مرت أول أمس الذكرى التاسعة والثلاثون لوفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. مرت فى صمت إلا من أخبار متناثرة تشير إلى الزعيم على استحياء، نشرتها صحف الرأسماليين الجدد فى باب رسائل القراء وكان أغلبها من كتاّب ناصريين أو يساريين. وكان هناك جدلا حول وفاة عبدالناصر قد أثاره حديث فضائى للشاعر أحمد فؤاد نجم، ردد فيه مجددا أن طبيب عبدالناصر الغامض أو مدلكه على العطيفى قتله بالسم وقال إن الأخير اعترف له بذلك السر أثناء مرافقته له فى سجنه الذى لم يدخله بسبب ارتكابه لهذه الجريمة، ولكن بسبب اتهامه بارتكاب جريمة التجسس. وشعرت بالأسف أن يتحول دائما عبدالناصر فى ذكراه لجدل درامى عقيم بدلا من أن تتحول سيرته إلى استلهام للحاضر الذى نعيشه والمستقبل الذى نأمله. لقد أعاد كثيرون اكتشاف عبد الناصر فغيروا موقفهم منه، وأنا واحد من هؤلاء، أو بمعنى أدق أعادوا قراءة تجربته بعقلانية مجردة من العاطفة وتوصلوا فيها إلى أحكام لا يمكن أن تلخصها جملة من عينة: "إنه كان زعيما كبيرا جاءت أخطائه على قدر زعماته" ولا تحتمل أيضا اصدار الأحكام على إطلاقها لكنها تكشف أن دورة الزمان قد عادت إلى النقطة التى انطلقت منها ثورة 23 يوليو فى الداخل والخارج ، وعادت هجمة الإمبريالية العالمية على الشرق وعلى مصر واشتد تضييق حصارها العسكرى والإقتصادى على الشرق ومصر التى صارت تحتاج إلى شخص مثل عبدالناصر أو على الأقل استلهام روح المقاومة التى كان يمثلها.