د.هدى الكاشف الدنيا مزرعة الآخرة ، لم يخلقها الله لنجمع كنوزها و لا لنسكن قصورها فتنفعنا يوم لا ظل إلا ظله ، فالدين كل لا يتجزأ فنأخذ ما نأخذ و نترك ما لا يوافق هوانا . لذا علينا التسليم المطلق لله مع الأخذ بالأسباب لأنها سنة واجبة ، و حينئذٍ لا تتوطن فيروسات الأوبئة في الأحياء ولا في الضمائر فلا نجد (( H1N1 و هو ما يطلق على انفلونزا الخنازير و لا غيرها . ذات يوم سأل الربيع الشافعي عن التسليم لله فقال : هو نصف الإيمان ، فقال الربيع : بل الإيمان كله يا إمام .. !! ، فقال الشافعي : الحق معك يا ربيع . و قد دخل بعض الرجال على أحد العارفين في مرضه فقال له : عفاك الله يا سيدي ، فقال الشيخ : إن العافية هي كل ما يريدها الله لا كما نريدها نحن ، لقد سأل العافية رسول الله - صلى الله عليه و سلم – و مات مسموماً من أكلة خيبر التي كانت تعاوده ، و سأل العافية عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – و مات من طعنة مجوسي له في المسجد ، و سأل العافية عثمان بن عفان – رضي الله عنه – و مات مقتولاً في بيته من الفئة الباغية و هو يقرأ القرآن ، و سأل العافية علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – و مات مقتولاً و هو في طريقه إلى المسجد . فالعافية هي ما أراده الله..!! ، وعز قوله تعالى(الذي خلق الموت و الحياة ليبلغكم أيكم أحسن عملا)( الملك2) فهذا تراثنا الإسلامي غني بما يوقظ الضمائر و يزكي النفوس فأين نحن منه ؟! فلو تمسكنا به ما أصبحنا أمة بائسة تعيسة مستنزفة الوعي لا تنتفع من الأمم حولها و لكن فقط يضرها ما يضرهم ، و أين التمسك بقرآننا الذي شغل أعداءنا أكثر من الكثير منا ليجدوا فيه ما يحاربونا به عن علم أحياناً أو جهل أحياناً أخرى ؟!.. ولكن جعل الله كيدهم في نحرهم ، فعلمائهم يعملون فيثبتون صدق قرآننا فيزدادون علماً و نزداد نحن تثبيتاً و تصديقاً حتى يوفقنا الله و يصلح حالنا فنسبقهم أيضاً في العلم كما سبقناهم سالفاً ، فلقد اكتشف بعض العلماء البريطانيين بأجهزتهم الدقيقة الإلكترونية أن لأمة النمل لغة خطاب يمكن سماعها و فهم معناها مستجيباً لقيادته متحركاً وفقاً لأصوات خاصة به ، و هذا الذي جاء به قرآننا منذ أكثر من أربعة عشر قرناً في سورة النمل و فهم سيدنا سليمان للغة النمل فقال تعالى ( حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يٰأيها النمل ادخلوا مسٰكنكم لا يحطمنّكم سليمٰن و جنوده و هم لا يشعرون ۞ فتبسم ضاحكاً من قولها و قال ربِ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ و على والديّ و أن أعمل صالحاً ترضاه و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ) (النمل18,19) . اللهم إنك عفوٌ غفور تحب العفو فاعفُ عنا . داعية إسلامية – عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن و السنة [email protected]