"الرئيس مبارك كان يتابع لحظة بلحظة ما يحدث".. هذا التصريح أدلى به فاروق حسنى وهو لا يزال على متن الطائرة التى أقلته فى رحلة العودة غير المظفرة إلى مصر.. وهو صادق فيما قاله، لم يكن الرئيس مبارك فقط يتابع ولكنه كان يأمل أن يفوز الوزير الذى أختاره بنفسه للترشح للمنصب بعد رفضه لترشيح رئيس الوزراء د. أحمد نظيف الذى أقترح ترشيح د. هانى هلال وزير التعليم العالى والبحث العلمى لكن الرئيس مبارك فضل فاروق حسنى. أنتهت معركة اليونسكو، ومع ذلك مازال فاروق حسنى مصراً على مواصلة سلسلة أخطائه التى وقع فيها منذ بدأت تلك المعركة منذ أكثر من عام، ففى تصريح غريب، يثبت انعدام الخبرة السياسية لفاروق حسنى بعد أكثر من عشرين عاما من العمل السياسى، قضاها على كرسى الوزارة، انتقد حسنى لدى عودته من باريس أمس الأربعاء "تسييس" منظمة اليونسكو، واتهم السفير الأمريكى فى فرنسا بالعمل ضده، لمنعه من الوصول للمنصب، ويبدو أن رغبة حسنى فى الظهور بمظهر "الشهيد"، والبطل القومى الذى وقع ضحية مؤامرة الغرب المعادى للعرب والمسلمين، هذه الرغبة أنسته شيئا مهما جدا، من المفترض ألا يغيب عليه وهو أن سعى مصر لإقناع أعضاء منظمة اليونسكو بالتصويت لصالحه، هو عمل سياسى بالدرجة الأولى، وأن تودده لإسرائيل ومغازلتها بالسعى الحثيث نحو التطبيع هو عمل سياسى، وأن طلب الرئيس المصرى من رئيس الوزراء الإسرائيلى عدم التدخل ضد انتخاب حسنى للمنصب هو عمل سياسى، وأن اختيار المنظمة لمديرها هو عمل سياسى، أو يقوم على اعتبارات سياسية على أقل تقدير. والأهم أن حسنى نسى شيئا مهما للغاية، وهو الشىء نفسه الذى فات على أغلبنا دون أن نهتم به، وهو الأجابة على السؤال: ما الذى يجعل فاروق حسنى جديرا بمنصب مدير اليونسكو.. أو ما هى مؤهلاته التى تجعله مقدما عمن سواه ليستحق التأييد الدولى لذلك المنصب؟ لا شك أن سجله كوزير للثقافة طوال الفترة الماضية، ومن قبلها سجله كمخبر للمخابرات المصرية فى إيطاليا، لا يؤهلانه أبدا لنيل المنصب، وأنه لولا السياسة لما حصل حسنى على ال 29 صوتا التى حصل عليها، ولولا السياسة ما وصل حسنى لتلك الانتخابات من الأساس، لكن أنصار حسنى لا يريدون أن يروا الحقيقة أو تصل إلى مسامعهم أصداء نتيجة المعركة الصادرة من الشارع المصرى، وأبرز هؤلاء الأنصار صحف نجيب ساويرس، التى حرصت على تقديم تغطية شبه يومية لمعركة اليونسكو خلال الشهر الماضى، وحرصت بعد هزيمته على الدفاع عنه، وإبرازه فى دور الشهيد، والبطل القومى ضحية الغدر والتآمر الأمريكى والغربى ضد العرب والمسلمين، ويبدو أن تلك الصحف بدأت فى تمهيد الأذهان والنفوس لفكرة بقاء فاروق حسنى فى الوزارة، وأن نجيب ساويرس يريد أن يوصل رسالة لرجال الحكم والسياسة أنه لا ينسى أصدقاءه الأوفياء، ولا يتخلى عنهم وقت الأزمات.. والخطوة القادمة فى هذه الحملة سوف تتجه لدعم بقاء حسنى على كرسى وزارة الثقافة، ويبدو أنه وعد بذلك وإلا ما جرؤ على الحديث عن المشروعات الكبيرة التى سوف يستكملها مثل المتحف الكبير ومتحف الحضارة وهو بالطبع لن يباشر إتمام مثل هذه المشاريع وهو خارج الوزارة .