تعرب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن رفضها البالغ للمشروع الخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1979 الخاص بالمحكمة الدستورية العليا، وكانت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب قد وافقت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 15 مايو لعام 2012 على مشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية المقدم من نائبين بحزب النور السلفي، وتمت إحالته للجنة التشريعية لمناقشته. ونجد أن التعديلات المقترحة في هذا المشروع تتنافي جملة وتفصيلا مع مبدأ أساسي وهو استقلال السلطة القضائية وحصانتها، ذلك المبدأ الذي أكدته كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية ومنها المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لاستقلال القضاء لعام 1985، كما أكد عليه المواد 46 و 47 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس لعام 2011. فمن خلال قراءة نصوص المشروع المقترح نجد أنه قد ضم بين طياته أخطاء تشريعية فادحة تعصف بما لا يدع أدني مجالاً للشك لمبدأ استقلال القضاء وسموه وقدسيته بما يؤدي في نهاية المطاف إلى العصف بمبدأ الفصل والتوازن بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية باعتباره أولي قواعد الحكم الديمقراطي الرشيد ودولة سيادة القانون، فقد جاءت المادة الخامسة من المشروع المقترح بتشكيل جديد للمحكمة الدستورية العليا على خلاف القواعد والأسس المتعارف عليها في تشكيل المحكمة الدستورية، كما تضمنت المادة السادسة عزل قض اة المحكمة الحاليين الذين لا ينطبق عليهم شروط المادة الخامسة وهذا أحد أشكال انتهاك مبادئ حقوق الإنسان من عدم قابلية القضاة للعزل. كما تضمن التعديل المقترح أيضا تعديل المادة 25 من القانون والخاص بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح من خلال إضافة " عدا القوانين التي يقرها مجلس الشعب بأغلبية ثلاثة أرباع أعضائه، فيمتنع على المحكمة مراقبة دستوريتها، كما يتم وقف تنفيذ حكم المحكمة بعدم دستورية أي نص قانوني يترتب عليه حل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية إلا بعد انتهاء مدة هذه المجالس"، وهذا عوار تشريعي فادح للغاية، فقد تضمنت هذه المادة أخطاء تشريعية خطيرة، الأول؛ أنه بموجب هذا القانون يحق للسلطة التشريع ية أن تصدر قوانين لا يتم البت في صحة دستوريتها مما يعد مخالفة واضحة لمبدأ المشروعية وسابقة خطيرة لأنه على هذا النحو يحق للتشريع وهو النص الأدنى مخالف الدستور وهو النص الأعلى، والمفترض أن التشريع لا يخالف بأي حال من الأحوال الدستور باعتباره أسمي وثيقة قانونية في الدولة، وبالتالي كيف يتم تشريع معين وهناك احتمال أن يكون هذا التشريع مخالف للدستور ويصبح نافذا لمجرد إقرارها بأغلبية خاصة وهنا يفتح الباب أمام صدور عدد من القوانين التي تنتهك الحقوق والحريات العامة وحقوق الإنسان، والخطأ الثاني يتعلق بوقف تنفيذ أحكام المحكمة التي يترتب عليها حل ا لبرلمان، وهنا كيف يستمر برلمان على سبيل المثال لمدة خمس سنوات ، وصدر حكماً بعدم دستورية القانون المنشأ له. وفي هذا الصدد؛ تري المنظمة أن مقترح القانون سالف الذكر يعد نكسة على كافة المستويات وعدوان صارخ من البرلمان على صلاحيات السلطات الأخرى سواء التنفيذية أو القضائية، وهو أمراً لا يمكن قبوله باحتكار البرلمان كافة السلطات داخل الدولة، فطرح مشروع تعديل المحكمة الدستورية العليا على هذا الشكل يثبت أن هذا القانون طرح من قبل البرلمان كرد فعل واقعي على مناقشة المحكمة كل من قانون العزل السياسي والحكم أيضا على مدي دستورية قانون الانتخابات والتي تم بمقتصاها إجراء الانتخابات البرلمانية (2011-2012)، وهنا فإن هذا القاÙ �ون بمثابة ملجأ أخيراً يريد مجلس الشعب من خلاله أن يقي نفسه من احتمالية الحل، فضلا عن كون العزل السياسي يحميه من وصول أشخاص معنية تابعة للنظام السابق إلى سدة الحكم في مصر، وهنا فالبرلمان يريد على النحو السالف حماية نفسها من السلطة القضائية والتنفيذية على حد سواء في المرحلة المقبلة ويفرض سلطاته على السلطات الأخرى. ومن جانبه أكد حافظ أبو سعده رئيس المنظمة على مجلس الشعب أن يلتزم حرفيا بالقسم الذي ينص على احترام القانون والدستور والنظام الجمهوري، ولا يصدر تشريعات تنتهك حقوق الإنسان والحريات العامة.