يُعَدُّ التعليم الفنى إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، حيث يُسهم بشكل مباشر فى إعداد الكوادر البشرية المؤهلة لسوق العمل، ومع تزايد الحاجة إلى العمالة الماهرة فى مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، أصبح تطوير التعليم الفنى ضرورة حتمية لمواكبة التطورات التكنولوجية وتحقيق التنافسية على المستويين المحلى والدولى. لذلك، تتبنى الدولة المصرية استراتيجية شاملة لتطوير التعليم الفنى، ترتكز على عدة محاور رئيسية، من بينها تحديث المناهج لتتواءم مع احتياجات السوق، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتطبيق نظام الجدارات، بالإضافة إلى التوسع فى إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية التى تدمج بين التعليم والتدريب العملى ويهدف هذا التطوير إلى تحسين جودة الخريجين، وزيادة فرصهم فى التوظيف، والمساهمة الفعالة فى دفع عجلة الإنتاج والنهوض بالاقتصاد الوطنى. يقول د. عمرو بصيلة، رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم الفنى بوزارة التربية والتعليم، إنه بالنسبة لوضع التعليم الفنى فى مصر، كنا فى عام 2018 فى المركز 113 على مستوى العالم وفقًا لتصنيف الأممالمتحدة، وفى 2024 وتحديدًا فى ديسمبر 2024 أصبحنا ال 43 على العالم، وهذا التقدم الكبير هو دليل على نجاح الاستراتيجية التى وضعتها الوزارة فى 2019، وبدأت فى تطبيقها معتمدة على مجموعة من المحاور. وتابع بصيلة أن القطاع الخاص يشارك فى وضع المناهج، وبالتالى يحدد ما هى المهارات الأساسية التى يجب أن يتحلى بها الخريج، وفقًا لأحدث التكنولوجيات الموجوده فى السوق، وبالتالى تلبية احتياجات سوق العمل. وأضاف: أيضًا قمنا بعمل نموذج اسمه مدرسة التكنولوجيا التطبيقية، وفيها يشارك القطاع الخاص فى وضع المناهج، وأيضًا فى عملية إدارة المدارس، وبالتالى يشرف على العملية التعليمية للطالب سواء العملية أو النظرية. وفى النهاية فإن القطاع الخاص أصبح شريكا أساسيًّا فى لجنة تقييم الطالب فى التخرج للحصول على شهادة الدبلوم، وبالتالى فى كل مراحل العملية التعليمية الطالب مشترك فيها تحت إشراف القطاع الخاص، لذلك نضمن بنسبة 95 % أن الطالب يلبى احتياجات سوق العمل، لأن القطاع الخاص مشترك فى جميع مراحل التقييم ومشترك أيضًا فى وضع المناهج وغيره. ويوضح د. عمرو بصيلة، أن نسبة البطالة فى مصر قائمة أساسًا على أنه لا يوجد مهارات، ولذلك نحاول أن نمنح أولادنا وبناتنا المهارات المطلوبة لسوق العمل، ليس لليوم فقط بل للسنوات الخمس القادمة، ودائمًا نقوم بعملية مراجعة وتطوير للمناهج كل خمس سنوات، حتى نتأكد باستمرار أنها تلبى بالكامل متطلبات سوق العمل. وقال: إذا تعلم الطالب بشكل جيد، بالتأكيد القطاع الخاص سيوفر له العمل، لأن أى مجال سواء الصناعى أو الفندقى أو الزراعى، وغيرها، يحتاج لوجود عمالة فنية مدربة، ويشتكى من عدم وجودها بالتأكيد. و تلك هى الرسالة الأساسية لنا، لأن إذا أجاد الطالب الصنعة التى يتعلمها داخل المدارس الفنية المختلفة بالتأكيد سيحصل على فرصة عمل جيدة. وبالنسبة لكيفية ضمان الاندماج فى سوق العمل لخريج التعليم الفنى، فإن القطاع الخاص ببساطة شديدة عضو رئيسى فى لجنة الاجازة، وهو الذى يقول هل الطالب يتخرج أم لا، ولذلك إذا لم يكن الطالب كفؤا وقادرًا على أداء المهمة فلن يتخرج إلى أن يثبت كفاءته. وأشار بصيلة إلى أن أبرز التحديات التى تواجه التعليم الفنى، هى عدم إقبال القطاع الخاص وأصحاب الكيانات المتوسطة والصغيرة على المشاركة فى التعليم الفنى، الكيانات الكبيرة كلها اشتركت فى التعليم الفنى فى مدارس مختلفة، لكن نحن نريد الكيانات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، مثل الورش والمحال التجارية، عليها أن تشترك بأن تأخذ مجموعة من الطلاب وتقوم بتدريبهم لديها حتى يضمنوا أن الطالب حصل على القسط الكافى من التدريب العملى، وبناء عليه يستطيع أن يلبى الوظيفة التى يريدها. وأضاف: لدينا حوالى 1730 مدرسة تعليم فنى بنوعياته المختلفة، وتقدم الخدمة التعليمية، والمدارس منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية، ونراعى نوعيات المدارس الموجودة على حسب النشاط الاقتصادى الموجود فى كل محافظة، وذلك لأن التعليم الفنى مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد، فمثلا المدارس الزراعية موجودة فى المحافظات التى بها نشاط زراعى كبير، والمدارس الصناعية موجودة بكثافة فى المحافظات التى بها أنشطة صناعية، وهكذا نحن نبحث عن ما هو النشاط القائم فى المحافظة أو المنطقة، نوفر المدرسة الفنية فى التخصص المناسب لهذا النشاط الاقتصادى. وقال: إن الحكومة والقطاع الخاص أطلقا عددًا من حملات التوعية والمسابقات، وأقاما معارض خاصة بالتعليم الفنى، مثل المعرض الدولى للتعليم الفنى التكنولوجى «EDU-Tech» وهناك مبادرات وحملات توعية على المدارس الإعدادية حتى يقوموا بتعريف الطلاب ما هو التعليم التكنولوجى، ما هى فوائده وأهميته، ونحاول أن نساعد أولادنا فى الالتحاق بالجامعات التكنولوجية دون الحاجة لمكتب التنسيق، وهناك أنشطة تقوم بها الوزارة وتحديدا المختصين بالتعليم الفنى بها لتشجيع الطلاب على الالتحاق بالتعليم الفنى، وهذا تم من خلال التحاق 45 % من طلبة الإعدادية بالتعليم الفنى سنة 2018، وهذا العام نتحدث عن 57 %، وبالطبع نريد زيادة تلك النسبة كما هو متبع فى معظم دول العالم المتقدم. ويقول د. تامر نجم الدين، مدير عام الإدارة العامة للتعليم والتدريب المزدوج والتكنولوجيا التطبيقية: بدأنا وضع استراتيجية لتطوير التعليم الفنى فى عام 2018 واليوم فى عام 2025 حققنا عدد مستهدفات كثيرة جدا جدا من المحاور الخمسة التى وضعناهم فى عام 2013 بالشكل الذى جعلنا فى شهر نوفمبر السابق قمنا بعمل تحديث لمحاور تطوير التعليم الفنى وأضفنا محاور أخرى وهذا يعنى ان المحاور التى وضعناها فى عام 2018 وصلت لنسبة إنجاز لا تقل عن 85 أو 90 % ،أنجزنا جزءا كبيرا جدا وفوق توقعاتنا من اول تطبيق الجودة فيما يخص مدارس التعليم الفنى، والآن مدارس التعليم الفنى موجودة فى الإدارات بكل النوعيات وتدريب المعلمين. وفيما يخص إشراك القطاع الخاص، أصبح لدينا عدد كبير جدا من الشركات التى أنشئت معنا ما يطلق عليه مدرسة التكنولوجيا التطبيقية وما يطلق عليه مراكز التميز، فإشراك القطاع الخاص الآن أصبح داخل كل شىء، فى الأول كان دور القطاع الخاص يتمحور حول عملية تدريب الطلاب فقط، لكن اليوم أصبح يشمل بداية من إعداد البرامج وهذا من اول بداية الكلام عن البرنامج وتوصيفه إلى كتابة الوحدات وكل شىء وأيضا اختيار المعلمين فى المدارس. وتابع نجم الدين: من أبرز الشركات فى القطاع الخاص التى تهتم بهذا الملف بجانب وزارات مثل وزارة الإنتاج الحربى ووزارة الاتصالات ممثلة في (شركة We) وبالطبع كلنا نعرف مدارس we للتكنولوجيا التطبيقية، وأنا أتحدث عن مدارس التكنولوجيا التطبيقية لأنها هى النقطة الأكثر إضاءة فى التعليم الفنى، نظرًا للنجاحات الكبيرة التى حققتها تلك المدارس والميزة بها أنها يطبق فيها كل محاور التعليم الفنى، فهناك we والإنتاج الحربى ومؤخرًا شركة إنبى للبترول وعدد من شركات قطاع البترول أصبحت معنا فى المدارس التكنولوجيا التطبيقية، وأيضا توجد شركة العربى وهى بالطبع أول مدرسة بدأت معنا عام 2018 واليوم أصبحت العربى مدرسة معتمدة فى اليابان، ويعتبرون أنها أحدى المدارس اليابانية الموجودة فى مصر، والحمد لله هناك مجموعة من النجاحات ومراكز التميز، حيث يوجد مراكز تميز قطاعية اى تخدم قطاع كامل، وقمنا بعمل مركز تميز فى قطاع الصناعات الهندسية فى زين العابدين ومركز تميز مع سيمنز Siemens وشركة دى إم جى مورى وشركة طنطا موتورز وغيرهم الكثير من الشركات الكبرى. وهناك مركز تميز آخر فى العبور فى قطاع السيارات مع شركة غبور، وشركة منصور للسيارات، وشركة ناتكو وغيرهم، وشركة فريش فى العاشر، وهى شركة كبيرة جدا، وإيفر جروب، ومجموعة من الشركات أنشأت مجموعة من المدارس اسمها مدارس التكنولوجيا التطبيقية الدولية، وعددهانحو 10 مدارس، ويوجد فتح الله فى الإسكندرية. وتابع: القطاع الخاص يقول لنا ما هى متطلبات سوق العمل ونعمل عليها، وصراحة فإن المستفيد الأول والأخير من التعليم الفنى هو القطاع الخاص، لأن التعليم الفنى هو المنتج الذى يشتريه القطاع الخاص، فنحن نعمل على التعليم الفنى حتى نخرج طالبًا قادرًا على أن يلتحق بسوق العمل. وأضاف: عندما نُسأل هل التعليم الفنى عالج مشكلة البطالة؟ الإجابة هى أن أصل مشكلة البطالة هو أننا نتحدث عن الخريجين الذين لم يحصلوا على عمل، لكن نحن استطعنا تخريج خريجين وحصلوا على عمل بالفعل، إذن مشكلة البطالة نحن نساعد على تجميدها والتخفيض من حدتها، لكن سيبقى مجموعة من الخريجين الذين تخرجوا منذ سنوات كثيرة جدا قبل أن نبدأ تطوير التعليم الفنى، ومن الممكن أن يكون من الصعب وجودهم فى سوق العمل بسبب الفجوة الكبيرة بين قدراتهم ومهاراتهم ومتطلبات سوق العمل حاليًا. 2