د. عزة كريم: لابد من حماية المرأة من نفسها حتى لا تلقى مصير "براقش"..! المستشار محمد على سكيكر: هذه القوانين تحريض علنى للمرأة ضد الرجل الطلاق، العنوسة، ممارسة علاقات جنسية بغير زواج، الإحجام عن الزواج، الزواج العرفى، زواج المتعه والمسيار، الخلع على أهون سبب، كلها ظواهر تزامن ظهورها فى مجتمعاتنا العربية مؤخرا وإقرار حزمة من القوانين نسوية الطابع، تم فرضها فرضا عبر سعى دؤوب من جانب الجمعيات الحقوقية بدعوى الدفاع عن حقوق المرأة، وهى ذات القوانين التى صار لها التأثير الأعمق فى المجتمعات الغربية، مُخَلِّفة دمارا غير مسبوق فى تاريخ البشرية على المستوى الخلقى والعائلى، لدرجة أن أصبحت الغالبية العظمى من العلاقات خارج نطاق مؤسسة الزواج، وأن بات تعداد أبناء الزنا أضعاف أعداد المواليد من نتاج العلاقات الزوجية، وذلك بحسب إحصاءات رسمية دولية لا مجال للتهوين من شأنها. أما اللاتى تبنين نشر القوانين ذاتها فى بلادنا فقد تمسكن على الدوام بأمرين أساسيين، أولهما النفى المستمر والقاطع لاتهامات بالتبعية لأجندة غربية، وثانيهما التأكيد على أن تطبيق القوانين المعروفة ب"قوانين المرأة" لا يعنى بالضرورة التحيز لصالح المرأة ضد الرجل، وأنها تحقق مصلحة المجتمع ككل. السطور التالية تسبر المزيد من أغوار تلك القضية الهامة .. كما سنرى،،، تصريح بالجنس "إنها تحريض علنى للمرأة ضد الرجل" .. هكذا وصف محمد على سكيكر – المستشار بمحكمة النقض – حزمة قوانين المرأة التى تم صياغتها فى الغرب وتطبيقها فى الشرق، من منطلق غزو فكرى ولا شيئ آخر، وأضاف بقوله أن القانون الذى يقدم حضانة الجدة للأم، على حضانة الأب فى حالة الطلاق، والقانون الذى يجعل من الخلع أسهل وسيلة لإنهاء الحياه الزوجية ويُمكن المرأة من الاستيلاء بكل بساطة على مسكن الزوجية وحضانة الأبناء، والقانون الذى يجعل حق الرؤية فى يد المرأة تمنحه حيث تشاء وتمنعه كيفما تشاء – والمحاكم تشهد – والقانون الذى يحكم على المُطَلَّق بالسجن إذا لم يلتزم بدفع النفقة حتى فى حال تعثره، كلها تصب فى خانة واحدة هى تدمير قيمة الزواج وهدم المجتمع بأكمله، وفقا لبنود اتفاقية "سيداو" المشبوهة التى يتم تطبيق بنودها على العالم كله بتوسع يتزايد يوما بعد يوم. ويواصل بقوله، إنها ذات الاتفاقية التى تشجع الشباب والفتيات على الدخول فى علاقات جنسية صريحة بمجرد البلوغ، وذلك مع تذكيرهم دائما باتخاذ الاحتياطات اللازمة لممارسة الجنس بأمان، باعتبار أن حق الجنس من حقوق الإنسان، وهى أيضا التى تشطر ممتلكات الزوج فى الغرب عند الطلاق إلى نصفين، نصف له ونصف تستولى عليه الزوجة على اعتبار أنها هى التى كانت تضحى طوال الوقت بينما كان هو يستعبدها أيضا طول الوقت، وبالمناسبة بدأنا مؤخرا نسمع أصواتا نسوية تطالب بتطبيق الأمر ذاته فى مصر وغيرها من دول المنطقة. إن كل هذه العوامل وغيرها – يقول "المستشار سكيكر – تعد من أهم العوامل التى أدت لإحجام الرجل الغربى عن الإقدام على تجربة الزواج التى يمكن أن تتحول إلى وبال علي مستقبله بالكامل، مفضلا الاتجاه للعلاقات الخارجة عن مؤسسة الزواج، فهل هذا مايريدون لمجتمعاتنا العربية أن تصل إليه؟؟ القانون ليس الحل من جانبها تحدثت د. سحر طلعت – الاستشارية فى الشئون الأسرية – قائلة، "فى تحليلي لهذا الأمر لن أتطرق للشق الشرعي أو القانوني على أهمية كل منهما، ولكنني سأركز على الشق الاجتماعي للمسألة .. والحقيقة أننا نحتاج أن ننظر بعمق لمثل هذه القوانين .. لماذا تسن؟ وما هي تبعاتها؟ مثل هذه القوانين المسماه بقوانين المرأة تسن لإدارة مؤسسة أخرى غير مؤسسة الأسرة .. مؤسسة غاب عنها معناها وفقدت أهم مقوماتها (المودة والرحمة والسكن).. مؤسسة فقد فيها الزوج قوامته إما لأنه غير مؤهل لها .. أو لأنه أساء استخدامها .. أو لغياب النضج والحكمة عند شريكته في هذه المؤسسة، وأضافت بقولها، إنهم لو شرعوا مئات القوانين فلن نجد زوجة تتميز بالحكمة والعقل وتجد من زوجها احتراما لعقلها وآدميتها ترضى أن تسافر بدون رضا زوجها، حتى لو صدر ألف "قانون" يحضها على ذلك، ببساطة لأن الزوجة في الأسرة التي يسودها المودة والرحمة يمكنها أن تتنازل عن الكثير من المكاسب الشخصية بكامل إرادتها إذا كانت مصلحة الأسرة تقتضي ذلك .. ولأن قوام هذه الأسرة هو الاحترام المتبادل بين طرفيها .. والمحرك لطرفيها هو تغليب مصلحة الأسرة على مصلحة كل فرد من أفرادها .. وكل أمورها تدار بالشورى، المشكلة – حسبما ترى د. سحر - أن مثل هذه القوانين تسن إما للتعامل مع تعنت أزواج غير ناضجين وغير مسئولين، أو لحل مشكلة زوجات غير ناضجات وغير مسئولات .. مما يعني أن هذه القوانين شرعت للتعامل مع أشباه الأسر ولا تهدد إلا أشباه الأسر، والتساؤل الآن هل تشريع مثل هذه القوانين يحل مشكلة هذه الأسر أم يفاقمها؟ هل القانون الذي يعطي الزوجة المزيد من الحريات هو الحل أم أننا نحتاج لحلول أكثر إبداعا؟ حلول لإنضاج الأفراد أزواجا وزوجات ليصبحوا قادرين على تحمل مسئولية أسرهم وليصبحوا أكثر قدرة على إدارة شئون هذه الأسر وإدارة العلاقة فيما بينهم، إن الواقع يقول – تقول – د. سحر - أننا نحتاج لآليات للتعامل مع النزاعات .. آليات أكثر مرونة من القوانين الصارمة .. آليات تستلهم روح الأسرة وتغلب مصلحتها على مصلحة كل فرد من أفرادها عند البحث عن حلول للمشكلات. حقيقة" النسوية" واستدركت د. سحر بقولها، أنا أعلم جيدا ما ينادون به وما يطمعون إليه .. ولست غافلة عن هذا وقد قرات في هذا الكثير .. وأعتقد أنني على علم جيد بما يطلق عليها "النسوية" وبكل المعاهدات الدولية وما ترمي إليه من تمييع الأسرة، وقد استطعن هؤلاء عبر منابرهم الإعلامية أن يؤثرن على قطاعات متزايدة من النساء فى المجتمعات العربية، والواقع أننى أرفض تماما أن يكون الرد على تطرف الرجل فى ظلم المرأة عبر عقود ماضية، بتطرف مضاد مُوجه من المرأة ضد الرجل. وفى نهاية تعليقها أعلنت د. سحر رأيها واضحا بقولها، أنا مع قوامة الرجل القائمة على المسئولية لا على التسلط، وأنا مع طاعة المرأة لزوجها باختيار وحب لا بإذعان، فمن غير المقبول مثلا أن يمن الرجل على زوجته بما أنفقه عليها ومن غير المقبول أن تمن الزوجة على زوجها بما قدمت من خدمة ورعاية، وبالتالى فإما أن نعيش سويا بالمعروف أو أن نفترق بالمعروف .. ويظل الفضل مذكورا فيما بيننا بديلا عن التخوين والاساءات المتبادلة، هذا ما أعمل من أجله وما أحلم أن يسود. شبح العنوسة اللواء أحمد جاد منصور – الخبير الأمنى والاجتماعى – يرى أنه مع حماية حق كل مواطن فى حياة كريمة مهما كان جنسه أو هويته، إلا أنه وفيما يتعلق بقوانين المرأة الصادرة مؤخرا، فمن المؤكد أن هناك شئ ما خطأ – على الأقل – فى أسلوب تطبيقها، فعلى سبيل المثال لا خلاف على أن "الخلع" له أصل من الناحيتين الشرعية ثم التشريعية، إلا أن الملابسات القانونية له قد شجعت النساء على اختلاع أزواجهن على أهون سبب كما يقولون، كما أن خروج المرأة إلى سوق العمل بكثافة شديدة ولمجرد إثبات حقها فى المساواة بالرجل، قد أدى إلى مضاعفة مأساة البطالة فى كثير من المجتمعات العربية، وهو ما تسبب بدوره فى انعدام قدرات قطاعات كبيرة من الشباب على فتح بيت ومن ثم إقامة حياه زوجية، ومن هنا تكرست مشكلة أخرى ألا وهى "العنوسة"، التى بات شبحها يخيم على آلاف البيوت العربية، إلا أن ما هو أخطر من كل ذلك على هذه المجتمعات، هو تضافر كل من ظاهرتى العنوسة والبطالة لدفع الشباب من الجنسين دفعا إلى الانزلاق فى مستنقع العلاقات غير الشرعية لإشباع رغباتهم الجنسية الطبيعية فى ظل تبخر حلم الزواج. ليست وحدها السبب د. عزة كريم – الأستاذ بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية – ظواهر مثل الطلاق والزواج العرفى وتفشى الزنا فى مجتمعاتنا العربية مؤخرا، إلى أسباب كثيرة وليس فقط كنتيجة للثغرات التى نشأت عند تطبيق قوانين المرأة، مشيرة إلى أن الأزمات ذات الخلفية الاقتصادية التى فرضت نفسها على بعض البلدان العربية، سواء كانت بسبب الفقر الفاحش أو حتى الغنى الفاحش، إلى جانب الانهيار الأخلاقى الرهيب الذى يزلزل الكيانات المجتمعية فى بلادنا على خلفية اختفاء القدوة السليمة وسواد النماذج الفاسدة فى كثير من المجالات، خصوصا الفنية والثقافية، كلها أسباب تقف جنبا إلى جنب وراء تفاقم ظواهر سلبية كتلك. وأوضحت د. كريم، أن تقييما مستمرا ونزيها يجب أن تخضع له القوانين ذات الطابع النسوى، بهدف التصحيح المستمر وعلاج القصور وبالتالى حماية المرأة من نفسها حتى لا ينطبق عليها المثل القائل "وعلى نفسها جنت براقش"..! محو هوية وانتهى خيط الحديث إلى الدكتور "عبد الفتاح الشيخ" – أستاذ العقيدة وعميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر – ليؤكد استنكاره لما وصفه لمحاولات محو الهوية الدينية لمجتمعاتنا العربية لصالح الهوية الغربية، منزوعة الدين والأخلاق على حد سواء. استدل د. الشيخ على قوله هذا بمطالبة بعض الحقوقيات من النساء بالقضاء على قوامة الرجل باعتبارها نوعا من العبودية وبإلغاء نصوص الشريعة الخاصة بالمواريث، بزعم أنها تكريس للظلم الذى تتعرض له المرأة، وحذر د. الشيخ من خطورة وصول هذه الأفكار إلى القيادات السياسية الحاكمة أو إلى عقول المواطنين العاديين عبر وسائل الإعلام غير المسئولة، التى أصبحت تروج لقيم من نوعية "الخلع أفضل وسيلة للمرأة للتخلص من مشاكلها مع زوجها"، وهو مايهدد أى مجتمع بالدمار الكامل. * جدير بالذكر أن عددا من المرجعيات الرسمية قد رصدت مؤخرا إحصاءات وُصفت بالمخيفة، وتعبر عن تدهور حاد فى البنية المجتمعية، تزامن وصعود نجم الجمعيات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة، وحيث أشارت الأرقام الرسمية التى أعلنها كل من المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن مصر قد باتت هى الأولى عالميا فى معدلات الطلاق، والأولى عربيا فى عدد حالات الخلع (!!) إلى جانب ارتفاع رهيب فى نسب العنوسة، لا يقاربها فيه إلا دول مثل تونس والأردن، التى تعتبر الأكثر تطبيقا فيما يتعلق بقوانين المرأة.