عمرو أدهم: الزمالك تعرض لإيقاف القيد بسبب ياسر حمد.. وموعد حل الأزمة    محكمة أمريكية توقف جزءا من الرسوم التجارية التي فرضها ترامب على الدول    اليوم، أمينة خليل تحتفل بعقد قرانها على مصور سينمائي    طريقة عمل المولتن كيك في خطوات بسيطة    إمام عاشور: أؤكد احترامي لحسام وإبراهيم حسن.. ودائما في خدمة منتخب مصر    محافظ سوهاج يتفقد عددا من مشروعات التطوير والتجميل    موعد أذان الفجر اليوم الخميس ثاني أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    روبيو: الولايات المتحدة ستبدأ في إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين    الدكتور بهجت قرني أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ل«المصري اليوم : الحديث عن السلام حاليًا في ظل حكومة نتنياهو إهدار للوقت » (1-2) حوارات مستقبل الشرق الأوسط (الحلقة الخامسة والعشرون )    مثال حي على ما أقول    الإفراج عن "الطنطاوي": ضغوط خارجية أم صفقة داخلية؟ ولماذا يستمر التنكيل بالإسلاميين؟    بعد فقدان اللقب.. ماذا قدم بيراميدز في الدوري المصري 2024-2025؟    «احنا رقم واحد».. تعليق مثير من بيراميدز    مقتل سيدة على يد زوجها بالشرقية بعد طعنها ب 21 طعنة    النائب العام يستقبل عددًا من رؤساء الاستئناف للنيابات المتخصصة والنيابات    مطروح: إنهاء كل الاستعدادات الخاصة بامتحانات الثانوية الأزهرية    أمانات حزب الجبهة الخدمية تعقد اجتماعا لمناقشة خطط عملها ضمن استراتيجية 2030    ثقافة أسيوط تقدم «التكية» ضمن فعاليات الموسم المسرحي    الرئيس يوجه بتسريع تنفيذ مبادرة «الرواد الرقميون»    رئيس الحكومة يكشف كواليس عودة الكتاتيب وتوجيهات السيسي    اليوم، انطلاق امتحانات الثانوية الأزهرية بمشاركة أكثر من 173 ألف طالب وطالبة    أكلوا بطيخ، إصابة 6 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم في قنا    3 أساسيات احرصي عليها لبناء جسم قوى لطفلك    "ديسربتيك" تدرس إطلاق صندوق جديد بقيمة 70 مليون دولار في 2026    الشرطة الإسرائيلية تعتقل عشرات المتظاهرين الذين اقتحموا مقر الليكود في تل أبيب    طقس الحج بين حار وشديد الحرارة مع سحب رعدية محتملة    وفاة شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة نارية بالفيوم    الأهلي الأقوى هجوما ودفاعا خلال مشوار التتويج بالدوري رقم 45    جانتيس: حكومة نتنياهو لن تسقط بسبب «صفقة الرهائن» المتوقع أن يقدمها «ويتكوف»    «كزبرة»يفتح قلبه للجمهور: «باحاول أكون على طبيعتي.. وباعبر من قلبي» (فيديو)    رئيس «الشيوخ» يدعو إلى ميثاق دولى لتجريم «الإسلاموفوبيا»    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    الكهرباء: لا تخفيف أحمال في الصيف.. وندفع للبترول شهريا نحو 25 مليار جنيه    إصابة شاب بطلق خرطوش عن طريق الخطأ في سوهاج    وزير السياحة: السوق الصربى يمثل أحد الأسواق الواعدة للمقصد السياحى المصري    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 29 مايو 2025    إنجاز تاريخي للكرة الإنجليزية.. 5 أندية تتوّج بخمس بطولات مختلفة فى موسم واحد    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الخميس 29 مايو 2025    3 فترات.. فيفا يعلن إيقاف قيد الزمالك مجددا    موعد أذان فجر الخميس 2 من ذي الحجة 2025.. وأفضل أعمال العشر الأوائل    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    المحكمة الرياضية الدولية توضح ليلا كورة الموقف الحالي لشكوى بيراميدز بشأن القمة    «زي النهارده».. وفاة الملك إدوارد الثامن ملك بريطانيا 28 مايو 1972    دليل أفلام عيد الأضحى في مصر 2025.. مواعيد العرض وتقييمات أولية    أحمد سعد يزيل التاتو: ابتديت رحلة وشايف إن ده أحسن القرارات اللى أخدتها    محافظ قنا يشهد افتتاح الدورة الثانية من "أيام قنا السينمائية" تحت شعار "السينما في قلب الريف"    «زي النهارده».. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة 28 مايو 2010    أبناء "الوفد" ظلموه.. ماذا يتوقع الجلاد للحزب العريق في البرلمان المقبل؟    الركوع برمزٍ ديني: ماذا تعني الركبة التي تركع بها؟    حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان    أمين الفتوى بالإفتاء: الأيام العشر من ذي الحجة تحمل معها أعظم درجات القرب من الله    السفير أحمد أبو زيد ل"إكسترا نيوز": الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر    الرئيس الأوكراني ونظيره الألماني يبحثان سبل تقديم المزيد من الدعم لكييف    بداية حدوث الجلطات.. عميد معهد القلب السابق يحذر الحجاج من تناول هذه المشروبات    ألم حاد ونخز في الأعصاب.. أعراض ومضاعفات «الديسك» مرض الملكة رانيا    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سدّ النهضة" وسنوات "الإخوان" العجاف
نشر في مصر الجديدة يوم 06 - 06 - 2013

لم تشغل قضية بال المصريين مؤخراً، وتستحوذ على المساحة الأوسع من اهتماماتهم، وتزيح ما عداها جانباً، قدر قضية “سد النهضة الإثيوبي”، التي تجاوزت حدود النخب السياسية والأكاديمية إلى الجماهير على اختلاف خلفياتها الثقافية والاجتماعية، والتي مثّل لها هذا الأمر تحدياً حقيقياً، وجعلها تستشعر الخوف على الأمن المائي لمصر، وكيف أنه صار مهدداً بقوة، وأن المستقبل القريب، وليس البعيد قد يكون حاملاً معه سنوات عجافاً وأعوام رمادة .
ربما ردة الفعل القوية وحالة الغضب التي خرجت من نطاق الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى أحاديث منزعجة في الشارع وأماكن العمل وحتى داخل البيوت، وتطورت إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة الإثيوبية بالقاهرة، مردها عدم الثقة في نظام الإخوان الحاكم ومدى كفاءته في التصدي لهذا الخطر، بالإضافة إلى الأجواء التي أحاطت بالإعلان الإثيوبي عن تحويل مجرى النيل الأزرق، والتوقيت نفسه، حيث جرت هذه الخطوة في أعقاب زيارة للرئيس المصري محمد مرسي لأديس أبابا، ما اعتبر دليلاً على ضعف القيادة المصرية، واستهتار الدول الصغيرة قبل الكبيرة بمكانة مصر تحت حكم الإخوان، وكيف أن انشغال هذه الجماعة ب”مشروع التمكين الإخواني” يعرض مصالح مصر والمصريين للخطر الجسيم، بالإضافة إلى تصريحات لوزير الري تم اعتبارها تساهلاً مع الإثيوبيين، وتعطي الضوء الأخضر لمواصلة هذا المشروع المهدد لأمن مصر المائي، فضلاً عن تصدر عصام الحداد مسؤول الاتصالات الخارجية بجماعة الإخوان، الذي أسند إليه منصب مساعد الرئيس، المشهد في هذه الأزمة، بديلاً عن وزير الخارجية، وخبراء الموارد المائية ذوي الكفاءة العالمية والخبراء الاستراتيجيين، بل وتصريح الحداد بأن “معارضة سد النهضة تعزز صورة سلبية لمصر في إفريقيا”، في الوقت ذاته لم نر اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، وحتى اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بوزيري الدفاع والداخلية ومدير الاستخبارات تم الإعلان عن أنه مخصص لدراسة الأوضاع في سيناء في الأساس، فيما لم يُسمع صوت رئيس الوزراء هشام قنديل الذي كان وزيراً سابقاً للري، وأحد المسؤولين من قبل عن ملف التفاوض مع دول حوض النيل، وتم فقط إصدار بيان تمت الإشارة فيه إلى أنه التقى نظيره الإثيوبي على هامش مؤتمر باليابان، وحين تحدث متأخراً كرر موقف من سبقوه من مسؤولي الإخوان في الاتكاء على التطمينات الإثيوبية المشكوك فيها، والتي لا يمكن التعويل عليها .
وفي المجمل كانت كل التصريحات الرسمية منذ الإعلان الإثيوبي المثير للجدل ولمخاوف المصريين، تميل للتهدئة والتقليل من خطورة الموقف، والانتظار لحين صدور تقرير اللجنة الثلاثية المعنية بدراسة تأثيرات هذا السد، الذي لا قيمة له مع دولة تقوم بفرض أمر واقع على الأرض، ما أثار استياء الرأي العام المصري والذي رأى في الأمر عدم تقدير صحيح للأمور، واستهانة بخطورة ما يجري .
ومن الطبيعي في مثل هذه الملفات الحساسة أن القيادة السياسية الكفء عليها إظهار القوة والحسم في قضية لا تقبل أي تقاعس أو تهاون أو تهوين، خاصة أن مصالح الشعوب تحتاج لإرادة سياسية وإدارة فعالة وقوة تحميها وإشعار الآخر بفداحة الثمن الذي سيدفعه حال تجاوزه الخط الأحمر للأمن المائي المصري، وليس الرهان على تطمينات الآخر الذي يلعب على عنصر الوقت لتمرير مشروعه، والذي يمضي في مخططاته غير عابئ بالمخاوف المصرية، ودون تشاور جدي حول سبل تحقيق المنافع المشتركة، ومن الواضح أن مصالحه تتضارب مع مصالح مصر، إلى جانب أنه تربطه علاقات وثيقة بدول لاتزال في الضمير الشعبي المصري في قائمة الأعداء، وفي مقدمتها الكيان الصهيوني، الذي تعبث أياديه في ملف حوض النيل منذ وقت بعيد، ويدعم كل التحركات التي تمثل ضغوطاً على مصر وتهدد أمنها المائي، خاصة بعد فشله في إيصال ماء النيل لداخل “إسرائيل” .
وربما ما يجعل التهديدات جدية وليست فزاعة أو “مشكلة نفسية خاصة بالمصريين” حسبما اعتاد السفير الإثيوبي في القاهرة على توصيف الموقف، هو الزيادات المتتالية في السعة التخزينية للسد، وعدم القيام بدراسات فنية كافية، وسط حديث عن عدم ملاءمة التربة لمثل هذا المشروع وإمكانية انهياره وتهديد إثيوبيا وجيرانها بالغرق وسط زيادة منسوب المياه، وحين انخفاضها أو موجات الجفاف سينعكس بالسلب على حصة مصر المائية ومن ثم قدرة السد العالي على توليد الكهرباء، إلى جانب أن ثمة علامات استفهام بل وريبة إزاء رفض القبول بتعاون مصري، رغم الخبرة الواسعة لمصر في هذا المجال، ومساهمتها من قبل في مشاريع مائية في إثيوبيا، وفي غيرها من دول حوض النيل، علاوة على وجود مخطط إثيوبي لبناء أربعة سدود على مدى العشرين عاماً المقبلة، وإحياء مشاريع قديمة قام بدراستها الأمريكيون للضغط على الزعيم المصري عبدالناصر في أعقاب تحديه الغرب والشروع في تأميم قناة السويس وبناء السد العالي، والأكثر من هذا هو نكوص إثيوبيا بتعهداتها السابقة، سواء التي جرت في ظل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، أو تحت حكم المجلس العسكري وحكومة عصام شرف التي سعت لتحسين العلاقات مع الجانب الإثيوبي من أجل ضمان الأمن المائي المصري، وذات الهدف تحركت من أجله بعثة الدبلوماسية الشعبية التي قامت بزيارة عدة دول إفريقية، منها إثيوبيا، غير أن أديس أبابا لم تأخذ هذه المبادرات الرسمية والشعبية في الاعتبار، وسعت لاستغلال الظرف السياسي الذي تمر به مصر منذ اندلاع انتفاضة يناير ومناخ عدم الاستقرار والصراعات الداخلية في الإعلان عن “سد الألفية” الذي تغير ل”سد النهضة”، ثم الشروع بالفعل في تنفيذه وتوسعة سعته بشكل ضخم يتجاوز المعلن عنه سابقاً مرتين تقريباً .
ويجب عدم أخذ مشروع السد بمعزل عن “اتفاقية عنتيبي” وقيادة إثيوبيا لدول حوض النيل في مواجهة مصر والسودان بغية الانقلاب على الاتفاقات السابقة التي تضمن الحقوق المائية لكل من دولتي المصب، وتحدد حصتهما المائية، فضلاً عن التفاهمات المشتركة والمبادرات التي تنص على ضرورة التعاون الجماعي للاستفادة القصوى من مياه النيل، وعمل مشاريع تكفل تعظيم الاستخدام للفواقد التي تضيع في الغابات، أو تتسرب أو تتعرض للبخر والإهدار طوال رحلة النهر الطويلة .
وربما تواتر الحديث الإثيوبي بشكل خاص عن أن حقوق مصر والسودان المائية تحتاج لمراجعة، بحجة أنها ترجع لميراث استعماري، أو أن المياه ثروة طبيعية مثل النفط، ومن ثم يجب تسعيرها وبيعها، أو الاستفادة منها في توليد كهرباء يتم تصديرها للخارج، بل وعرض الأمر على مصر كما لو كان فرصة، أو إغراء لشراء سكوتها، ومن قبل دعمها القوى، إلى جانب الكيان الصهيوني وواشنطن، لانفصال السودان، والتواجد العسكري الإثيوبي في الصومال، ما يعكس سوء النوايا، وأن ثمة خطراً حقيقياً يواجه مصر بشكل حقيقي، وتوسعة للنفوذ الإثيوبي على حساب حصار الدور المصري أكثر في إفريقيا، وتهديد الأمن الوطني لهذه الدولة العربية والإفريقية الكبيرة .
ومن باب الموضوعية عدم تحميل كامل المسؤولية عن هذه الأزمة الراهنة للقيادة السياسية الحالية، بحكم أن للقضية جذوراً قديمة، ولها أبعاد سياسية وإستراتيجية وحسابات خاطئة ودوائر أولويات للحركة الدبلوماسية غير منتجة، تبدأ منذ حقبة السادات واستفحلت في عهد مبارك، من إهدار للاستثمار السياسي والثقافي والاقتصادي المصري في عهد الزعيم عبدالناصر في إفريقيا، وترك الفناء الخلفي لمصر وأمنها الوطني يعبث فيه الكيان الصهيوني، والتوجه نحو أمريكا والاتحاد الأوروبي، والاستعلاء على الأفارقة، فضلاً عن تقزيم دور ومكانة مصر الذي سمح بتجرؤ أي دولة مهما كان حجمها على تهديد مصالح مصر .
صحيح أن مبارك في سنواته الأخيرة أدرك خطورة الابتعاد عن إفريقيا ومدى صلته بتهديد الأمن المائي المصري، وأن مدخل التعاون الاقتصادي والفني قد يكون مفيداً في تصحيح أخطاء الماضي، غير أنه كان قد فات الأوان، وشبت الدول الإفريقية عن الطوق، وبدأت تشعر بأهميتها وقيمة ما تحت أيديها، ووجدت من يغذي طموحها لتجاوز دولة بحجم مصر، فيما دخلت دول عديدة على الخط إلى جانب الكيان الصهيوني، مثل الصين، إلى جانب الوجود الأمريكي والأوروبي بالطبع، وكل هذه القوى تمكنت من ملء الفراغ المصري، وتقديم ما لا يمكن أن تقدمه مصر المثقلة بأزمات اقتصادية متواصلة، التي صارت حركتها الدبلوماسية أبطأ مما ينبغي، ولا تأخذ القضايا المصيرية بالجدية الكافية .
فالأمر يتطلب استخدام كافة أوراق الضغط، وإبداء قدر من المرونة مع الحسم، وسرعة الحركة، وإشهار “العصا والجزرة” في وجه إثيوبيا وباقي دول حوض النيل، على النحو الذي يحقق المصالح المصرية ويوفر ضمانات حقيقية لصيانة أمنها المائي حالياً ومستقبلاً .
وتبقى هذه القضية التي تمس مستقبل مصر وأمنها المائي اختباراً حقيقياً لنظام الإخوان الحاكم، وإن كانت الشكوك تحيط بمدى قدرتهم على التعاطي مع ملف بهذا التعقيد والخطورة، بعد فشلهم في ملفات عديدة داخلية وخارجية وانشغالهم بمصالحهم الخاصة الضيقة على مصالح الوطن والمواطن .
email:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.