لقد أثار ذلك القس المتطرف والمغمور حفيظة العالم الإسلامي وقد عبر الرجل فيما ذهب إليه عن عنصرية بغيضة وحقد ضد عقائد الآخر وقد أكد في ذات الوقت زيف الادعاءات التي تتشدق بها الحضارة الأوروبية والولاياتالمتحدة والتي تؤكد علي أهمية قبول الآخر واحترام عقائد الآخرين والتشديد علي حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر.. ولطالما تغنوا بأن الولاياتالمتحدة هي بلد الحريات وكيف انها تقدس الحرية والديمقراطية إلي ذلك الحد الذي قد يجعلها تبذل النفيس والغالي في سبيل تمكينها للشعوب ولكن الواقع يؤكد علي عكس ذلك تماما ويدحضه فما هي قصة ذلك القس المتطرف والذي قد أتحفظ علي دعوته بالقس أو انه أحد الرموز المعبرة عن المسيحية. إذ ان ما أتي به من أفعال هو بعيدا تماما عن مباديء العقيدة المسيحية فذلك الرجل الذي وصفته ابنته بالموتور أو المجنون والذي يقال ان كنيسته لا يوجد بها سوي أربعين عضواً "قد قام بهذه الدعوة المريبة التي يمكن أن تشعل نيران فتنة طائفية تطول العالم أجمع وأن أول من سيتأذي بنيران ذلك هي الولاياتالمتحدة ذاتها.. لقد كانت دعوته لحرق القرآن الكريم تناقضاً كبيراً لما ليس فقط ما تدعيه الولاياتالمتحدة من حماية حقوق الآخرين وكيف ان الآباء الأوائل من الأمريكيين قد أكدوا علي ذلك الوجه الإنساني لرسالة الولاياتالمتحدة وهي تمكين الحرية في أي مكان في العالم وحماية حقوق الإنسان في أية بلد وانها قد يتحتم عليها أن ترسل جنودها إلي أطراف العالم النائية للدفاع عن حرية الإنسان ضد بطش النظم الديكتاتورية ولكن الأمر يتناقض مع تعاليم المسيحية الدين الرسمي للولايات المتحدة والتي يعتمد دستورها علي ما قال به المسيح في تعاليمه في الموعظة علي الجبل والتي وردت بإنجيل متي في الإصحاحات 5. 6. 7. 8 وهي "أحبوا أعداءكم باركوا لأعنيكم أحسنوا إلي مبغضيكم صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم" وهنا نطرح التساؤل أين جونز ودعوته من ذلك النص هي ليست فقط تناقضاً تاماً معه ولكن خروج سافر قد يجعلنا نقول ان ذلك الرجل خارج عن المسيحية وهو رجل لا يمت للدين بصلة ومآله إلي جهنم لأنه رجل مثير للفتن بل انه ينطبق عليه قول السيد المسيح وهو: "ويل لمن تأتي به العثرات" فهو رجل عثرة ليس لنفسه أو لمجموعة من الأشخاص ولكن لدول وشعوب بأثرها. الحقيقة ان ما دفع به الرجل في هذه الدعوة المذمومة والتي لا يقبلها أي شخص لا نقول صاحب عقيدة أو ديانة من الديانات السماوية التي تحض علي السماحة وفعل الخير وتجنب الفتن ولكن أي شخص صاحب مبدأ أو حتي ايديولوجية أرضية انما يندرج أو يمكن أن يصنف تحت ما يطلقون عنه الإسلام فوبيا أي الخوف من الإسلام والمسلمين والذي قد تحول إلي حالة مرضية لدي الشعوب الأوروبية والولاياتالمتحدة وفي الحقيقة ان مصطلح الإسلام فوبيا هو مصطلح حديث أو جديد إذ انه علي الرغم من الكره الذي قد يكنه البعض للإسلام في أوروبا عن غرض بهم أو خضعوا لنوع من التسميم السياسي أو البث العقائدي المغرض إلا أن الأمر لم يصل إلي حد الفوبيا وقد كانت الحروب الأوروبية والصراعات ما بينها ويين المسلمين ومن بينها حروب الفرنجة أو ما يطلق عليها بالحروب الصليبية والتي كانت أول حروب ذات رداء ديني عندما ادعت ان هدفها هو الدفاع عن المسيحية والذود عن مقدساتها ضد ما أسموه بالبربر أي المسلمين وكانت المطامع المعروفة والمؤكدة سياسية في المقام الأول والدليل علي ذلك هو أن المسيحية ذاتها كديانة لا توجب لا نقول فقط الحرب ولكن حتي مبدأ الدفاع عن النفس وقد يستغرب البعض من ذلك وهو ما يؤكد علي أن تحرك "الجيوش الأوروبية" التي حملت راية الصليب كان مجرد ستار نفس الشيء قد رأينا في غزو العراق عندما رفع بوش الشعار الديني ولم يتورع عن القول بأنها عودة للحروب الصليبية وهو نفس اللغط أو الخطأ الذي لا يقره الدين المسيحي وتعاليمه..لقد جاءت فوبيا الإسلام أو الإسلام فوبيا في العصر الحديث مع زيادة النزعات العنصرية وزيادة العداء ضد الإسلام ورموزه والتي ظهرت بوضوح في أعقاب تفكك عروة الاتحاد السوفيتي الذي كان يطلق عليه الخطر الأحمر وكان لابد وأن يكون هناك بديل لذلك الخطر فاتجهوا إلي الإسلام والذي أطلقوا عليه الخطر الأخطر حتي يظل هناك وازع وسبب أمام القيادة السياسية للجوء إلي الحرب والعنف كأحد الأدوات في تحقيق أهداف السياسة الخارجية وحتي يظل هناك خطر ومصدر تهديد خارجي يمكن أن يتوجه إليه لانتباه والاهتمام الداخلي وأن يحوز علي مساحة كبيرة من الرأي العام تخف من التركيز علي القضايا والمشاكل الداخلية بل وإن شئت الدقة الاخفاقات الداخلية وذلك ما حدث بالفعل بالنسبة لبوش ومقدمات مجيئه التي كانت تنذر بالفشل وكيف انه قد قيل انه سوف لا يكمل ولايته الأولي وقد جاء إلي الحكم دون أن يملك أغلبية سياسية.. نفس الأمر بالنسبة لجونز فهو يريد أن يظهر في دائرة الأضواء والشهرة وهو يتوقع من ذلك الموقف الشاذ الذي استغل فيه أحداث 11 سبتمبر وحاول أن يبتز المجتمع الأمريكي كما فعل بوش عندما حملت الانتخابات في ولايته الثانية ذلك الشعار انتخبوا بوش أو موتوا ويقال انه يمكن أن لا يحقق من وراء ذلك الشهرة فقط ولكن يمكن أن يصبح أيضا أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي أي ان كل ما أراده هو سياسي ومصلحي حتي ولو كان مدمراً أو يمكن أن يضرم دائرة الكون بنيران الفتنة الملعونة.