* يزداد الحديث منذ سنوات عن توقع الانهيار الوشيك، ولكنه لم يحدث بل تستمر الحياة فى مصر وكأننا لا نعانى من كل هذا.. كيف تفسر ذلك؟ - الأمور مستمرة طبقا لنظرية أن لكل بلد بوصلة تقوده إلى حيث تريد، وهو أمر موجود فى كل بلاد العالم. ولكن الفرق أنه فى النظم الديمقراطية تتجه البوصلة نحو مصالح الناس، وإرادتهم وحكمهم.. وتقوم الدنيا ولا تقعد مع أى مساس بتلك المصالح. أما البوصلة فى مصر فتتجه نحو أمرين لا ثالث لهما إقصاء الجميع على كل شىء واستئثار فئة محددة بكل ىء.. فما يحدث فى مصر اليوم أن فيها عددا محدودا من الأفراد ليس منهم رئيس الوزراء ولا الوزراء، لأنهم يتغيرون بلا معيار، لا نعرف لماذا أتوا أو لماذا رحلوا، ولكن قلة على قمة السلطة تساعدها قوى القهر هى من تريد أن تستأثر بكل شىء وتقضى كل مصر عن كل شىء.. ولذا تستأثر بالسلطة السياسية والخيرات الاقتصادية، وبمغانم الفساد كله ولا توجد أى مؤسسة فى مصر تملك من أمرها شيئا، ورغم ذلك مازلت أضع آمالى على عدد من المؤسسات والأجهزة التى تعتبر- حتى الآن صمام الأمان فى مصر وهى القوات المسلحة ثم الخارجية والرى والقضاء، بالإضافة لجهاز المخابرات العامة، فكل هذه المؤسسات لابد أن تعى القائمون علهيا أنهم ليسوا ملك النظام، ليسوا ملك عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك.. ولكنهم يدينون لهؤلاء باعتبارهم رؤساء لجمهورية مصر وليس باعتبارهم الشخصى. * كتبت عن فكرة استعانة الدول بمراقبين دوليين فى الانتخابات.. هل تدعو لذلك فى الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ - نعم لقد باتت الرقابة الدولية على الانتخابات من الأمور المتعارف علهيا فى دول عديدة خاصة حديثة العلاقة بالديمقراطية والرقابة تكون من خلال مراقبين يمثلون المجتمع الدولى كوسيلة تثبت بها الدولة حسن نيتها للعالم فى إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وأنها لا تريد العبث بإرادة الناخبين، وهؤلاء المراقبون لا يتعدون على سيادة الدولة، ولكنهم يراقبون فقط حيادية العملية الانتخابية ونزاهة الإجراءات. ولكن حكومتنا ترفض ذلك الاقتراح بالطبع، وبما أن الماضى قد يكون مؤشرا للكيفية التى تسير بها الأمور فى الحاضر والمستقبل فإن الانتخابات المقبلة غير مبشرة. * وماذا عن انتخابات الرئاسة.. هل تم توثيق التوريث فيها؟ - لن يكون هناك رئيس جمهورية إلا الرئيس مبارك أو من يختاره الرئيس مبارك، فالمادة 76 مصاغة من أجل هذا الهدف، وقد قلت وقتها منهم لله من صاغوها بتلك الطريقة، لإثبات الطاعة والولاء ولأغراض شخصية لديهم قد يكون لطمعهم فى فترة أطول فى مناصبهم أو قطعة أرض فى الساحل أو فى طابا دون النظر لمصلحة ذلك الوطن الذى لم يعد أحد للأسف يفكر فيه. للأسف (ماعدش حد قبله على مصر) وللمرة المليون أكرر حزمة التعديلات الدستورية التى طلب الرئيس مبارك إجراءها لا تحقق أى إصلاح سياسى بل على العكس هى تمثل نكسة دستورية لأنها تكرس من حكم الفرد وتجهض أى أمل فى تداول سلمى للسلطة النظام يدور فى حلقة مفرغة لتحقيق أهداف خاصة به والتعديل الدستورى الأخير إحدى حلقاتها. * بماذا تفسر غياب المواطنين عن كل تلك الأحداث دون مشاركة حقيقية؟ - الشعب المصرى من أذكى شعوب العالم، يعلم متى يصمت ومتى يثور، والجماهير الآن تدرك حقيقة المسرحية التى تدور أحداثها على أرض مصر، ليس هذا فقط بل تدرك أيضا أنه ليس لها دور حقيقى فيها، هم مجرد كومبارس يظهر فى خلفية الأحداث يستغل وجوده من كل أبطال العمل، وهم يرفضون أن يستغلهم أحد، ولذا ترين هذا التجاهل المتعمد، ورغم ذلك فأنا أخشى من هذا الصمت الذى طال وأترقب نبضة بين الحين والآخر لأنه صمت المقهور الذى يعانى من صمت ويبقى السؤال الأهم فى كل هذا الحديث إلى متى سيستمر ذلك الصمت والتجاهل الشعبى لكل ما يحدث؟.. لا أحد يعلم ولكننى أؤكد مرة أخرى قلقى من لحظة يحدث فيها الانفجار تأكل الأخضر واليابس.