شهد مستشفى كفر الزيات العام واقعة مؤسفة، خلال الأيام القليلة الماضية، راح ضحيتها 4 أطفال توائم، كانوا ثمرة الحمل الأول لربة منزل، تنتمي إلى أسرة بسيطة في ريف مصر، منذ زواجها من "عامل باليومية" بأحد مصانع الطوب بقريته. حيث امتنع أطباء المستشفى عن استقبال تلك السيدة الحامل، وهي تعاني آلامًا مبرحة؛ نتيجة حملها في 4 توائم، وتحتاج إلى تدخل عاجل لإجراء عملية الولادة، لإنقاذها وأجنتها الأربعة من الموت؛ لأن أي تأخير إلى وفاة أحدهما (الأم أو التوائم). ونظرًا لأن "العين بصيرة والإيد قصيرة"، ورغم بدء عملية "نزول المياه" التي تسبق الولادة مباشرة، والآلام التي بدأت في الازدياد، فلم يكن أمام ذلك العامل البسيط إلا أن ينتظر وزوجته شروق شمس هذا اليوم الذي انتظراه طويلا، ليصطحب زوجته إلى مستشفى كفر الزيات العام؛ لتضع حملها، بعد معاناة شديدة خلال شهور الحمل. إلا أن المفاجأة التي لم تكن في الحسبان كانت في امتناع أطباء المستشفى العام التابع لوزارة الصحة، والمختص بعلاج جميع المواطنين، خاصة الفقراء منهم، عن استقبال الزوجة الحامل في 4 توائم، رغم توسلات الزوج الفقير إليهم؛ وذلك لأن السادة الأطباء كانوا في "حالة إضراب عن أداء الواجب الذي أقسموا على أن يؤدوه بأمانة وضمير" للمطالبة بحقوقهم المادية. ورغم استغاثات الزوج الفقير، وتوسلاته، فلم يلتفت إليه أحد من الأطباء. وطالبه رجال الأمن بالمستشفى بالذهاب بزوجته الحامل في 4 توائم إلى مستشفى خاص؛ "لأن الأطباء هنا مش فاضيين لك"!! ولا يجد الزوج مفرًا من الذهاب إلى مستشفى خاص؛ لإنقاذ زوجته التي بدا عليها الإعياء الشديد، وصرخات الألم تنطلق مستغيثة ب "رب الأطباء والفقراء". ثم تأتي المفاجأة الثانية، متمثلةً في حاجة التوائم الأربعة إلى 4 حضًّانات نظرًا لحالتهم الصحية التي تتطلب رعاية خاصة. وهنا يقف شاردًا والد الأطفال، ويدعى: محمد سليمان "26 سنة" والمقيم بقرية "بنوفر" التابعة لمركز كفر الزيات، يعمل في أحد مصانع الطوب باليومية.. ماذا يفعل؟ ومن أين يأتي بتكلفة الحضَّانات، التي تبلغ 2000 جنيه يوميًّا في المراكز والمستشفيات الخاصة؟ ويجد نفسه لا حول له ولا قوة . ولأن "ما باليد حيلة"، فقد عاود الذهاب مرة أخرى إلى "مستشفى المُضربين" أو كما أُطلق عليها فيما بعد "مستشفى الكوارث" بسبب اكتشاف إصابة 30 مريضًا بالفشل الكلوي، بالتهاب الكبد الوبائي "فيروس سي"، في أثناء إجراء عملية الغسيل الكلوي لهم.. وتتجدد استغاثات الزوج مرة أخرى، طالبًا توفير حضانات لأطفاله المبتسرين، إلا أن رئيسة التمريض ترد عليه قائلة: الأطباء عاملين إضراب، وأنا هاجيب دكتور أطفال لمتابعتهم في الحضانات منين دلوقت؟ فيذهب مسرعًا إلى مكتب مدير المستشفى، للاستغاثة به، إلا أن المدير يقول له، بمنتهى البساطة، ودون إحساس بالمسئولية: الأطباء عاملين إضراب. ولا يجد الرجل أمامه إلا الذهاب لمستشفيات الجامعة والمنشاوي العام بطنطا، بحثًا عن حضانات لأطفاله الأربعة المبتسرين، ولكنه لم يجد فيتوجه بشكواه إلى المستشار محمد عبد القادر، محافظ الغربية، الذي بادر على الفور بالاتصال بمدير مستشفى كفر الزيات العام لتوفير الحضانات اللازمة، ورعاية الأطفال جيدًا. ويؤكد أن المدير قال له: "أنت رايح تشتكي للمحافظ.. طيب خللي المحافظ يجي يقعد مكاني ويشغل المستشفى، وأنا مروح لعيالي"!! كما امتنع أيضًا عن توفير سيارة إسعاف مجهزة لنقل الأطفال، إلى حضانات مستشفيات المنشاوي، والمحلة، وسمنود، التي تم توفيرها بمعرفة وكيل الوزارة. ويشير والد التوائم الأربعة إلى أن قضاء الله قد نفد، وفارق الطفل الأول "إسلام" الحياة، في الوقت نفسه كانت حالة الطفلة "عطاء" متأخرة، ثم توفيت، وقمت باستخراج شهادتيْ: الميلاد والوفاة لهما خلال ثلاثة أيام من ولادتهما. في حين توفي الطفل "مصطفى"بمستشفى المنشاوي بعد 6 أيام، و"يوسف" بعد 11 يومًا من مولدهما. بينما" ما زالت الأم سعاد حمودة سمك (26 سنة) ترقد على فراش المرض؛ لما عانته بسبب الحمل والولادة، وكذلك لحزنها الشديد على وفاة أطفالنا، خاصة أنها كانت على أمل بأن يعيش الطفل الأخير "يوسف"، إلا أنها إرادة الله، ويطالب بأن يأخذ العدل مجراه، حتى لا يتكرر ما حدث مرة أخرى. كما يطالب الأطباء بأن يتقوا الله في عملهم، ويؤدوا واجبهم نحو المرضى، الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله. ويضيف: قمت بتحرير محضر الشرطة رقم 11575 إدارى كفر الزيات، ضدهم جميعًا. وحسبي الله ونعم الوكيل. من ناحيته، قرر المستشار محمد عبد القادر، محافظ الغربية، إيقاف مدير مستشفى كفر الزيات العام ورئيس قسم الأطفال ورئيسة التمريض عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، وإحالتهم للنيابة العامة، بعد أن أثبتت لجنة التحقيق التي شكلت بمعرفة مديرية الشئون الصحية بالمحافظة، امتناعهم عن قبول 4أطفال داخل حضانات المستشفى، مما أدى إلى وفاتهم لسوء حالتهم الصحية. وفور علم أطباء مستشفى كفر الزيات بقرار المحافظ، أعلنوا أنهم مضربون عن العمل؛ تضامنًا مع مدير المستشفى، مؤكدين أن هذا القرار لا يوجد له أي مبرر لأن القضية مازالت قيد التحقيق بالنيابة، ولم تتم إدانة أي من المتهمين، وأنه لا توجد شبهة تواطؤ. وفي السياق نفسه، نفى الدكتور عادل أبو زيد، وكيل وزارة الصحة بالغربية، قيام أطباء مستشفى كفر الزيات بإضراب، تضامنًا مع مديرهم. وقال: أقسم بالله العظيم لم يحدث إضراب في مستشفى كفر الزيات، وإن كانوا قد هددوا بذلك. وأضاف أنه تم إحالة الموضوع برمته إلى النيابة العامة لاتخاذ اللازم في الشق الجنائي، والنيابة الإدارية في الشق التأديبي، وجار التحقيق حاليا مع الأطباء المتهمين.