يعيش الوسط الرياضى الكروى فى مصر والجزائر حالة من المناخ السيئ الفاسد التى لم يصل إليها على مدار تاريخه بالكامل، وأحيط الوسط الرياضى بالمشاكل والأزمات على جميع الأصعدة "وعلى كل لون" مما ينذر بخطر قادم ويجب التصدى له قبل أن يزداد ويتفاقم. فأنا شخصيا ومن متابعتى للرياضة طوال عمري ومنذ التحاقى بالوسط الرياضى قبل أربعة عشر سنة لم أجد كم من التعصب والاحتقان مثل الذى نشاهده الآن، فدائما كان يشغل الوسط الرياضى قضية واحدة شائكة أو اثنتين على الأكثر، ولكننا فى الوقت الحالى نعيش فى أكثر من عشرين قضية شائكة وصعبة مما ينذر بعواقب وخيمة على الجميع. وللأسف الشديد فإن من يتابع صفحات الرياضة فى الجرائد فى الوقت الحالى سيعتقد أنه أخطأ العنوان وأنه يقرأ صفحة الحوادث من كثرة الحوادث والقضايا والشكاوى والمحاضر داخل الوسط الرياضي. يلتقى مساء يوم 14 نوفمبر المنتخب المصري الأول لكرة القدم مع نظيره الجزائرى في الجولة الأخيرة من مباريات تصفيات كأس العالم عن القارة الأفريقية. المباراة تُعد حاسمة فى مشوار منتخب "الفراعنة" حيث يحتاج الفريق إلى الفوز بفارق ثلاثة أهداف لضمان الصعود إلى المونديال أو الفوز على الأقل بفارق هدفين من أجل الاحتكام إلى مباراة فاصلة تُقام على أرض محايدة وفقًا لأجندة الفيفا بقبرص . من هنا تنبع أهمية هذه المباراة.. ومن هنا أيضًا تتضح أسباب الشد العصبى والشحن الجماهيرى المُبالغ فيه، وبالطبع تلعب وسائل الإعلام من الطرفين دورًا فى إذكاء هذا التوتر وزيادته بشكل قد ينجم عنه كارثة فعلية فى المباراة إذا لم تستطع الجماهير فى المدرجات أن تتحكم في أعصابها. فالإعلام الجزائرى بات ينظر للقاء على أنه معركة حربية، لا بد فيها بالطبع للاعبي "محاربى الصحراء" –لقب منتخب الجزائر– أن يحققوا النصر سواء بالطرق الشرعية أو غير الشرعية.. وفى سبيل هذا يؤججون الفتن ويشعلون مشاعر الجماهير من الطرفين بالكراهية والعنف من خلال الحديث عن رشوة مصر لحكم مباراة الجزائر ورواندا أو الحديث عن شراء مصر لمباراة زامبيا الأخيرة، فضلاً عن استهداف بعض لاعبي المنتخب بالتصريحات النارية، وبدأ الإعلام المصرى فى التقاط هذه الإشارة والإنسياق فى الرد عليها حتى اشتعلت الفتنة بالفعل. حول هذا الشحن يقول الكابتن حازم الهواري "عضو مجلس إدارة إتحاد الكرة" أن منتخب مصر سينتقل فى معسكر مغلق خارج القاهرة قبل المباراة بأكثر من أسبوعين وذلك للإبتعاد هذا الشد العصبي، وأوضح أن الإتحاد يحاول تهدئة هذه الأزمة والتى أشعلها الجانب الجزائري، ويناشد وسائل الإعلام من الجانبين بعد تصعيد الأمور حتى لا يتفاقم الوضع يوم 14 نوفمبر المقبل. أضاف الهوارى أنه يثمن على مبادرة وزير الإعلام الجزائرى عز الدين ميهوبى والذي دعا وسائل إعلام بلاده إلى عدم المساس بالعلاقات مع مصر وعدم الانسياق وراء الإشاعات خلال الحديث عن المباراة، وأشار إلى أنه يأمل أن تؤدى هذه المبادرة في الانعكاس إيجابيًا على الجماهير الجزائرية. تصريحات اللاعبين ونجوم الرياضة من الجانبين تساهم أيضًا فى زيادة التوتر، ففى مصر صرح إبراهيم حسن "لاعب المنتخب الوطنى السابق ومدير الكرة بنادى الإتصالات" أنه "لا سلام مع الجزائريين" بعد المعاملة التى لاقها لاعبو المنتخب هناك ومحاولة تسميمهم، وحول قضية النجم الدولى السابق لخضر بلومى –الذى فقأ عين طبيب مصرى عقب لقاء بين المنتخبين عام 1989– انتقد حسن التنازل عن القضية وقال أنه تنازل فى حق مصر، مطالبًا أن يأخذ عقابه على فعلته ومحملاً بطريقة غير مباشرة رئيس اتحاد الكرة الكابتن سمير زاهر. أما أحمد حسن "كابتن المنتخب" فتوعد الجزائريين وقال أنه ينتظرهم فى "ملعب الرعب" –يقصد استاد القاهرة– من أجل رد الاعتبار للمصريين. على الجانب الآخر صرح عنتر يحيى "مدافع المنتخب الجزائري" أن منتخب بلاده سيذهب إلى القاهرة بهدف الفوز باللقاء، موضحًا أن المنتخب المصرى فريق محدود الإمكانيات ولديه نقاط ضعف كثيرة، ووصف لاعبى المنتخب المصرى ب"جاحدي" النعمة و"ناكري" المعروف، موضحًا أن كرم الضيافة الذى استقبلت به الجزائر لاعبى المنتخب المصرى فى شهر يونيو الماضى لم يكن له أى صدى لدى أحفاد الفراعنة. وكذلك تصريحات مهاجم المنتخب الجزائري رفيق صايفى الذى قال –قبل الجولة الماضية- بأن رحلة القاهرة تأتى لزيارة الأهرامات تأكيدًا على قدرة محاربى الصحراء على تحقيق الفوز والوصول للمونديال. واستنكر المحلل الرياضى من انسياق الإعلام المصرى فى حملة الرد على الإعلام الجزائري، واستغرب من ترك القيادة السياسية هنا للأمور مشتعلة بهذا الشكل، مطالبًا بضرورة وجود ضبط وربط من قيادات الدولة وقيادات الرياضة لضبط الأعصاب والخروج بالمباراة لبر الأمان. لقد تسبب الإعلام المصرى والجزائرى فى آن واحد فى إشعال فتيل الفتنة بين الجماهير الرياضية فى كلتا الدولتين ، وقد لاحظنا ذلك عبر القنوات الفضائية المصرية خاصة دريم والحياة ، وأيضا بالقنوات الفضائية الجزائرية ، حتى الصحف ساهمت إلى حد كبير لدفع الجماهير نحو العداء بسبب مقابلة رياضية فى كرة القدم ، وتطورت الأمور حتى وصلت إلى حد الشتم وتهجم بعض الأطراف من الجانبين ، ولو تابعتم بعض المنتديات لتأسفتم كثيرا على الوضع الذى آلت إليه الأمور ، اعتقد أن هناك أطرافا خارجية تغذى الاتجاه نحو خلق نوع من الزعزعة بين الشعبين المصرى والجزائرى ، وقد تصل إلى المستوى الدبلوماسى .