د. علاء الأسواني إذا كان لديك ابنة فأنت بالقطع تحبها وتخاف عليها ولا تتحمل أية اساءة اليها .. اذا كان لديك ابنة فأنت لن تطيق أن يتحرش أحد بجسدها وأنت بالتأكيد مستعد للدفاع عنها بحياتك اذا تعرضت لاعتداء .. ابنتك جزء منك وأقرب الناس اليك . كيف تشعر اذن اذا اشتركت ابنتك الشابة في مظاهرة سلمية فقبض عليها الجنود واعتدوا عليها بالضرب المبرح والصعق بالكهرباء مع وابل من الشتائم المقذعة ... كيف تشعر اذا تم خلع ملابس ابنتك الشابة بالكامل ووقفت عارية تماما أمام الجنود الذين راحوا يستمتعون بتأمل جسدها العاري .. كيف تشعر عندما تعرف أن السجانة في السجن الحربي قد قالت لابنتك العارية : نامي على السرير عشان البك يكشف عليك كيف تحس عندما يرغمون ابنتك على أن تنام وهي عارية تماما حتى يقوم من يزعم أنه طبيب باجراء كشف العذرية عليها بينما الأبواب والنوافذ مفتوحة حتى يتفرج عليها الناس .. هذه الجريمة لم يفعلها الجنود الانجليز في النساء المصريات خلال عقود من الاحتلال البريطاني ولم يرتكبها الجنود المصريون في حق الاسرائيليين الذين تم أسرهم أثناء الحرب لكن هذه الجريمة للأسف ارتكبها مصريون ضد مصريات . في يوم 9 مارس عام 2011 تم القبض على عشرات المتظاهرين من ميدان التحرير بواسطة الشرطة العسكرية وتم تعذيبهم بوحشية ثم تم ارسال 17 فتاة مصرية الى السجن الحربي حيث تم ضربهن وصعقهن بالكهرباء ثم تم تعريتهن تماما أمام الجنود واجراء كشوف العذرية عليهن مما يشكل جريمة هتك عرض مكتملة الأركان وانتهاكا فاحشا لأبسط قواعد الانسانية والقانون والتقاليد العسكرية .. هؤلاء الجنود الذين هتكوا أعراض بناتنا وأخواتنا كان يفترض أن يكون واجبهم الحفاظ عليهن وحمايتهن . ان الهدف الحقيقي من كشوف العذرية هو كسر نفوس المتظاهرات واذلالهن حتى يفقدن قدرتهن على الاستمرار في الثورة .. بعد أن تمت الجريمة تم تهديد البنات بواسطة أجهزة الأمن حتى يلزمن الصمت وللأسف فقد خفن جميعا الا بنت واحدة شجاعة اسمها سميرة ابراهيم قررت أن تفضح المجرمين الذين هتكوا عرضها. وعندما ذاع الخبر وتحولت كشوف العذرية الى فضيحة كبرى أنكر حدوثها أعضاء المجلس العسكري في البداية ثم عادوا واعترفوا بها.. اشتدت التهديدات والضغوط على سميرة ابراهيم لكنها ازدادت اصرارا على المطالبة بحقها بل أنها أفلحت في اقناع ضحية أخرى بأن تحكى ما حدث لها .. المشكلة هنا أن المجلس العسكري يمتلك نفس أدوات مبارك وهو يسيطر على جهاز الدولة بالكامل ويوجهه وفقا لارادته .. لقد تم نظر قضية كشوف العذرية أمام القضاء العسكري الذى هو ( مع احترامنا لأعضائه ) قضاء غير مستقل لأن القاضى العسكري ضابط له رتبة وله رؤساء لايمكن أن نتصور أنه يستطيع مخالفة أوامرهم ولأن المشير طنطاوي من حقه الغاء الأحكام أو تخفيفها كما يشاء .. هذا الأسبوع قضت المحكمة العسكرية ببراءة الضابط المتهم بهتك أعراض بنات مصر في حادثة كشوف العذرية .. .. ان هذا الحكم يعنى ببساطة أن الظلم لازال متحكما في بلادنا . .. لازال نظام مبارك في السلطة ولازال القانون يطبق عليك وفقا لشخصك ومرتبتك الاجتماعية وآرائك السياسية . عندما دخلت سميرة ابراهيم الى السجن الحربي فوجئت بصورة كبيرة للرئيس المخلوع مبارك معلقة على الحائط . سألت سميرة الضابط : لماذا تحتفظون بصورة مبارك .؟. أجابها الضابط بموجة من الشتائم ثم قال : حسني مبارك لازال رئيسنا ونحن نحبه هنا مربط الفرس . ان المجلس العسكري ينتمى فعلا الى نظام مبارك فكرا وقولا وهو قد سعى جاهدا خلال عام كامل حتى يحول الثورة الى انقلاب .الثورة اعتبرت تنحية مبارك الخطوة الأولى نحو اسقاط نظامه وبناء نظام جديد لكن المجلس العسكري اعتبر تنحية مبارك خطوة لا مفر منها من أجل الحفاظ على نظام مبارك . . المجلس العسكري مسئول عن كل الأزمات المصطنعة التى تم الضغط بها على المصريين حتى يكرهوا الثورة ويندموا على القيام بها . . المجلس العسكري هو المسئول عن الانفلات الأمنى وارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية وعن كل المذابح التى تم ارتكابها في حق المصريين في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد وهو المسئول الأول عن كشوف العذرية و فقء عيون المتظاهرين وقتلهم بالرصاص الحي والغاز ودهسهم بالمدرعات وهتك أعراض بنات مصر وسحلهن في الشوارع .. هذه الحقيقة . ان المجلس العسكري المسئول الأول عن كل ما يحدث في مصر . بيننا وبين المجلس العسكري دماء شهداء وأعراض بنات مصر .لايمكن أن نسكت الا بعد أن يحاكم كل من قتل المصريين وهتك أعراض النساء وينال المجرمون جزاءهم العادل . في كل مرة ننتقد فيها المجلس العسكري نؤكد أن نقدنا لا علاقة له بالقوات المسلحة كمؤسسة وطنية نفخر بها جميعا . ان الجيش المصري ليس ملكا للمجلس العسكري وانما هو ملك للشعب المصري . المجلس العسكري يتولى مهام رئيس الجمهورية أثناء الفترة الانتقالية وبالتالي فهو سلطة سياسية من الطبيعى أن نختلف حول أدائها ومن حقنا بل من واجبنا أن نصوب أخطاءها ونواجهها بآرائنا مهما تكن قاسية مادمنا نستهدف المصلحة الوطنية . كل هذا بديهي لكن المجلس العسكري تماما مثل قائده الأعلى المخلوع حسني مبارك لايطيق النقد ويضيق بمن يقول الحق ويستمع الى الطبالين والزمارين ويعتبر كل من يعارضه محرضا على كراهية الجيش .. المجلس العسكري تماما مثل مبارك لا يقبل الا بالسلطة المطلقة ويريد أن يكون دائما فوق المساءلة والنقد .. العدالة في عرف المجلس العسكري أن يقتل المصريون بالرصاص وتفقأ عيونهم وتهتك أعراض المصريات ويسحلن في الشوارع فلا ننطق بكلمة اعتراض .. اذا قلنا ان المجلس العسكري مسئول سياسيا عن كل هذه الجرائم يغضب المجلس العسكري ويعتبرنا مغرضين نستهدف اسقاط الدولة . . نفس منطق مبارك الذى كان يعتبر أى نقد لسياساته تطاولا على مصر كلها ويعتبر معارضيه قلة مندسة مأجورة .. لقد فعل المجلس العسكري كل شيء من أجل اجهاض أى تغيير حقيقي في مصر ، وقد أصبح واضحا الآن أنه يريد أن يسيطر على السلطة حتى ولو لم يتولاها مباشرة . في مصر الآن لدينا مجلس شعب منتخب ورئيس وزراء ووزراء كثيرون لكنهم جميعا لايملكون سلطات حقيقية . انهم فقط يتكلمون ويعقدون الاجتماعات ويلقون بالبيانات لكننا نعلم جميعا أن المجلس العسكري وحده هو دائما صاحب القرار النهائي .. استمرارا لنفس السياسة تم انشاء لجنة عليا للاشراف على انتخابات الرئاسة ثم تم تحصين كل قراراتها بحيث لايجوز الطعن أو الاعتراض عليها وطبقا لبيان أصدرته حملة المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح فقد بدأت علامات التزوير في انتخابات الرئاسة ، موظفو الشهر العقاري يحررون التوكيلات لمرشح معين ويتقاعسون عن توكيلات المرشحين الآخرين وعندما يذهب المواطنون لتحرير محاضر بهذه المخالفات فان ضابط الشرطة يرفض ويقول لهم اذهبوا الى اللجنة العليا ... في الآونة الأخيرة توالت القضايا الملفقة على كل من يعارض سياسات المجلس العسكري ..آخر هذه القضايا الملفقة كان المتهمون فيها : ممدوح حمزه وأبوالعز الحريري وزياد العليمي ووائل غنيم ونوارة نجم وأسماء محفوظ وجورج اسحاق وبثينة كامل ويسري فوده وريم ماجد وسامح نجيب وكاتب هذه السطور .. في الحقيقة يشرفنى أن أكون مع هذه الأسماء لأنهم حقا كوكبة من أنبل وأشرف الشخصيات الوطنية في مصر .. ان التلفيق في هذه القضية بالذات قد تم بطريقة بدائية وساذجة .. لقد تقدم 700 شخص ( من المواطنين الشرفاء ) ببلاغات الى النائب العام ضدي وزملائي وبالطبع وجهوا الينا نفس التهم التقليدية التى طالما استعملها حسني مبارك للتخلص من أصحاب الرأى : " اثارة البلبة وتكدير السلم الاجتماعي والتحريض ضد قيادة القوات المسلحة والعمل على اسقاط الدولة وزعزعة الاستقرار الخ .... كلها تهم مطاطة وفارغة بلا معنى ولاسند قانوني. لقد أصدر النائب العام بيانا أعلن فيه أنه قد أحال البلاغات المقدمة ضدنا الى القضاء العسكري لأنه جهة الاختصاص .. هنا تثور أسئلة كثيرة : . . هل يجوز قبول بلاغات أشخاص لا علاقة لهم بالواقعة موضوع البلاغ ..؟! هل يمكننى أن أتقدم ببلاغ أتهم فيه شخصا بالاساءة الى شخص آخر بينما أنا لاعلاقة لي بالاثنين ..؟! .. كيف تقدم 700 مواطن مرة واحدة ببلاغات الى النائب العام ..؟! هل استمعت النيابة الى أقوال 700 شخص في بلاغاتهم المقدمة وكم من الوقت استغرقه الاستماع الى هذا العدد المهول من الناس ..؟! واذا لم يكن النائب العام قد استمع اليهم فهل يجوز قبول بلاغاتهم بدون التحقق من شخصياتهم والاستماع الى أقوالهم . ..؟ ان النائب العام هنا يرسي قاعدة غريبة مخالفة للقانون تجعل من السهل على أى شخص أن يرسل بلاغه بالبريد فيتم قبوله .. ثم لماذا أحال النائب العام هذه البلاغات بسرعة الى القضاء العسكري قبل أن يستمع الى أقوالنا ...؟! لسنا عسكريين فلماذا نحاكم أمام القضاء العسكري ..؟ أين الشق العسكري في هذه القضية العجيبة ..؟! نحن انتقدنا المجلس العسكري باعتباره سلطة سياسية ولم نتكلم اطلاقا عن الشئون العسكرية ..؟! , . القضية باطلة من أولها لآخرها لكن المجلس العسكري يريد أن يعاقبنا لأننا تجرأنا وانتقدنا سياساته .لقد أعلن رئيس القضاء العسكري انه بصدد دراسة البلاغات المقدمة ضدنا ليرى ما سوف سيتخذه اجراءات بشأنها ...هذه رسالة تهديد واضحة .. يريد رئيس القضاء العسكري أن يقول لنا : اذا توقفتم عن نقد المجلس العسكري سوف نترككم في أمان أما اذا استمررتم في نقد المجلس العسكري فلسوف أحيلكم الى محاكمة عسكرية قد تنتهى بكم في السجن الحربي .. نحن نرفض هذا التهديد . نحن لا نخاف من محاكماتكم لأننا على حق وأنتم ظالمون . اذا كان ابداء الرأى قد أصبح جريمة عند المجلس العسكري فنحن نصر على هذه الجريمة .. سنظل دائما نقول الحقيقة : ان المجلس العسكري كسلطة سياسية مسئول عن أخطاء وتقصير وجرائم أودت بحياة أكثر من ثلاثمائة شهيد وآلاف الجرحي بخلاف البنات اللاتي تم سحلهن وهتك أعراضهن . .. . يجب أن يفهم المجلس العسكري أنه كسلطة سياسية ليس معصوما من الخطأ وليس فوق المحاسبة .... نحن ننتظر الاستدعاء الرسمي من القضاء العسكري . لن نخاف ولن نسكت عن الحق أبدا مهما يكن الثمن الذى سندفعه .