د: حنان يوسف استاذ الاعلام بجامعه القاهره زمن اللخبطة!!!....عنوان مثير لكتاب جديد طرح مؤخرا لمؤلفه المفكر الليبي الدكتور ابراهيم قويدر يرصد فيه الي اي مدي اتسم سلوك الافراد داخل المجتمع في هذه الفترة بسمات سلبية كانت بعيدة كل البعد عن مجتمعاتنا حيث انتهت الظواهر الاجتماعية الايجابية ليحل مكانها سمات وسلوكيات اجتماعية سلبية ومتدنية في اصول التعامل مع الناس بعضهم البعض حيث سادت الفوضي والعشوائية والبلطجة والعنف والمحسوبية في تواصلنا الاجتماعي بدلا من الرحمة والمودة والانسانية . فاين نحن من مبدا التسامح مع الاخرين حيث كان كثيرا ما تحدث مشاكل اجتماعية بين الناس لاسباب متعددة ولكن مبدا التسامح كان كفيلا بالوصول الي التوافق الجميل بين كافة الاطراف بين المجتمع ، فاين نحن الان من هذا المنطق حيث صار االتسامح ضعفا وهوانا ولا ينبغي احترامه بالمرة . ويثير المؤلف تساؤلا هاما حول اين نحن من الامان الان في الحياة وفي الشارع وفي البيت وفي السوق ومعدىت السرقة والبلطجة تزداد يوما بعد يوم؟ واين نحن من اسلوب التعامل اللاخلاقي في الشارع والاماكن العامة وعدم احترام الصغير للكبير بالاضافة الي التلفظ بالالفاظ النابية الخادشة للحياء والمخلة بالاداب والذوق العام السليم وصارالشارع الان مرتع لممارسة الرذيلة . ومن اكثر ما جذب انتباهي في "كتاب زمن اللخبطة "هو وصف د.ابراهيم قويدرمؤلف الكتاب للمراة علي انها كانت وسيلة ضبط اجتماعي حيث ان وجودها كان يجعل الرجال يلتزمون في جلساتهم ويفسحون لها الطريق ويغضون من ابصارهم بل وينتقون الكلمات التي لاتخدش الحياء ، وفجاة انقلب الوضع في ظل معايير زمن اللخبطة وصاروا يتكالبون علي التحرش بها ويعتبرون ذلك نصرا واثباتا لرجولتهم المتهاوية. وبعد ان كانت الامانة والنزاهة هي السمات الاساسية للموظف الحكومي والمسئول العام تبدل الحال الان وصارت الرشوة والمحسوبية والفساد هي العملة التي تعلن عن نفسها الان علي مراي ومسمع من الناس حتي ان الرقابة الشعبية التلقائية التي كانت سيف مسلط علي المهملين والمرتشين والفاسدين وكانها هي ايضا قد استسلمت في سبات عميق. ورغم ان زمن اللخبطة هي واحدة من المقالات الثرية التي احتواها هذا المؤلف الرائع الا انها كانت مناسبة لتحمل عنوان المؤلف القيم لارتباطها الواضح بما نعيشه الان من ملامح مرتبكة وقيم فوضووية تسيطر علي حياتنا . الا ان ذلك لم يمنع الكاتب من سرد عباراته ورؤاه الجريئة في اجزاء اخري من هذا الكتاب والتي تظهر في عناوين مشوقة جريئة مثل : قاهر الطغاة....القمم الهابطة...متي يتقاعد الرؤساء ...نحن دائما الغائبون ..الممارسات غير الوطنية...النفاق...هيئة وطنية لمكافحة الفساد...السيناريوهات التغيبيبة للشعوب العربية ...لقد ولي زمن الحجر الفكري ...قيمة الوقت الضائعة ..سمة التخلف... الحجاب المكشوف... بون شاسع بين النفاق الجماهيري والتلقائية الجماهيرية.....ولم ينسي المؤلف وطنه ليبيبا في مقالاته الجريئة حيث رصد واقع الجماهيرية الليبية الان ومستقبلها بعد اربعين عاما من عمر ثورة الفاتح في الجماهيرية الليبية . وكأن الرجل قد جمع عصارة فكره وخبراته في العمل العربي المشترك والحوار الاجتماعي ليطرح رؤاه بطريقة امينة وموضوعية ، قد تقلق البعض ولكنها تحتاج الي وقفة متانية لمواجهة تلك الفوضي المستمرة الغائب فيها روح الطرح الصادق والعرض الامين وبالتالي يكثر الفساد والانتهازيين. ويدعو المؤلف الي عودة الضمير مع ابراز النتائج السلبية المترتبة علي فقدان الانسان للضمير الحي ، فهل يمكن للضمير ان يصحو بعد ان يموت اويغيب عن صاحبه فترة من الزمن مؤكدا بانه يجب ان نعترف باننا جميعا نتحمل المسئولية للوقوف بقوة امام كل تلك الظواهر الفوضوية " الملخبطة" التي تسيطر علي حياتنا الان وتقود بنا في مرحلة قريبة الي انهيار تام للمجتمع المصري والعربي لانه مع الاسف "كلنا في الهم عرب". الحقيقة اننا امام كتاب يستحق القراءة والوقوف امام كل مبحث من مباحثه بكل اهتمام وتدقيق لفهم الافكار القيمة التي يدعو اليها ربما يشجع ذلك من منا لازال لديه الرغبة والقدرة معا لفعل المقاومة في تبني الافكار الجريئة التي يطرحها د.ابراهيم قويدر باسلوب شيق ومركز وسهل في الطرح والتناول فعباراته مثل السهل الممتنع عميقة ..قوية ...انسيابية رغم سخونة وجراءة حروفه الملتهبة بالاسي علي واقع الامة العربية وان كانت رائحة امل في احياء العنقاء من جديد باخلاص المجتمع المدني وحركة الجماهير الواعية ....ربما ينجح د.قويدر بقلمه ورؤاه ومن امن بافكاره في كسر اطار اللخبطة الذي ساد زمننا الان...زمن اللخبطة.....!!!!