"فيس بوك" أشهر موقع إجتماعى على الإنترنت، أصبح هذه الأيام مادة دسمة لكافة التقارير الإخبارية المختلفة خاصة السياسية منها، لذلك لم يكن غريباً أن تُطلق وسائل الإعلام على العام الماضي عام ال"فيس بوك" بعد أن تحول إلى ظاهرة عالمية انجذب إليه عدد هائل من المستخدمين من مختلف البلدان. ورغم أن الهدف الأساسي الذى سعى إليه مارك جوكربيرج – ذلك المخترع الأمريكي العبقري - عند إنشائه هذا الموقع عام 2004 كان مجرد التعرف على الأصدقاء وخلق صداقات جديدة، إلا أن الموقع أخذ مساراً جديداً فى الآونة الأخيرة وبدأ في لعب دوراً سياسياً وأصبح ساحة جديدة للصراعات السياسة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع المستمر بين الاسرائيليين والفلسطينين. وهذه المرة برز "فيس بوك" علي الساحة السياسية عندما فرض الجيش الإسرائيلي قيودا عليه بعد ظهور صور عسكرية عليه ، حيث أدى فحص للموقع الى اكتشاف صور لغرف عمليات وقواعد جوية وغواصات عليه. وقال مسئول إسرائيلي لشبكة " بي بي سي" : "هناك أشياء لا نريد الجمهور أن يراها". ويشمل الحظر صور طيارين بزيهم العسكري وأعضاء القوات الخاصة والمناورات العسكرية. وكانت وزارة الدفاع الاسرائيلية قد أجرت تحقيقا في إمكانية أن تشكل بعض الصور المنشورة على الموقع خطرا أمنيا ، حيث اتضح أن بعض الجنود العسكريين يضعون صورا من خدمتهم العسكرية على الموقع. وقال مصدر في القوات الجوية الاسرائيلية "اتضح إن عمليات تصوير غير مسموحة قد جرت في قواعد القوات المسلحة بما فيها القوات الجوية"، مضيفا :"معظم الجنود لا يدركون مدى الخطر الذي يتسببون به". ويعتقد أن نشطاء فلسطينيين ولبنانيين يراقبون مواقع مثل فيس بوك للحصول على معلومات عسكرية اسرائيلية. وأضافت مصادر بوزارة الدفاع الاسرائيلية ان 100 جندي تعرضوا لعقوبات تأديبية بسبب خرقهم للقوانين ، وكانت أشد العقوبات قضاء شهر في السجن بينما تلقى البعض تحذيرات بامكانية معاقبتهم لاحقا اذا كرروا المخالفات. جذور الواقعة الإسرائيلية وكان متحدث باسم الجيش الاسرائيلي قد منع نشر صور ومعلومات تخص الجنود الإسرائيليين علي موقع " فيس بوك " لما رأه من تهديد للأمن القومي الاسرائيلي . وأكد تقرير نشرته صحيفة " هآرتس الإسرائيلية " أنه في الفترة الأخيرة شاع استخدام موقع "فيس بوك" بين جنود السلاح الجوي ، حيث يقومون بكتابة مذكراتهم ونشر صورهم داخل الطائرات وداخل معسكراتهم ، مما جعل المخابرات العسكرية تنذر الجنود وتطالبهم بحذف كل ما يتعلق بهم من صور ومعلومات ومحادثات تخص الحياة العسكرية .
موقف سوري مشابه
وهذه الأمور ليست بجديدة علي موقع فيس بوك ، فقد استيقظ آلاف السوريين علي قرار مفاجيء للسلطات الأمنية في سوريا يقضي بحجب موقع "فيس بوك" مما أحبط عشرات آلاف الشباب واليافعين في سوريا الذين اعتادوا على استخدام الموقع.
وكان السوريون قد اعتادوا على أن تقوم السلطات السورية المعنية بالاتصالات وتبادل المعلومات بحجب مواقع على شبكة الإنترنت وخاصة تلك المتعلقة بالأحزاب المعارضة والمواقع السياسية التي توصف بغير الصديقة أو التي تنتقد الأداء الحكومي السوري أو السلطة السورية.
ولم تبرر السلطات أو تعلن بشكل مسبق عن حجبها للموقع، ورجحت أوساط متابعة أن يكون سبب الحجب المجموعات والصفحات التي يقوم كتاب ومثقفون وفنانون سوريون بإنشائها في الموقع والتي كثرت في الآونة الأخيرة واحتوت على مجموعات قد لا ترضي النظام أو تقلق بعضهم.
ويضاف موقع " فيس بوك " لمئات المواقع الأخرى التي تحجبها السلطات السورية، والتي حصر تجمع "شباب سوريا من أجل العدالة" بعض هذه المواقع التي لا تقتصر على المواقع الإخبارية المهتمة بالشأن السوري أو مواقع الأحزاب والمنظمات السورية بل يتعداه إلى مواقع بعض الصحف العربية ومواقع بعض الخدمات العالمي.
ويشهد "فيس بوك" الآن مواجهة عربية بعد إقدام القائمين عليه بإسقاط اسم فلسطين من قائمة البلدان التي يختارها المشاركون في الموقع عند تسجيل مشاركتهم وحرمان آلاف الفلسطينيين من أعضاء الشبكة, من اختيار فلسطين كمكان انطلاقهم, وبعد استطلاعات رأي لشهور, جمع خلالها 10509 توقيع أعادت إدارة "فيس بوك", اسم فلسطين إلى القائمة.
في الوقت الذي أشارت فيه صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن شكاوى من مستوطنين يهود غاضبين من إدراج موقع "فيس بوك" لهم كسكان في "فلسطين" دفعت الموقع إلى السماح للمستخدمين بتغيير ذلك إلى "اسرائيل".
واحتج مستخدمون للموقع يقيمون في مستوطنات "معاليه ادوميم" و"اريئيل" ومستوطنات كبيرة أخرى في الضفة الغربيةالمحتلة لأن الموقع يدرج المستوطنات أوتوماتيكيا بأنها في "فلسطين"، واتهم مجموعة من المستوطنين الشركة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها بامتلاك أجندة سياسية.
ومن جانبه، أكد براندي باركر، مدير الاتصالات في "فيس بوك" إن المستخدمين الذين يسكنون في الكتل الاستيطانية الرئيسية يمكنهم الآن الاختيار بين إدراجهم كسكان في "فلسطين" أو "إسرائيل".
وشكل مستخدمون فلسطينيون مجموعة خاصة في "فيس بوك" ، هدد أعضاؤها بإغلاق حساباتهم إذا تم إلغاء فلسطين من الموقع، ويزيد عدد المجموعة عن 4700 عضو.
وقال صافي القدومي مؤسس المجموعة: "لقد شكلنا المجموعة بهدف إسماع صوتنا ليس فقط لإدارة الموقع وإنما أيضاً لجميع مستخدميه، بأن فلسطين كانت وستبقى دائما دولة".
وأضاف باركر أن الموقع يسمح أيضا لسكان مدينة الخليل في الضفة الغربية بتسجيل أنفسهم على أنهم إما سكان في اسرائيل أو فلسطين. ويقيم في الخليل نحو 150 ألف فلسطيني ونحو 400 مستوطن يهودي.
وتابع أن نحو 18 مستوطنة بالضفة الغربية مسجلة حاليا على الفيس بوك مضيفا أنه ستجرى اضافة المزيد في المستقبل مع منح المستخدمين الاختيار بين التسجيل كسكان اسرائيل أو فلسطين.
وشكل مستخدمو الموقع الفلسطينيون مجموعتهم الخاصة وهدد أعضاء المجموعة بشطب صفحاتهم على الموقع اذا أزيلت فلسطين من على الموقع. وقالت المجموعة "اذا أزيلت فلسطين من الفيس بوك سأغلق صفحتي ."
فيس بوك.. ساحة حرب جديدة
وصلت أهمية "فيس بوك" للدرجة التى جعلت رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، وفي الحفل الأخير لإحياء ذكرى الهولوكوست، يُطالب الشباب اليهودي باستخدام موقع "فيس بوك " ل"محاربة اللاسامية"، وهو ما وجد فيه الصحفي والمحلل السياسي الإسرائيلي، يعقوب عزرا، دليل على إدراك أولمرت لمدى قوة هذه الوسائل وتأثيرها".
ويبدو أن الجهات الرسمية الإسرائيلية تبدي اهتماماً في الموقع الذي سجل 60 مليون مشترك على مستوى العالم مع نهاية العام الماضي، والذي لم يعد للترفيه، والتسلية، وتبادل الصور، والفيديوهات فقط، فالقنصلية الإسرائيلية في نيويورك، أسست لها صفحة على "فيس بوك "، بهدف "إفساح المجال لمشتركي الموقع للتعرّف على أوجه إسرائيل الحقيقية.
"إسرائيل ليست دولة "
"إسرائيل ليست دولة .. احذفوها من لائحة البلدان على الموقع"، عنوان لمجموعة عربية تضم آلاف الأمريكيين والأجانب وحتى اليهود على موقع "فيس بوك"، عدد أعضائها 36 ألفاً، وتطالب باعتبار إسرائيل "كياناً غاصباً" لا دولة، تؤكد أنها "غير موجهة ضد أحد"، و"تشجع السلام العادل والشامل في الأراضي الفلسطينية"، لاسيما أنها تركز على تثقيف القارئ، حول تاريخ فلسطين، وعلى إظهار الفرق بين "الصهيونية"، و"اليهودية"، و"السامية".
في الجهة المقابلة، هناك مجموعة على شبكة إسرائيل في الموقع تطالب بإلغاء المجموعة السابقة باعتبارها معادية للسامية، يبلغ عدد أعضائها قرابة 22 ألفاً، في حين يطالب أكثر من 49 ألفاً بإلغاء مجموعة أخرى بعنوان "إسرائيل دولة إرهابية نكرهها جميعاً"، بينما بدأ إسرائيليون بتأسيس مجموعة بعنوان "فلسطين ليست دولة" لم يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة بعد.
والمعروف أن معارك فيس بوك بين الفلسطينيين والعرب من جهة والإسرائيليين ومؤيديهم في الغرب من جهة أخرى كثيرة، وبعضها طاحناً، يكافح عبرها شباب وفتيات فلسطينيون، بمبادرات فردية من أجل نقل الصورة الحقيقية عما يحدث على أرض الواقع، وتكذيب الروايات الإسرائيلية المضللة.