فى مواجهة ضغط دولى غير مسبوق، اضطرت إسرائيل إلى التراجع والموافقة على دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، لتتولى المنظمات الدولية مرة أخرى عمليات توزيعها على أهل غزة بعد الفشل المزرى لنظام التوزيع الذى حاولت إسرائيل مع شركات أمريكية إقامته تحت هيمنتها وتحول إلى مصيدة للموت، وسلاح للتجويع وليس الإغاثة!! آلاف الشاحنات المصطفة على حدود مصر مع فلسطين بدأت فى التحرك فوراً إلى معبر كرم أبو سالم، ويتبقى أن تمر إلى مراكز التوزيع فى كل أنحاء غزة دون تعطيل تعودناه من جانب إسرائيل التى لا تدرك جيداً أن العالم قد ضاق ذرعاً بجرائمها!! والتى تحاول استباق المؤتمر الدولى الذى ينعقد فى رحاب الأممالمتحدة لتفعيل حل الدولتين، وتخشى من إعلان دول أخرى مؤثرة عن خطوة مماثلة لفرنسا بشأن الاعتراف الكامل بدولة فلسطين المستقلة، كما تخشى الأهم، وهو فتح ملف العقوبات المطلوبة لردع إسرائيل، والذى لم تعد حكومات العالم قادرة على تجاهله فى مواجهة شعوبها التى اكتشفت الوجه الحقيقى للكيان الصهيونى!! هذا التراجع الإسرائيلى لا يعنى إلا الإقرار بالفشل، رغم كل القتل والتدمير والتجويع فى غزة. أصبحت إسرائيل مثالاً للدولة المارقة الخارجة على كل القوانين، والمُطاردة من العدالة الدولية ومن شعوب العالم كله. السقوط الأخلاقى كان فوق التصور، والفشل السياسى عزلها عن العالم، والطريق لفرض العقوبات الرادعة لم يعد مغلقاً رغم الدعم الأمريكى. والآن تضطر إسرائيل للتراجع فى مواجهة طوفان الإدانة العالمية لجرائمها النازية. الإنقاذ السريع لأهلنا فى غزة مطلوب بشدة، لكن الضغوط لا ينبغى أن تتوقف إلا بانتهاء حرب الإبادة وانسحاب قوات الاحتلال، والبدء فى تطبيق خطة الإعمار المصرية العربية فى غزة، كجزء من دولة فلسطين المستقلة التى تجتمع دول العالم اليوم فى نيويورك لتمهيد الطريق أمام إقامتها. العالم كله يعرف نتنياهو كما نعرفه، ولا رهان إلا على استمرار الضغط الدولى لإنهاء الوضع الكارثى فى غزة، وإنهاء حرب الإبادة، والانصياع لقرارات الشرعية الدولية، والإقرار بحقوق شعب فلسطين فى أرضه ودولته المستقلة. الإغاثة العاجلة فرض عين لإنقاذ أهلنا فى غزة.. لكن إنهاء حرب الإبادة هو الخطوة الأساسية الأولى لأى تهدئة حقيقية، وليس أقل من ذلك. قد يتوهم نتنياهو أن هدنة من الجوع كافية لإنقاذه. على العالم أن يؤكد له أن السلام العادل وحده هو الطريق .