فى عصر ملىء بالمتغيرات التى تحوّل الاشياء فى لحظة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ، ومن اعلى الفوقيات الى اسفل التحتيات ، ويبقى المواطن هو الكرة التى تقفر من هنا لهناك مع كل ضربة تغيير تحدث قلبا للموازين والاوضاع . اهل الخبرة هم اناس امتهنوا العمل مسبقا وعاشوا مع الماضى يديرونه وفقا لمتغيراته ، نجحوا او فشلوا ليس مهما ، بل الاهم ان لديهم التجربة والخبرة التى حصلوا عليها وان لم يفلحوا فى دأبهم . اهل الثقة هم اناس قريبون ممن هم على رأس السلطة - اى سلطة - لا يفترض فيهم الخبرة ولا الكفاءة بقدر ما يفترض فيهم الولاء والطاعة التى احيانا تصل الى الطاعة العمياء ، قد يكونوا اكفاء ولكن من وجهة نظر من عينوهم ، ولا تستعجبوا قولى انهم اكفاء حيث انه ليس بالضرورة ان ترتبط الكفاءة بالفاعلية ،، فعلى سبيل المثال يمكن لرئيس دولة ان يكون كفؤا فى ادارة الموارد بشكل يوفرها ولكنه لا يحقق الهدف الاصلى لها ، فهنا نقول ان وصل للكفاءة ولكن كفاءته ليس لها معنى دون تحقيق الفاعلية اولا .. وعن اهل الثقة ، فإن تعيينهم يخل بمبدأ اساسى من اسس الادارة الناجحة فى شغل المراكز بالافراد ،، وان يتم وضع الشخص الغير مناسب فى المكان الغير مناسب ،، فلا هو مناسب علميا او مهاريا ولا المكان يسمح باستيعابه سلوكيا وعمليا ،،، وهى مشكلة البلدان النامية ومنها مصر ،، والى الان نرى فى مواقع كثيرة على المستوى الكلى والجزئى والعام والخاص ان ثقافة الشللية متفشية ومسيطرة على كل ارجاء المحروسة . اهل الكفاءة مفهوم يرتبط اساسا بفترات التحوّل ، ودعونى اسميها كما تقول المرحلة " التحوّل الثورى " ، هذه المرحلة لا تعنى بالضرورة الاحتياج الى النوعين السابقين من اهل الخبرة او اهل الثقة ،، اذن اهل الخبرة كما قلنا خبراء فى ماضيهم والتحول الحادث له ابعاد جديدة قد لا ترتبط بالماضى على الاطلاق ويحتاج الامر الى فهم المتغيرات حتى يتم الربط بين ماهو قائم وما هو مستجد وان حدث ان استسقينا من خبرات الماضى ما يتيح لنا فهم الحاضر سننجح فى تفسير المستقبل ، وهذا مرتبط فقط بقناعة اهل الخبرة بضرورة التحول ليصبحوا اهل كفاءة وليس اهل خبرة ،، فحضارة ال8000 سنة كونت اهل خبرة ولكن هل تنجح فى وقتنا الحالى لتصبح اهل كفاءة ،، يمكن ذلك اذا ما ادرنا التاريخ بشكل يخدم الجغرافيا والسياسة والاقتصاد والادارة ،، ومع التحول الحادث تتولد الكفاءة من الخبرة اما عن اهل الثقة وربطهم بالكفاءة ، فلا استبعد ان ينصلح الامر بأن يصبح اهل الثقة اهل كفاءة بشرط ان تتوافر فى من ولاهم المسؤلية الفاعلية ،، حينئذ ستتحول الثقة المزعومة الى حسن لاستغلال الموارد المتاحة وتحقيق النفع منها فى اطار الفاعلية الموضوعة ،،، لذا حينما نقّيم اداء الدولة مثلا فى ظل تعيين اهل الثقة ،، فان الامر يزعجنى فقط اذا ما رأيت الفاعلية فى السلطة الاعلى مفقودة ،، حينها اقول ان اهل الثقة فى المكان الغير مناسب ،، اما وان حدث العكس ان يصبح اهل الثقة فى اطار من الخطط المحكمة والاستراتيجيات المدروسة والعمل الممنهج ،، فلا امانع من توليهم طالما الهدف هو الفاعلية المصرية . المرحلة الثورية واقصد هنا بالثورية مرحلة التحول الاقتصادى والسياسى والاجتماعى والثقافى والديموجرافى تحتاج الى اهل كفاءة ،، ومقياس الكفاءة يرتبط بمقياس الخبرة والثقة بشروط كما قلت سابقا ،، ومقالى هذا ومضة لمن بيده الامر لربط الاداء بالكفاءة المستقاه من الخبرة او الثقة فى حالة ان لم يجد اهل الكفاءة لادارة الامر .. وهى ومضة لكل مؤسسات الدولة المصرية لان تخلق اهل كفاءة ،، اجيال قادرة على الابتكار والتطوير والتحسين فى عمليات صنع القرار واتخاذه ، وتحمل المسئوليات وفهم معايير السلطة والسياسة ، وادارة الاقتصاد والبيئة بشكل يحافظ على الماضى ويدير الحاضر لتحسين المستقبل ،، لاننا ببساطة اصبحنا فى زمن التغيير فيه هو الاصل والثبات اصبح الاستثناء .. حفظ الله الشعوب المؤمنة من كل سوء .. محمد باغه القاهرة - 5 / 5 / 2013