قد يظن البعض ان الموت كلمة تحمل فى معناها الخروج من الحياة جسديا ، فطالما كان الفرد منا يأكل ويشرب ويلهو وينام انه كذلك على قيد الحياة ، ولكن مغزى الفكرة هنا فى مقالى اليوم تحمل غير ذلك ، فالموت له نوعان . النوع الاول الذى اعتدنا عليه من مفارقة جسدية للفرد ، وهذا ما يسمى بالموت الفسيولوجى الذى فيه تتوقف اعضاء الجسم عن العمل الذى تؤديه ويلفظ الفرد انفاسه ويغادر الدنيا تاركا وراءه جسدا يفنى مع الوقت ويصبح ترابا .. اما النوع الذى اتحدث عنه هو الموت السيكولوجى ( النفسى ) ، فى هذه الحالة يموت الفرد من داخله " موت الداخل " ، فالفرد الذى يحمل الكره والعداء للأخرين ، وما اكثر من تلك النوعية فى مجتمعاتنا ، الحقيقة هو شخص ميت من الداخل ، فتراه يتعايش ويتعامل معك ولكنه يفتقد تماما الى الحس الانسانى فى التعامل ، هؤلاء قد يكونوا على درجة علمية عالية ، ويؤدون واجباتهم الدينية على اتم وجه ، ولا يقصروا فى اى شىء تجاه تطورهم العلمى او العملى . ان الكره شعور نفسى يجعل من يحمله ثقيلا جدا على نفسه والاخرين، وثبت علميا فى مجال علمى يسمى ما وراء علم النفس ان الشخص الكاره يخرج منه اشعة سلبية لا ترى ولكن تُحس ، وتظهر بوضوح عند الاقتراب من اولئك " الموتى نفسيا " فيظهر على المقترب منهم علامات الإكتئاب والاحباط والنكد والشعور بالضيق . والغريب والعجيب ان شعور الكره المزمع هذا يبدء صغيرا عند حامله ، وسرعان ما ينتشر فى جسده كالخلية السرطانية ، فتتحول المشكلة الصغيره بداخله الى مشكله اكبر تجعله يصل الى مرحلة كرهه لنفسه ، واحراق ذاته داخليا وخارجيا وتسمى هذه المرحلة فى علم السلوك الانسانى وهو علم تابع للادارة " الاحتراق الداخلى " ، فستجد ان صفات الشخص الحسنة تتأكل واحدة تلو الاخرى . ايضا من التخوفات ان من يحمل الكره ستراه يلون الحياة بلون اسود فقط ، يشعر بذلك كل من يقترب منه ، فتراه يشوه كل ما هو جميل ، ويتفنن فى بث روح الكأبة والاشمئزاز فى نفسك ، وتراه ناقما على من شىء حوله انسانا او جمادا او نباتا ، هنا يصل الفرد الى مرحلة الموت الكامل ، وهؤلاء تحدثت عنهم فى مقال سابق كنتيجة لحالة اللاحل التى لو وصل اليها الشعب وهم حالة الاسترضاء ( هادمى الحضارة - التكفيريين - طامعى السلطة - ضحايا السجون - المستسلمين للظلم .. الخ ) . هؤلاء لا يجب اشراكهم فى حياة الانتاج او الابداع حتى يعالجوا من داخلهم بواسطة جوانب مختلفة منها القرارات التى تمسهم او التعاملات التى تحسن من سلوكياتهم ، لانه اذا ما حدث اشراكهم مباشرة دون علاج ، فسوف تبث سمومهم داخل من هو نشط وسيخمله ، وسيهدم من هو فاعل وسيجعله مفعولا به ... اللهم بلغت اللهم فاشهد .. حفظ الله مصر وشعبها من الكره . محمد باغه