وصف د.يوسف القرضاوى رئيس «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، الازمة المشتعلة بين مصر والجزائر على خلفية الاحداث التى تلت مباراة منتخبى البلدين بام درمان الاربعاء الماضى بأنها من عصبية الجاهلية، وحمل على وسائل الإعلام التى اتهمها بالمسؤولية عن التصعيد واشعال الفتنة بين البلدين. وكشف القرضاوى فى الحلقة الماضية من «برنامج الشريعة والحياة» على فضائية «الجزيرة» عن رفض بعض الصحف الجزائرية نشر مقالات كتبها من اجل تهدئة الموقف، وهو ما اعتبره دليلا على حرص الإعلام على التصعيد وتوسعة نطاق الاختلاف والفتنة والمشاحنات، وزيادة النيران التى لن تحرق احدا إلا نحن. وأبدى القرضاوى تعجبه من وصول الامر الى حد ان اسرائيل دعت مصر والجزائر لضبط النفس، مضيفا: اننا اصبحنا اضحوكة فى الغرب الذى تتحدث وسائل إعلامه الآن عن ان العرب يتفرقون ويتشاحنون من اجل كرة قدم. ووجه رسالة الى كل العقلاء فى كلا البلدين حملهم فيها مسؤولية تهدئة الموقف ووقف اعمال العداء التى نشهدها، كما طالب الرئيس الجزائرى «بوتفليقة» بالعمل على تهدئة الموقف فى الجزائر والمبادرة من جانبه على وقف هذا التنازع. وكان القرضاوى توجه بنداء الى الرئيس الجزائرى عشية المباراة من اجل اطفاء نار الفتنة، وذلك حتى يكسب رضا الله، وثناء العقلاء من الخلق، ويجنب قومه عواقب وخيمة لا يكسب منها غير أعداء العرب والمسلمين، مذكرا بالتاريخ المشترك بين البلدين يوم قدم الجزائريون مليون شهيد فى معركة الحرية، ووقف المصريون وراءهم عسكريا واعلاميا وسياسيا، ودور المصريين فى تعريب التعليم والتحرير الفكرى والتنوير الدينى فى الجزائر. واعتبر القرضاوى ان «تلك التطورات المؤسفة نوع من الجاهلية المجتمعية، والتى تفرز التعصب للاصل والحمية للباطل، وهى التى قال ربنا فيها فى قرآنه: «اذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية»، مشددا ان الاسلام جاء وازاح هذه الجاهلية عندما نبذ روح العنصرية والتعصب، وأعلى قيمة الأخوة وجعلها الاساس، ويكفى ان تعرف انه بعد الاسلام لم يعد الناس ينادون بحسب اجناسهم، بل اصبح المسلم يفضل - احيانا - اخاه فى الدين على اخيه فى النسب. وطالب القرضاوى جمهور البلدين ان ينشغلوا بقضايا اهم تخص البلاد مثل البطالة والتعليم والفساد وغيرها، وان يعرفوا عدوهم الحقيقي، وان يهتموا بقضايا الأمة ويتوحدوا من اجل حلها، مؤكدا ان هذه الفتنة ملأت الفراغ الذى يعانى منه كلا البلدين على مستوى الاهداف والمشروعات الكبرى. وتعجب القرضاوى بشدة من دخول كل الفئات فى هذه المشاحنات والفتنة فى كلا البلدين قائلا: «الغريب ان الحكام والعوام دخلوا فى هذا الصراع، ودخل الخواص مع العوام، مع انه من المفترض ان يكون اهل الرأى والحكمة فى منأى عن هذا الصراع، ليهدئوا الموقف ويوقفوا هذه الفتنة».