تشهد الساحة المصرية حاليا صراعا جانبيا بين منظمات المجتمع المدنى والحكومة والعسكرى بعدما ضيقت الحكومة الخناق على عمل هذه المنظمات فى مصر وأصبحت الأضواء مسلطة على عمل المنظمات المصرية والاجنبية وأهدافها الخفية والظاهرة ، وأصبحت مصر تتلقى التهديد مرة والرجاء مرة بترك منظمات المجتمع المدنى فى مصر بتعيد نشاطها لكن دون جدوى . فمن جانبه حث مايكل بوزنر مساعد وزير الخارجية الأمريكية الذى يزور القاهرة حاليًا الحكومة المصرية على تصحيح الممارسات التى قامت بها تجاه منظمات المجتمع المدنى فى مصر. وقال بوزنر فى بيان وزعته السفارة الأمريكية"إننا نرى العديد من التحديات القائمة ، أولها هو البيئة الصعبة التي تعمل بها منظمات المجتمع المدني ، وخصوصا تلك المجموعات التي تدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية. وعبر بوزنر فى بيانه أنه تم تقييد المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وقضايا الديمقراطية من خلال القوانين والممارسات الإدارية التي تقيد الحريات العالمية في التنظيم والتجمع والتعبير. وفي ديسمبر، داهمت قوات الأمن المصرية سبعة مكاتب للمنظمات غير الحكومية ، بما في ذلك أربع منظمات أمريكية، وصادرت الملفات وأجهزة الحاسب الآلي، وأخضعت موظفيها للتحقيق. وقال بوزنر "إننا نحث الحكومة بشدة على تصحيح هذا الوضع. حان الوقت للمصريين لخلق بيئة تمكن أعضاء المنظمات الاجتماعية من جميع الأنواع ، بما في ذلك حقوق الإنسان والمنظمات المناصرة للديمقراطية على العمل بحرية ، بما يتفق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان. وأعتبر بوزنر أن هناك تحديين آخرين تواجهها مصر أولها هو اعتماد الحكومة المستمر على سلطات الطوارئ في الاحتجاز. وقال لقد شجعنا إعلان المشير طنطاوي أول أمس الثلاثاء انه قد اتخذ خطوات لرفع حالة الطوارئ القائمة منذ عدة عقود. ويستمر الكثير من المصريين في الحث على رفع كامل للطوارئ – وهي وجهة النظر التي نتفق عليها. كما نحث على الاعتماد على المحاكم المدنية لمحاكمة الأفراد المخالفين للقانون. وحول التحدى الثالث قال بوزنر "إننا لا نزال تشعر بالقلق إزاء التوترات الطائفية الموجودة في مصر منذ فترة طويلة والتي أسفرت عن أعمال العنف في بعض الحالات. فإن عملية الإصلاح الدستوري القادمة توفر فرصة ممتازة لبناء الأسس القانونية التي تشجع التعددية والحرية الدينية لجميع المصريين. ويحدونا أمل كبير بأن العملية الدستورية سوف تكون شفافة وشاملة ، بحيث يكون جميع المصريين على ثقة بأن دستورهم الجديد سيوفر لهم المساواة، وسينال أكبر قدر من التأييد الشعبي. وقال إن التنوع في مصر هو مصدر قوة ، ولابد أن يكون هناك مكان في مصر الجديدة لجميع المواطنين ، بمن فيهم أفراد جميع الأقليات الدينية ، مثل الأقباط والشيعة والبهائيين والأحمديين واليهود. نأمل أيضا أن يستغل المصريون هذه العملية لضمان حصول النساء على فرص متساوية للمساهمة الكاملة في التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية لبلدهن. وقال بيان بوزنر إن زيارته لمصرتتزامن هذا الأسبوع مع افتتاح البرلمان المصري والاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للثورة المصرية بالأمس. وأضاف خلال الأيام الأربعة التي قضيتها هنا ، التقيت مع مسئولين حكوميين ، منهم نواب بالبرلمان الجديد ، و نشطاء المجتمع المدني. سمعت مجموعة واسعة من وجهات النظر من المسئولين الحكوميين والمدافعين عن حقوق الإنسان ، والزعماء الدينيين والمحامين والصحفيين والمدونين. كما تشاورت مع الزملاء الدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي. أكدت اجتماعاتي مع المصريين أن هذا هو وقت الأمل وإمكانية انتقال مصر نحو مزيد من الديمقراطية والمساءلة والحكومة المدنية. ولكنه أيضا وقت تخفيف التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تواجه هذا البلد. في الأشهر الأخيرة شهدنا انتخابات مجلس الشعب في مصر ، والتي شهدت مشاركة واسعة. وعندما انعقد مجلس الشعب للمرة الاولى يوم الإثنين ، نقل المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة التشريعية له ، وانتخب المجلس محمد سعد الكتاتني رئيسا له. واختتم بوزنر قائلا نحن نتطلع إلى مشاركة مفتوحة وبناءة مع مجلس الشعب الجديد بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك ، حيث يفي المشرعون بمسئولياتهم تجاه الشعب المصري. وسوف تكون كل من هذه المراحل علامة فارقة في التحول الديمقراطي في مصر. وكانت وزارة الشئون الاجتماعية قد طرحت مشروع قانون لعمل الجمعيات الأهلية، وتم الإعلان عنه فى ندوة «الرؤية المستقبلية للعمل الأهلي». المشروع أعده د.عبدالعزيز حجازى رئيس الاتحاد العام للجمعيات ومن المقرر أن تتلقى الوزارة جميع الاقتراحات الخاصة بشأنه على الايميل الخاص بالوزارة. وفى أول رد فعل على المشروع، رفض النائب محمد أنور السادات عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للجمعيات القانون معتبرًا أنه يضع قيودا على عمل المنظمات ولم يراع حتمية مشاركتها فى أى تعديل مستقبلى لقانون الجمعيات الأهلية. ووصف السادات القانون بالديكور الأهلى المزيف وصورة غير مسبوقة فى التسلط على مؤسسات المجتمع المدني، حيث جرم جميع أشكال التنظيم غير المسجلة داعيا الحكومة لضرورة أن ترفع يدها عن العمل الأهلى. وطالب السادات حكومة الجنزورى والمجلس العسكرى بالعمل على حماية مؤسسات المجتمع المدنى ومد جسور التواصل معها، مشيرا إلى أن هناك حملة منظمة لاغتيال وتشويه هذا القطاع. لأن القانون جرم كافة أشكال التنظيم غير المسجلة، مما يعوق العديد من المنظمات من ممارسة أنشطتهم وأدوارهم التنموية، وكذلك خلال حصولهم على الترخيص الرسمى الذى تقدموا بطلبه منذ سنوات. وطالب السادات الحكومة بأن تترك المجتمع المدنى الحرية فى أن يخرج القانون منه وإليه، بما يعزز استقلاليته ويمكنه من ممارسة أدواره الحيوية، مطالباً المجلس العسكرى وحكومة الجنزورى العمل على حماية مؤسسات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية، وكفالة حرية الممارسة لها، وكذلك التمويل المحلى والدولى فى الإطار الذى ينظمه القانون. وقد شكل البرنامج العربى لنشطاء المجتمع المدنى أمس وحدة لدعم المنظمات غير الحكومية وتخصيص خطين ساخنين لتلقى شكاوى النشطاء ومنظمات المجتمع المدنى المتعلقة بالعمل الأهلى فى مصر بدءًا من مرحلة التأسيس مرورًا بممارسة الأنشطة، وذلك لمواجهة حملات الثورة التى تهدف للإساءة لأنشطتها. بينما يعقب البرنامج اليوم الثلاثاء مؤتمرًا تحت عنوان قانون الجمعيات الجديد حول الحصار والمسار، حيث يتناول مشروع البرنامج والخاص ببناء ثقافة جديدة للعمل الأهلى فى مصر وذلك على خلفية الهجوم الذى تتعرض له مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر وحملات التشويه الممنهج فى محاولة واضحة لتهميش دورها فى الحراك الثورى وعملية التطور الديمقراطى. المؤتمر يشارك فيه عدد كبير من خبراء المجتمع المدنى ورجال القانون والمهتمون بالشأن العام لمناقشة المقترح الحكومى الذى طرحته وزارة التضامن الاجتماعى والخاص بقانون الجمعيات الأهلية. اما الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق ورئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية وعضو المجلس الاستشاري فقد أكد أن الفترة القادمة ستشهد توجيه اتهامات مقترنه بالمستندات لبعض منظمات المجتمع المدني التى تتلقى تمويلا من الخارج، مؤكدا ان هناك بعض المنظمات تلقت تمويلا من الخارج قبل الثورة وتم توظيف تلك الاموال لتدريب الشباب على القيام بالمظاهرات والاعتصامات. وأضاف حجازي أن عدد الجمعيات المسجلة في الاتحاد العام للجمعيات الأهلية 800 جمعية فقط من اجمالي 38 ألف جمعية. وأشار رئيس وزراء مصر الأسبق الى أن المنظمات الأجنبية يجب ان تحصل على موافقة وزارة الخارجية للعمل داخل مصر، قائلا إنه عندما ابلغ السفيرة الأمريكية السابقة أنه يجب تقييم أموال منظمات المجتمع المدني داخل مصر فكان ردها "فلونسا واحنا حرين فيها".