صدرت مؤخرا عن دار الشروق المصرية رواية "صحراء المماليك" للروائي خيري شلبي التي تتحدث عن التغيرات العمرانية الجديدة التي شهدتها مدينة القاهرة خلال السنوات القليلة الماضية. يقول الراوي: "الضاحية الجديدة التي اضطررت الى السكنى فيها كانت تبعد عن القاهرة حوالي ثلاثين كيلومتراً في موقع ذي خصوصية مستقبلية تمنحه الهدوء والعمران معاً، فمن فوقها مدينة حلوان، ومن تحتها ضاحية المعادي، وعلى يمينها نهر النيل، وعن يسارها جبل المقطم، على وجه التحديد إحدى هضابه العالية منتجع عليه القوم، وتسمى تقسيم صحراء المماليك". ويتميز أسلوب الرواية بالكوميديا السوداء، يقول خيري شلبي عن روايته في حوار سابق له مع صحيفة "الجريدة" الكويتية أن الفكرة كانت في داخله وفضل إخراجها كرواية لمواجهة الواقع الذي امتلأ بأدوات وأساليب جديدة للتعذيب ربما أشد شراسة من الماضي. وفي 434 صفحة يتحدث شلبي عن القيود الحديدية وتأثيرها علي أجساد وأرواح المسجونين وتعد رحلة مؤلمة في عالم التعذيب علي امتداد نصف قرن تبدأ منذ قيام ثورة يوليو عام 1952م في مصر وترصد علامات التعذيب وآثارها من خلال أحد الأشخاص الذين تناط بهم قيادة السجون وإرغام المتهمين علي الإدلاء بالإعترافات الصحيحة وغير الصحيحة. ويبدو أن الكاتب خيري شلبي اختار عنوان روايته بالاستناد إلى ما ورد من وثائق تاريخية حول تفنن المماليك بأساليب التعذيب في العالم العربي وخاصة مصر في ظل الحكم العثماني الذي ابتكر طريقة الخازوق وسيلة للإعتراف والإعدام البطيء وكان معظم المماليك من الغلمان عملهم الوحيد في الحرب مهنة العسس أي المخابرات والجندية وكانوا أقوياء البنية من بلدان البلقان الأوروبية أمسكوا بيد من حديد بلاط العثمانيين وأدخلوا نساءهم إلى دهاليز الحرملك لبسط سلطتهم علي كل مفاصل الحكم زمن الخلافة العثمانية. ومن أجواء الرواية نقرأ: "... تحت مظلة انتظار الأتوبيس تعرَّف ناس على ناس، قامت علاقات وصداقات أدت إلى مصاهرات وافتتاح مسارات جديدة لأكل العيش في مشاريع تنشأ فى الحال ربما فى وقفة من الوقفات بين واحد يبحث عن كفاءة وواحد يملكها، بين باحث عن محل ومن يدله على أكثر من محل؛ ولربما يكون المحل الجديد فاتحة خير على المرشد والمالك والمستأجر، ولربما وجدت أنت بين الواقفين معك من يصلح لك الكهرباء أو السباكة أو تركيب ورق الحائط أو تقفيل البلكونات أو تجهيز مطابخ بالألوميتال.. كل ذلك حتى دون أن تسأل؛ يكفى أن تستمع إلى حوار يدور بين اثنين أو أكثر بجوارك مباشرة؛ ما أسهل أن تتدخل فى الحوار بصنعة لطافة؛ المجال عند المصريين مفتوح على طول الخط يسمح لعابرى السبيل أن يصيروا أصدقاء في لمح البصر على أثر كلمة أو قفشة أو غمزة أو نكتة أو لمسة خير أو دقة جدعنة". خيري شلبي أحد أهم كُتَّاب الرواية في العالم العربي، وحائز على جائزة الدولة التقديرية عام 2005 له أكثر من 70 كتابا ما بين الرواية والقصة والمسرحية والدراسة، من أشهرها: وكالة عطية وصالح هيصة وثلاثية الأمالي وزهرة الخشخاش ونسف الأدمغة. وترجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والصينية والكورية والأردية.