اللواء نبيل العزبي محافظ أسيوط في الوقت الذي حدثت به ضجة إعلامية كبيرة حول مقتل شاب مصري من محافظة الشرقية بإيطاليا علي يد شاب أجنبي, والتي لقي مصرعه بعدها. كانت هناك جريمة لا تقل أهميه عنها وربما لم يلتفت إليها الإعلام من قريب أو من بعيد وهو حدث مقتل شاب مصري آخر من محافظة أسيوط بمركز القوصية علي أحد الشبان الألبان باليونان قبل تسعة أيام بعد أن قام الثاني بإطلاق أعيرة نارية استقرت برأس المجني عليه لقي علي أثرها الأول مصرعه في الحال ليعود بعدها إلى وطنه الأصلي جثة هامدة في صندوق. في إحدي القرى بمركز القوصية بمحافظة أسيوط وتدعي (السراقنا ) والتي تبعد 25 كيلو متر عن مركز القوصية الذي يبعد 30 كيلو متر تقريبًا عن محافظة أسيوط تكاد القرية التي يقطنها 4000 شخص منهم علي الأقل 3800 شخص قبطي و200 شخص من المسلمين أن تكون معدومة تمامًا إلا من بعض الخدمات سوى مسجد واحد و4 كنائس ولا توجد بها مرافق علي الإطلاق على الرغم من أن 90% من شبابها يعيشون بالخارج في دول أوروبية متفرقة والشائع منها اليونان وإيطاليا أو دول عربية مثل لبنان وليبيا إلا أن حتي مواصلات القرية تكاد تكون معدومة تمامًا وتخلو من كل مظاهر التقدم والمعمار. وترجع هجرة شباب القرية للخارج إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشباب خاصة وأن الرقعة الزراعية بالقرية صغيرة جدا الأمر الذي دعا الشباب يهربون منها إلى الخارج واحدًا تلو الآخر بطريق شرعي أو غير شرعي. موسي رمزي 25 سنة مثله كمثل كل الشباب المصري الذين نفقدهم بشكل يومي فهو من مواليد 1983 وبعد حصوله علي دبلوم المدارس الثانوية لم يطق العيش في القرية التي عجز عن توفير إمكانياته بها خاصة وأن له من الأخوات الإناث 4 ومن الذكور طفلا صغيرا لم يتعد عمره العشر سنوات، ولذلك قرر أن يتخطى كل حدود الفقر وان يسافر إلي الخارج للعمل مثله مثل باقي أقربائه بالقرية. وقرر موسي السفر عن طريق الهجرة غير الشرعية إلي اليونان منذ ما يقرب من العام والنصف وعقب وصوله إلى اليونان بحث عن أي فرصة عمل تسمح له بتحقيق حلمه فالتحق بالعمل في إحدي المطاعم بقسم (الديلفيري) وما أن بدأ حاله في الاستقرار بعد البحث عن فرصة عمل حتي اختلف مع أحد الشبان الألبان فقام الثاني بإطلاق عيار ناري لتستقر الطلقة في رأسه وتقضي علي حياته في الحال. وعلي الرغم من وفاته منذ 10 أيام إلا أن وسائل الإعلام تجاهلت الخبر تمامًا ولم يصل في تقرير الطب الشرعي المرفق بالجثمان سبب الوفاة. وصل جثمانه إلي مطار القاهرة أمس الأول وشيعت الجنازة من كنيسة القرية صباح أمس. وحينما توجهنا للزيارة رفض أهل المتوفى استقبالنا بل كانت المفاجأة الأغرب من ذلك هي عدم علمهم بحقيقة مقتل ابنهم وأكدت شقيقاته واللاتي رفضن استقبالنا أو الحديث إلينا أن كل ما وصلهم حول وفاة شقيقهم هو أنه لقي مصرعه بعد سقوطه من الدراجة البخارية التي كان يقوم بتوصيل طلبات الزبائن بها وبعد مقابلة عمه الذي رفض مجرد ذكر اسمه أكد لنا أن هناك ثلاثة أفراد هم من يعلمون حقيقة مقتل ابنهم باليونان وأنه يعاب علينا أن نذكر مثل هذا الحدث بالقرية وذلك لأن العار سوف يظل يلازمنا مدى الحياة ولو أن والده علم بما حدث لنجله لقام ببيع أرضه ومنزله وقرر السفر بالخارج للانتقام لنجله خوفا من إهانة أهل القرية له. في الوقت نفسه الذي قوبلنا فيه بهجوم حاد ونظرات ساخطة كانت من أعين كل من يقابلنا بل إن البعض حينما أحس بمعرفتنا بحقيقة مقتل نجلهم قلب العزاء رأسا على عقب ولم يسمح بوجودنا علي الإطلاق. وقد أكد القس لوقا سكرتير مطرانية القوصية أن أهل الشاب المجني عليه يخشون العار الذي سوف يلحق بهم في حالة معرفة سبب الوفاة وعدم مقدرة أهله علي الانتقام، مؤكدا أنها عادات وتقاليد متوارثة ولا يمكن إنكارها أو تغيرها. مضيفا أن الشاب موسي قتل علي أحد الشبان الألبان باليونان بعد حدوث مشادة كلامية ومصادمات بسبب مشكلات مادية بين الطرفين. وقال : إن السبب الرئيسي في عزوف الشباب عن الاستقرار بالوطن وهروبهم للخارج هو الاقتصاد المتردي الذي نعيش فيه وهو ما يشكل الدور الأساسي في هرب الشباب إلي الخارج عن طريق الهجرة غير الشرعية . والسؤال الذي نقف أمامه الآن بعد مقتل شابين مصريين في نفس الأسبوع بدول أجنبية إلى متى سيظل حق المصريين مهدرًا بالخارج وإلى متى سيفر الشباب المصري من الفقر والجوع.