدها الحكومة عن خطئها.
أين ماركيز اليوم؟
هذه كانت أمثلة بسيطة من روايات تحقق فيها اقتباس ماركيز عن حياته، وفي الواقع، لم تكن أي رواية أخرى لماركيز بعيدة عن الأحداث التي عاشها أو تأثر بها، وهذا شيء طبيعي في كل كاتب؛ ولكن ماركيز استطاع أن يعبر عن تلك الأحداث الواقعية بأسلوب به مزيج من الخيال والأساطير والتراث الشعبي. الآن يقبع ماركيز (82 عاما) المصاب بسرطان الغدد الليمفاوية في منزله الأبيض في مكسيكو سيتي في عزلة اختيارية برفقة زوجته "مرسيدس بارشا" ذات الأصول المصرية، أوقف خط هاتفه ويتبع برنامجا طبيا صارما، ولم يكتب شيئا منذ خمس سنوات، ربما لأنه يعرف أن الموت الذي طالما كرهه وتكلم عليه في روايته ينتظره ويخاف أن يأتيه وسط الكتابة؛ فلا يستطيع أن يكمل ما يريد إكماله، ماريكز قالها يومًا " إن المرء لا يموت عندما يتوجب عليه الموت؛ و لكن عندما يستطيع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.