يبدو أن الحزب الوطنى بدأ فى صب لعناته على جماعة الإخوان المسلمين تلك الجماعة التى يطلق عليها المحذورة فبعد أن أيقن أنها القوة السياسية الكبرى والوحيدة التى تقف عائق أمام طموحاته فى حصد مقاعد الحزب فى المجالس المختلفة داخل مصر بداية من مجالس النقابات وحتى مجلس الشعب من أجل الاستحواذ على الكرسى الكبير الخاص برئاسة الجمهورية وربما تأخر الحزب فى تنفيذ الإخوان وقد يكون مبرر هذا التأخير المحاولات التى شهدتها الفترة السابقة من الدخول فى صفقات سرية مع جماعة الإخوان عن طريق بعض عناصرها وكان هذا واضحاً فى الضغط المستمر عن طريق أوامر الاعتقال وحبس القيادات أو أذرع الجماعة فى المحافظات المختلفة كنوع من تكسير العظام ومحاولة شل حركة الجماعة داخل المجتمع المصرى من خلال استئصال أطرافه . وربما لم تتمكن قيادات الحزب التى نجحت من قبل فى تحقيق مثل هذه الاتفاقيات فى تحقيق تقدم ملموس فى هذه المرحلة وقد يرجع هذا الإخفاق إلى عدم وجود من له القدرة على الحوار والإقناع لقيادات الجماعة من بين الشخصيات القيادية الحالية فى الحزب الوطنى والذى قام بعملية تغير كبير فى قياداته فى السنوات الأخيرة. وبعيدًا عن هذا نرى أن ما تم مؤخرًا من الاستفتاء بالتمرير على أعضاء شورى الإخوان كان بمثابة القشة التى أحدثت شرخ قد يصعب إصلاحه على الأقل فى الفترة الحالية لتنقسم الجماعة رسمياً إلى قسمين ما يطلق عليه التيارالإصلاحى والآخر المحافظ أو المتشدد والذى يتبنى بعض الأفكار الثورية ويصر على اقتحام العمل السياسى وعدم الاكتفاء بدور التوعية و التنوير . إن الانقسام حول موعد الانتخابات لاختيار المرشد الثامن للجماعة فى يناير القادم بدلاً من الموعد الذى كان محددًا لها فى يونيو 2010 ، ينذر بحدوث أزمة فى مستقبل الجماعة والتى تعد الأقوى فى العمل السياسى فى مصر ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث فى الأيام القليلة القادمة، وهل سيتم بالفعل إجراء تلك الانتخابات فى يناير أم يونيو ومن سيقوم باختيار المرشد العام لمجلس شورى الإخوان الحالى أم المجلس الجديد المطعون عليه والذى يرى التيار الإصلاحى داخل الجماعة أنه يفتقد إلى الشرعية ولا يعتد به . وعلى الرغم من تواجد أصوات تنادى بتولى محمد حبيب شئون الجماعة خلال المرحلة الانتقالية من 13 يناير القادم وهو الموعد المحدد للمرشد الحالى مهدى عاكف فى انتهاء ولايته وذلك حتى تتم الانتخابات الخاصة بمجلس شورى الجماعة فى موعدها المحدد فى يونيو القادم وبعدها يقوم المجلس الجديد باختيار المرشد وفقاً للقواعد الداخلية المنظمة لعمل الجماعة إلا أن محمود عزت راعى التيار المتشدد يرى أن تولى حبيب المسئولية حالياً قد يزيد من أسهمه فى الانتخابات القادمة وهو مالا يرضيه ويريد أن يدفع بأحد التابعين لتياره. وبين هذا وذاك يقف الوطنى مترقباً عن كثب ليرى ما ستسفر عنه هذه الصراعات التى لا يستبعد الكثيرون أن هناك أيادى من داخل الوطن أو على الأقل ذات صلة به كانت ضمن عوامل تلك الوقعية التى بالتأكيد ستشغل الجماعة وتزج بها فى خلافات داخلية قد تبعدها ولو مؤقتاً عن الساحة السياسية حتى يتم تمرير انتخابات مجلس الشورى ومجلس الشعب خلال العام القادم 2010 وهو الهدف الرئيسى للحزب الوطنى حالياً ومن بعدها سيستطيع الحزب السيطرة على كل مفاتيح اللعبة ولن يشغل باله الانتخابات الرئاسية فى 2011 لأنها ستكون محسومة فى ظل مواد الدستور الحالى ووقتها تستطيع أن تقول إن بمصر قوة سياسية واحدة فى ظل إبطال مفعول المحذورة وتهميش دور الأحزاب التى تلعب دور الكومبارس بشهادة رؤسائها، وإذا نجح هذا السيناريو خلال الأيام القادمة فتستطيع أن تقول: إن لعنة الوطنى قد أصابت جماعة الإخوان.