الرياض: أكد الدكتور عبد الله بن وكيل الشّيخ الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية- أنّ أهل العلم اختلفوا في تعجيل الزَّكاة قبل تمام الحول على قولين، بين جواز تعجيل الزَّكاة، وبين عدم جواز تعجيلها. وقال الشيخ: إن القول الأول رأى بجواز تعجيل الزَّكاة، مستدلا بما جاء في السّنة، عن حديث عليّ رضي الله عنه : أنّ العباسَ سألَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عن تعجيل صدقته قبل أنْ تَحِلَّ، فرخّص له في ذلك، وفى حديث نافع: أنّ ابنَ عمر كان يُعطي زكاة الفِطر الذِّين يقبلونها، وكانوا يُعْطَوْنَ قبل الفطر بيومٍ أو يومين، وكذلك قال السرخسي وابنُ رجب وغيرهما على جواز تعجيل الزَّكاة، بالقاعدة الفقهية: (العبادات كلّها: سواء كانت بدنيّة، أو ماليّة، أو مركّبة منهما - لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب) ، ومن فروع هذه القاعدة: (زكاة المال: يجوز تقديمها من أوّل الحول بعد كمال النّصاب). وقال الشيخ في دراسته التي نشرت على موقع " الإسلام اليوم" بعنوان" تعجيل الزَّكاة": إنه بناءً على هذه القاعدة: فإنّه يمكن القول: بجواز تعجيل الزَّكاة: منوط بملك النِّصاب، وهو سبب وجوب الزَّكاة ، (فإن لم يكن عنده نصاب، وقال: سأعجِّل زكاة مالي؛ لأنه سيأتيني مال في المستقبل، فإنّه لا يجزئ إخراجه؛ لأنّه قدّمها على سبب الوجوب، وهو مِلك النِّصاب، مثال ذلك: رجل عنده (190) درهمًا، فقال: أريد أن أُزكّي عن (200)، فلا يصح؛ لأنّه لم يكمل النِّصاب، فلم يوجد السبب، وتقديم الشيء على سببه لا يصح، فإنْ ملك نصابًا، وقدّمها قبل تمام الحول: جاز؛ لأنّه قدّمها بعد السبب وقبل الشرط؛ لأنّ شرط الوجوب: تمام الحول). وتطرقت الدراسة إلى القول الثاني القائل: بعدم جواز تعجيل الزَّكاة مستدلين في ذلك بحديث ابن عمر، عن النبي- صلى الله عليه وسلم-:"لا زكاة على مال حتى يحول عليه الحول". وبَّين البحث أنه قد أجاب أصحاب القول الأول على هذا الحديث، من وجهين: الأول: أنّ حديث ابن عمر لا يصح مرفوعًا، وإنما هو موقوف على ابن عمر، قوله. الثاني: أنّه لا تعارض بين حديث ابن عمر، وبين حديث العباس، وأبي هريرة، وغيرها من الأخبار الواردة في جواز التّعجيل؛ وذلك لأنّ المقصود بحديث ابن عمر: أنّه لا زكاة في المال المستفاد حتى يحول عليه الحول، والمال المستفاد هو: (المال الذي حصل للرجل في أثناء الحول من هبة أو ميراث أو مثله، ولا يكون من نتائج المال الأول). وقال الترمذي: (وقد رُوِيَ عن غير واحد من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم-:"أنْ لا زكاة في المال المستفاد حتى يحول عليه الحول"، وبه يقول: مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحق). وخَلُص البحث إلى أن القول بالجواز أرجح من ناحية الدليل، ومن ناحية النّظر والفقه، وأنّ التّعجيل جائز لسنة أو لسنتين أو أكثر ما وَجدت الحاجة موضعها.. فإنّه إذا صحّ أصل التعجيل؛ فإنّ زمن التعجيل يُترك تعيينه بحسب الحاجة النازلة، وقد رأينا مَن يذهب إلى جواز التعجيل لثلاث سنوات، وهناك مَن أطلق القول بجواز التعجيل دون تعيين زمن، وهذا هو الأظهر، فإنّ ورود ذِكر السنة أو السنتين في بعض الأخبار لا يُستفاد منه اشتراط السنة أو السنتين في صحّة التعجيل.