محافظ شمال سيناء يعلن عن طرح مدينة رفح الجديدة وقري الصيادين والتجمعات التنموية (صور)    فاتن عبد المعبود: سيناء أرض الفيروز وكنز لدينا في مصر    عزوف المواطنين عن شراء الأسماك يؤتي ثماره بالدقهلية.. انخفاض الأسعار للنصف    الصوامع والشون تواصل استقبال محصول القمح في المحافظات    بتوجيهات رئاسية.. سيناء تحظى بأولوية حكومية فى خطط التنمية الشاملة    رد عاجل من حركة حماس على طلب 17 دولة بالأفراج عن الرهائن    آلاف اليهود يؤدون الصلاة عند حائط البراق .. فيديو    "أون تايم سبورتس" تحصل على حقوق بث مباريات نصف نهائي الكؤوس الإفريقية لليد    بسبب إيقاف القيد.. أحمد حسن يفجر مفاجأة في أزمة بوطيب مع الزمالك    منافسة قوية لأبطال مصر في البطولة الأفريقية للجودو.. ورئيس الاتحاد: الدولة المصرية والشركة المتحدة لا يدخرون جهدا لدعم الرياضة    مصرع طفلين وإصابة بنت فى التجمع.. الأب: رجعت من شغلي وفوجئت بالحريق    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جدول مواعيد امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى أخر العام 2024 في القليوبية    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحمة السويس في حرب العاشر من رمضان حقائق ووثائق للعبرة والتاريخ 1393ه 1973 م
نشر في مصر الجديدة يوم 15 - 07 - 2010

كتاب ملحمة السويس .. في حرب العاشر من رمضان ... حقائق ووثائق للعبرة والتاريخ (1393ه 1973م)
بقلم : حافظ علي أحمد سلامه قائد المقاومة الشعبية بالسويس يكشف عن أسرار وحقائق غائبة عن معظم الناس عن المقاومة ضد العدوان مستعينا بشهادة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب أكتوبر المجيدة ويحكي عن تجربته القاسية التي عوقب عليها بإحالته لمحكمة عسكرية وصدور حكم ضده بالسجن ثلاث سنوات وحرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية ووضع أملاكه تحت الحراسة
شهادة الشيخ / حافظ سلامه عن حرب أكتوبر ونكسة يونيو1967م
بينما كان الشيخ / الجليل حافظ سلامة مغيباً في محنة في هذا العام الحزين ،كانت مصر تتعرض لأكبر هزيمة عسكرية في تاريخها الحديث من خلال ما عرف باسم نكسة 1967م، والتي انتهت وفي أيام محدودة إلى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.
حين وقع العدوان تقدم حافظ سلامة ورفاقه في المعتقل بطلب رسمي إلى قائد المعتقل للسماح لهم بالمشاركة في صد العدوان الإسرائيلي مع التعهد بالرجوع إلى السجن فور انتهاء المعركة ولكن قوبل الطلب بالرفض. وحين خرج حافظ سلامة من المعتقل وجد مدينته "السويس" وقد هجرها أهله بعد عدوان 1967م، ولم يبق فيها إلا 1% ممن كانوا فيها.
وفي هذا الكتاب القيم والذي أصدره الشيخ الجيل / حافظ سلامه علي نفقته الخاصة ويباع بسعراً زهيد يروي الحقائق الغائبة بالوثائق ، حيث يقول عن بداية المقاومة في السويس، كنت بالقاهرة في ذلك اليوم لقضاء بعض الأعمال الخاصة بمسجد النور ولأحجز للسفر إلى بيروت يوم 20 أكتوبر... وأثناء سيري في الشارع سمعت بعض المارة يقول المعركة مستمرة بالطيران والمدفعية والصواريخ.... ظننت في بادئ الأمر أنها غارة صهيونية جديدة فتوجهت لسماع المذياع عند كشك يبيع المرطبات لأسمع مذيعًا يذيع البيان الثاني للقيادة العامة للقوات المسلحة..
لا أستطيع أن أعبر تمامًا عما اعتراني جسدًا وروحًا وجريت مهرولاً باتجاه محطة القطار فإذا بي أجد قرارًا بوقف جميع المواصلات المتجهة إلى مدن القناة، فاستقليت سيارة خاصة باتجاه السويس واستطعت من خلال بعض الاتصالات من أخذ الإذن بالسماح لي بالتوجه إلى هناك حيث كانوا يمنعون كل السيارات المدنية (غير العسكرية) من الذهاب إلى مدن الجبهة.. وسار الموكب... وكم كنت أتمنى أن يكون معنا كل مؤمن حتى يشاهد الأنوار الإلهية التي غمرت تلك المنطقة؛ فأنت ترى السماء وكأنها قد أضيئت وترى النور على وجود جنودنا الأبطال وهم يهتفون "الله أكبر" وهم فرحون مستبشرون كأنهم يزفون إلى عُرس! ولم أملك نفسي وأنا أهتف بأعلى صوتي "الله أكبر.. الله أكبر... الله أكبر" فأسمع صداها يقترب ويقترب حتى رأيت قواتنا كأنهم جند السماء يكبرون ويهللون وهم يقتحمون أمنع الحصون وأعتاها.
وأقبلت نسمات الفجر من صبيحة اليوم الثاني للمعركة وأذن المؤذن للصلاة فازدحم مسجد الشهداء برجالنا وشبابنا، وقضيت الصلاة وألقيت كلمة جامعة عن الجهاد في سبيل الله، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين في البلاء من إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة في سبيل الله والفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، ولم يكن أمام المقاومة في بدء عملها إلا أعمال الخدمات الطبية والمعنوية، ولعمري إن هذه المهمة لا تقل في خطورتها وأثرها عن خدمة الميدان وهي من أقوى أسلحة المعركة حينما تدار لتجعل من أبطالنا الجرحى والشهداء، معين قوة لغيرهم ليستعذبوا البلاء والابتلاء في سبيل الله والوطن.
وعلى الرغم من توجه بعض أعضاء الجمعية برفقتي غاضبين إلى مكتب المخابرات يشتكون من عدم وجودهم في عملية العبور فإن العقيد فتحي عباس رد عليهم قائلاً: إن هذا هو دور القوات المسلحة، وهم في حاجة إلى من ينقل جرحاهم ويضمد جراحاتهم ويدفن شهداءهم؛ فهذا الدور لا يقل عن دور المقاتل على الجبهة.
ولم أملك نفسي إلا أن أكبر وأهلل عندما اطلعت على شهداء العبور الأول... إنهم لم يتعدوا الاثنين وعشرين شهيدًا...
ولقد كان دور العلماء كبيرا عندما كان يجلس أحدهم إلى جوار الجريح يطعمه ويسقيه بيديه ويمسح عنه أثر الدماء مربتًا على صدره ويمسك قلمه ومفكرته ليقول له: هل لك من حاجة توصلها إلى أهلك؟ هل أنت بحاجة إلى شيء؟
وأقولها للتاريخ إنهم كانوا جميعًا يريدون فقط الاطمئنان على تقدم إخوانهم... يريدون أن نرجعهم إلى إخوانهم على أرض المعركة.
قد يعجب الناس حينما رأيت أن تعمل محلات الحلوى في السويس بلا توقف لتشارك في أعياد النصر وتشاورت مع الدكتور محمد أيوب مدير المنطقة الطبية عن أنسب الهدايا التي أقدمها للجرحى فاختار البسكويت والنعناع والحلوى، وعلل اختياره لهذه الأصناف بمصلحة الجريح وتوجهت من فوري إلى محل محمد جمعة للحلويات واشتريت كميات من هذه الأصناف، ثم ذهبت إلى مسجد الشهداء وطلبت من العلماء والمقرئين وجميع الإخوة التوجه إلى الدور العلوي للمسجد وذلك لغرض إعداد علب الحلوى، ثم توجهنا بها إلى المستشفى العام وكم كان لهذه الزيارة أثر كبير في نفوس الجرحى.
وما أطل صباح يوم الثلاثاء العشرين من رمضان حتى بدأنا نشعر أن دورنا في المعركة قد اقترب واقترب، لقد علم شعبنا أن ثغرة قد فتحت بين الجيشين الثاني والثالث عند منطقة الدفرسوار... وكان من الطبيعي أن يواجه جيشنا هذه المشكلة وأن يعمل على وأدها في مهدها ولكننا كرجال للمقاومة كان لا بد أن نقدر أسوأ الاحتمالات الممكنة... بحيث نتعرف على ما الهدف الذي يريد أن يحققه من هذه الخطوة ومن ثم نعمل على عدم تمكينه من تنفيذ رغبته هذه، وكانت غاية العدو هو أنه يريد أن يحتل مدن القناة بأي ثمن وفي مقدمة هذه المدن مدينة السويس، إن الحرب إذا امتدت إلى المدن كان القتال فرضًا، ويكون تسليم السويس وفيها رجل واحد ينبض بالحياة إنما هو الكفر بعينه، كانت هذه هي عقيدة رجالنا، إن الاحتلال اليهودي لمدينة السويس يعني في نظر الإعلام الإسرائيلي التأثير في العالم بأن الحرب قد انتهت لصالح الصهيونية .
الثغرة يوم لن تنساه السويس الباسلة :
وهنا يروي قائد المقاومة الشعبية تفاصيل هذه الحظات العصيبة فيقول: ، وبدأت فلول قواتنا المسلحة المنسحبة تفد إلى مدينة السويس، نتيجة تسرب بعض قوات العدو إلى الضفة الغربية للقنال عن طريق الثغرة وأخذت أعدادها في الزيادة بصورة مضطردة، وقد أشاعت القوات المنسحبة حالة من الذعر والخوف بين المواطنين لما تردد عن تقدم القوات الإسرائيلية نحو المدينة مما حدا ببعض المواطنين إلى مغادرة المدينة إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، وتعرض البعض منهم لنيران العدو وغاراته الجوية على الطريق الصحراوي المؤدي للقاهرة كما تعرض بعضهم للأسر يوم 23 من أكتوبر 1973م.
لم ينم أهالي السويس ليلة الرابع والعشرين من أكتوبر في انتظار مفاجآت العدو الغادر... وفي صبيحة ذلك اليوم قام العدو بغارة مركزة على السويس تمهيدًا لدخول قواته المدرعة إلى المدينة حيث تقدمت القوات بعد انتهاء الغارة إلى المدينة التي كانت في ذلك الوقت خالية من أي وسائل للدفاع عنها، وكانت الروح المعنوية منهارة في صفوف القوات المسلحة النظامية، وكنا نحشد رجال المقاومة في مسجد الشهداء استعدادًا لمواجهة شرسة مع العدو.
واقتحمت قوة من أفراد العدو مبنى قسم شرطة الأربعين وحاصرته بدباباتها ومدرعاتها إلا أن رجال المقاومة تصدوا لمجموعة من المدرعات، وبهذا أطلقت الشرارة الأولى للمقاومة الشعبية، اندفع بعدها شعب السويس وما تبقى من رجال القوات المسلحة في معركة دامية مع قوات العدو كانت نتيجتها تدمير جميع دبابات العدو ومدرعاته وسياراته التي اقتحمت المدينة بالإضافة إلى القضاء على معظم أفراد العدو. كما سقط عدد من رجال المقاومة شهداء بعد يوم حافل بالمواجهات الصعبة، إلا أن الخسائر التي لحقت في هذا اليوم كسرت طموحاته في احتلال المدينة، وظل هذا اليوم يومًا خالدًا في تاريخ شعب السويس وجعلوه عيدًا قوميًا لهم يحتفلون به كل عام. وفي يوم 25 أكتوبر بدأ العدو في استخدام سلاح مختلف وهو سلاح الحرب النفسية فما زال متمكنًا إلى الآن من تطويق المدينة... وأرسل العدو تهديدًا إلى محافظ السويس آنذاك بتدمير المدينة بالكامل بالطائرات إن لم تستسلم خلال نصف ساعة وأن عليه الحضور ومن معه من المواطنين رافعين الرايات البيضاء.
لقد أصابت هذه التهديدات بعض المواطنين وكذلك بعض المسئولين بحالة من الفزع وكان المسئولون وعلى رأسهم المحافظ أميل إلى التسليم اعتقادًا منه أن ذلك أفضل جدا من تدمير المدينة على من فيها... وأيده في ذلك البعض حتى ذهب بعضهم إلى أخذ أكفان مسجد الشهداء البيضاء ورفعها على أيدي المكانس (المقشات) استعدادًا للتسليم، وعندما ذهب قائد القوات المسلحة بالمدينة العميد "عادل إسلام" لاستطلاع رأي الشيخ حافظ سلامة ومن معه من رجال المقاومة رد عليه الشيخ حافظ بثبات ورباطة جأش: إن معنى التسليم يا سيادة العميد هو أن أسلم لليهود أكثر من 10 آلاف جندي وضابط من قواتنا المسلحة، بل إني بذلك سوف أكشف الجيش الثالث بالضفة الشرقية من القناة وأسلم كل أرواح هؤلاء لأعدائنا وأعداء الإنسانية، وتصير نكسة أشد من نكسة 67 لمصر والعرب والمسلمين... إن الطيران الإسرائيلي قد مضى عليه 6 سنوات وهو يضرب المدينة فلتكن 6 سنوات وأياما إما أن نعيش أحرارًا أو نقضي كما قضى غيرنا وصدق الله العظيم إذ يقول: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23]. وهنا قال العميد عادل إسلام: اعتبرني من الآن فردًا من أفراد المقاومة الشعبية...
واستمر الشيخ حافظ ورجاله في المقاومة وقام الشيخ حافظ سلامة بتعبئة نفسية مضادة للإسرائيليين، حينما قام بإذاعة نداء من مسجد الشهداء كرد على الإنذار الإسرائيلي، وتوالت انتصارات المقاومة على العدو الإسرائيلي حتى تدخلت قوات الطوارئ الدولية التي دخلت المدينة يوم 28، ورغم استمرار العدو في غاراته فإن ثبات رجال المقاومة أرغم العدو على مغادرة المدينة دون تحقيق انتصار يذكر.
وأصبح زعيمًا شعبيًّا بعد الرابع والعشرين من أكتوبر، ويمكن أن يعد الدور الذي لعبه حافظ سلامة أثناء حرب أكتوبر عام 1973 من أهم أدوار حياته لما كان له من أهمية في تاريخ مصر والأمة العربية.
لقد أورد الشيخ محمد الغزالي في كتابه هموم داعية طرفًا من حياة الشيخ حافظ سلامة فقال عنه: بعدما نجح اليهود في الوثوب إلى الضفة الغربية للقناة، سيّروا دباباتهم نحو السويس لاحتلالها، ورأى المحافظ أن الاستسلام أولى؛ تجنبًا للخسائر الكبيرة، وأعدّ علمًا أبيض لرفعه!
ولكن الشيخ "حافظ سلامة" إمام مسجد الشهداء صرخ: لن نسلِّم بلدنا أبدًا، سنموت دونها.
واحتشد مع إخوانه المدرّبين على القتال، وساروا على أقدامهم يعترضون الدبابات الزاحفة، ويرمونها بما في أيديهم من متفجرات.
ومرة أخرى انشقت الحناجر بالتكبير، وصرخ أهل الفداء يطلبون الشهادة، وتوقفت الدبابات عن المسير، فقد أُصيبت في مقاتلها!
ها هي ذي الأولى تحترق، والثانية تتبعها، والثالثة تعطب، إن الصف كله اختل.
وتراجع اليهود مذعورين، وقد أحسوا أن الزبانية سوف تتخطفهم إن تقدموا، فنكصوا على أعقابهم، ونجت المدينة المعزولة!
تحول المسجد إلى غرفة عمليات باهرة، إنه لا يسهر على الدفاع وحسب، وإنما يرسل بالمؤن إلى الجيش الثالث الذي كان مستر "كيسنجر" قد خطط له أن يموت جوعًا وعطشًا.
ورأيت مكاتبات من الضباط المعزولين في الصحراء، يطلبون لجنودهم ما يحتاجون إليه، وقلَّت المآسي شيئًا ما بعد النجدة التي نهض بأعبائها إمام المسجد!
لقد أورد الكتاب أسماء الضباط والجنود الشهداء في هذه الملحمة العظيمة والتي بلغت 645 شهيد لا أظن أن أي من المؤسسات المعنية اهتمت بمثل هذه الأسماء ورفعتها مكاناً علياً .
ثم يورد الشهادات الإسرائيلية عن هذه الساعات الحاسمة ، من خلال رؤية سبعة من الإسرائيليين ، والأيام العصيبة التي عاشوها في الثغرة وهم بن بورات ، جوناثان جوفين ، يوري دان ، هنري كارمل ، إيلي لانداو إيتان هابر إيلي ففور .
كان الاحتلال اليهودي لمدينة السويس يعني في نظر الإعلام الإسرائيلي التأثير في العالم بأن الحرب قد انتهت لصالح الصهيونية.
لذلك كانت خيبة الأمل للإسرائيليين كبيرة جداًُ بتلك بطولات الرائعة التي شهدتها ملحمة السويس والتي تحتاج بالفعل إلي مؤلفات عدة ترويها وتوثقها ولا يتسع المقام لذكرها كلها، لكن ذكرا بعضها الشيخ المجاهد حافظ سلامه في كتابه هذا فيروى( أنهم أرادوا نقل جثمان الشهيد إبراهيم سليمان إلى مكان آخر فوجدوا الجثمان كما هو بعد ما تصوروا أنهم سينقلون رفاتًا وعظامًا، وذلك بعد مرور 90 يومًا من استشهاده، وكذلك قصة البئر المعطلة من 80 عامًا التي أرشد إليها عم مبارك، وإذا بالبئر تعطي لا ينفد ماؤها فكانت مدداً إلهيا لأهل السويس وللقوات المسلحة شرق القناة... وغيرها العديد من قصص الشهداء والأبطال الذين تخرجوا في جامعة مسجد الشهداء التي علمتهم وفهمتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم "من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد".)
شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي من منظور الشيخ / حافظ سلامه
شهادة الفريق / سعد الدين الشاذلي: والذي قدم للكتاب "ملحمة السويس في حرب العاشر من رمضان حقائق ووثائق للعبرة والتاريخ" الفريق سعد الدين الشاذلي الذي كان رئيس الأركان في حرب أكتوبر المجيدة.
عبر في هذه المقدمة الرائعة عن حال المقاومة وكيف كان ينظر إليها ، وللفريق الشاذلي تجربة قاسية عن شهادته عن حرب أكتوبر عوقب علي النشر عليها حيث أحيل الشاذلي غيابياً لمحكمة عسكرية وصدر ضده حكم بالسجن ثلاث سنوات.
كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية ووضعت أملاكه تحت الحراسة.
وجهت للشاذلي تهمتان:
الأولى: هي نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه. واعترف الشاذلي بارتكابها.
أما التهمة الثانية فهي: إفشاء أسرار عسكرية في كتابه. وقد أنكر الشاذلي صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسراراً حكومية وليست أسراراً عسكرية.
إن كتاب "حرب أكتوبر" وكتاب الشاذلي اللاحق "الخيار العسكري العربي" لم ينشرا أبداً في مصر. ولكن نشرا باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية فى دول كثيرة. وقدم عدد من الصحف العالمية الرئيسية نبذه عن تلك الكتب.
أما شهادته عن المقاومة في السويس فهي شهادة من عليم ، ورغم أنها جاءت مختصرتاً ، إلا أنها كانت معبرة جدا وفي غاية الدقة .
وفى عام 1992، عاد الشاذلي إلى مصر بعد 14 سنة قضاها فى منفاه بالجزائر. وتم القبض عليه بالمطار لدى عودته.
و أجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن دون محاكمة رغم ان القانون المصرى ينص على أن الأحكام القضائية الصادرة غيابياً لابد أن تخضع لمحاكمة أخرى.
وأثناء تواجده بالسجن، نجح فريق المحامين المدافع عن الشاذلي فى الحصول على حكم قضائي صادر من أعلى محكمة مدنية وينص على أن الإدانة العسكرية السابقة غير قانونية وأن الحكم العسكري الصادر ضده يعتبر مخالفاً للدستور.
وأمرت المحكمة بالإفراج الفوري عن الشاذلي. رغم ذلك، لم ينفذ هذا الحكم الأخير وقضى الشاذلي بقية مدة عقوبته في السجن.
وفي بداية شهادته أو تقديمه للكتاب قال "إن معركة السويس بين مصر وإسرائيل عام 1393ه 1973م هي ملحمة سوف يسجلها التاريخ كمثال رائع لمدى الترابط بين الشعب المصري وقواته المسلحة في الدفاع عن أرضه وشرفه العسكري.
وعن الشيخ حافظ سلامة يقول : " وكان بقاء الشيخ حافظ في السويس إماما وخطيبا لمسجد الشهداء بعد تهجير سكانها عقب هزيمة 67 وكأن الله قد اختاره ليؤدي دورا رئيسيا خلال الفترة من 23أكتوبر وحتى 28 منه عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي ، وإفشال خططه من اجل احتلا ل المدينة الباسلة .
وعن الكتاب يقول الفريق سعد الدين الشاذلي " إن أروع ما في الكتاب موضوعان رئيسيان هما : سرد الأحاسيس التي يحس بها المقاتل في الميدان وقت الشدة فمنهم من تخونه شجاعته ولو لبعض الوقت ومنهم من يزداد أيمانا ويزداد إصرارا علي الجهاد في سبيل الله وذلك تصديقا لقوله تعالي ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) 0
أما الموضوع الثاني فهو قيام الشيخ حافظ بسرد آيات الله التي يرويها كشاهد عيان ، والتي تؤكد أن من يتوكل علي الله فهو حسبه ، وسيجعل له مخرجا . فيحكي الشيخ عن استجابة الله لسرية الجنود الذين كانوا يحتلون الجزيرة الخضراء وقت الحصار ، وكادوا يموتون عطشا ، فبعث الله لهم بصندل مياه فشربوا وتوضئوا واغتسلوا .
وفي الكتاب شهادات أخري لقادة كبار في القوات المسلحة مثل الوزير اللواء / أحمد تحسين شنن قائد الجيش الثالث الميداني ومحافظ السويس الأسبق و اللواء/ عبد المنعم واصل ، واللواء / يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 و العقيد أركان حرب / محمد الفاتح كريم واللواء/ فؤاد بسيوني قائد مجموعة 27صاعقة غيرهم الكثير من الشهادات المهمة والخطيرة والموثقة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.