العنف امتد حتي بين الشرطة والشرطة أن انعدام الحياة السياسية الوطنية السليمة، وغياب أطر ومؤسسات المشاركة الشعبية في الشأن العام، ولَّد مناخاً اجتماعياً وثقافياً وسياسياً يزيد من فرص الانفجار الاجتماعي، ويساهم في إقناع العديد من أفراد القطاعات الاجتماعية المختلفة بخيار العنف. وهذا يقود إلى حقيقة أساسية من المهم التنبه لها دائماً؛ وهي: أن العنف أداة يستعين بها القاهرون والمقهورون، وإنْ كان ذلك بمقادير مختلفة ولغايات متباينة. ولا ريب أن وجود توترات ظاهرة أو كامنة بين الدولة والمجتمع في الفضاء العربي، يساهم عبر تأثيراته ومولداته في بروز ظاهرة العنف. وتجارب الحروب الأهلية المؤلمة التي جرت في بعض البلدان العربية تؤكد بشكل لا لبس فيه أن تناقض الخيارات الكبرى بين السلطة والمجتمع يقود في المحصلة النهائية لنشوء ظاهرة العنف وبروزها. وقد عبَّر هذا التناقض والتدهور عن أعلى تجلياته المادية، في انفلات غرائز العدوان المتبادل بين مكونات الحقل السياسي في مشاهد متلاحقة من العنف والإقصاء المتبادل، إلى درجة باتت فيها العملية السياسية عاجزة- أو تكاد- عن أن تعبر عن نفسها في صورة طبيعية، أي كفعالية تنافسية سلمية، وإلى الحد الذي كاد فيه العنف- المادي والرمزي- أن العنف لا يُعتبر ظاهرة وإن تعددت أشكاله ومظاهره نتيجة حدوث تغييرات كبيرة في المُجتمع أثرت وبشكل بعيد على طبيعة العلاقة بين الأفراد والجماعات وامتدت لتشمل العلاقات الأسرية، ومن هذا المُنطلق فلا بد من المواجهة الشاملة من كافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية بالبلاد . أنه على الرغم من المبادئ الإنسانية التي تُقرها الأديان، في تأكيد الرحمة والرأفة والتسامح، ورغم حجم الأضرار التي تكبدتها الإنسانية جراء اعتماد العنف كأداة للتخاطب والحوار، فمازالت البشرية تدفع ضرائب باهظة من أمنها واستقرارها، جراء اعتماد العنف كوسيلة للحياة أن مفهوم العنف يُعد من أكثر المفاهيم التي اختلفت حولها الآراء، حيث تعددت وتنوعت تعريفاته باختلاف وجهات النظر السياسية والقانونية والنفسية والاجتماعية . أن العنف ظاهرة مُركبة مُتعددة التغييرات، ولايمكن تفسيرها بمتغير أو عامل واحد فقط، فالمؤكد أن هناك مجموعة من العوامل تتفاعل أو تتداخل وتترابط وتؤثر بعضها على بعض سلباً وإيجاباً، فيما بينها ليظهر العنف، وتتعدد العوامل التي تؤدى للعنف مابين أسباب أُسرية واجتماعية وقانونية واقتصادية وفكرية وشخصية ونفسية وسياسية وتعليمية وغيرها، وتُمثل المواجهة التشريعية لظاهرة العنف، أحد أهم أدوات المواجهة . أن المظاهر المُختلفة للعنف تُمثل تهديداً للأمن والسلم الإجتماعى، فالسلوك العنيف هو بمثابة عدوى تنتقل من الأفراد والأماكن التي توجد بها، ويكون لها تأثيراتها السلبية على مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والروابط الأسرية وغيرها، أن أجهزة الأمن المصرية تمكنت من إنجاز منظومة أمنية، أخذت بفاعليات وآليات مُتطورة، على صعيد الإجراءات الأمنية والوقائية، على نحوٍ أتاح لها فرض سيطرتها على مظاهر العنف، الذى يتسم بالمحدودية مُقارنةً بمُجتمعات أخرى، وإن ظهرت مؤشرات جديدة تتطلب التحليل والدراسة. أنه برغم الزيادة السكانية المُتصاعدة، وترامى أطراف المواجهات الأمنية بالإضافة إلى المُشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمُتغيرات البيئية، وأنه مهما كان حجم الأعباء المُلقاة على عاتق الأجهزة الأمنية فإنها لا تألوا جهداً فى القيام بالتصدي للظواهر المُستحدثة والمُشكلات التى تمس الأمن العام . غياب العلاقة السوية والعميقة بين السلطة والمجتمع دفع الأولى في المجال العربي إلى تبني خيارات ومشروعات فوقية - قسرية، وبفعل ذلك لجأت السلطة في العديد من مناطق العالم العربي إلى أدوات العنف لتسيير مشروعاتها وإنجاح خططها الاجتماعية والاقتصادية. وفي المقابل فإن المجتمع في ظل هذه الظروف يعبر عن نفسه وخياراته بامتلاك أدوات العنف واستخدامها. فيتحول الفضاء السياسي والاجتماعي العربي، من جراء هذا التوتر والتباين، إلى وعاء للعديد من النزاعات المجردة من القيم الإنسانية والأخلاقية، واللاهثة صوب مصالح آنية وضيقة. وفي أحشاء هذا التوتر تترعرع مشاريع العنف والإقصاء، وتتسع دائرة التناقض والتصادم، وتزيد فرص الانتقام وممارسة العسف بحق الآخر. وهكذا نصل إلى مسألة أساسية؛ وهي: أن أحد الأسباب الرئيسة لبروز ظاهرة العنف، هو غياب حياة سياسية سليمة ومدنية في العديد من بلدان العالم العربي. لذلك من الأهمية بمكان أن نرفض الاستئثار والتوحش في السياسة مهما كانت الإيديولوجية التي تسوغ له ذلك، ونقف ضد التنابذ والإقصاء مهما كان الفكر الذي يقف وراءه. وإن النهج السياسي المعتدل، الذي يتعاطى مع الأمور والقضايا والحقائق السياسية والاجتماعية بعقلية منفتحة ومتسامحة، هو القادر على ضبط نزعات العنف، وهو المؤهل لمراكمة الفعل السياسي الراشد في المجتمع. العنف من الظواهر التي انتشرت مؤخرا بشكل كبير في المجتمع المصري, لذلك تبذل جميع الجهات المختصة جهودا حثيثة للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها. وتتعدد أشكال العنف في المجتمع المصري, ولكن من أبرزها العنف المباشر وغير المباشر. فالعنف المباشر قد يوجه نحو الضحية مباشرة حيث تقع أعمال العنف على شخص بذاته أو جماعة بذاتها, أما النوع الآخر فهو العنف غير المباشر حيث يتم الاعتداء على أحد ممتلكات الضحية أو متعلقاته الشخصية، دون التعرض لشخصه. وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من العوامل النفسية التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على حالة الأفراد في المجتمع, وتدفع بعضهم للقيام بأعمال عنف. ومن هذه العوامل على سبيل المثال حالة الإحباط التي قد تصيب الأفراد في المجتمع والتي تعتبر أهم عامل منفرد يؤدى إلى العنف, خاصة إذا كان الشخص القائم بأعمال العنف يواجه الإحباط على مستويات متعددة. كما أن هناك عدد من العوامل التي ترتبط بالحياة السياسية, والتي تؤثر بشكل كبير على تفشي ظاهرة العنف في المجتمع المصري, من أهمها على سبيل المثال الإرهاب الذي يتسبب فيه الفكر الديني التطرفي الذي يكفر الآخر ويلغيه ويستبعده, والذي تسبب فيه التصادم الحضاري بين الشرق والغرب مما يثير الحفيظة وأحيانا الغضب لدى العديدين. كذلك تؤثر الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها المجتمع المصري على مدى انتشار أعمال العنف في المجتمع, حيث يتأثر الأشخاص القائمون بأعمال العنف بأوضاع مثل الفقر والبطالة وفقدان فرص العمل وزيادة الأسعار، وفي بعض الأحيان قد تدفع الظروف الاقتصادية إلى القيام بأعمال عنف - منها البلطجة - مقابل الحصول على الأموال. لقد وضع الإسلام حدودا معينة لا يجب تجاوزها كما إن هناك أنواعا خاصا من العقوبة تطبق على من يتجاوز هذه الحدود وذلك لتحقيق التوازن في المجتمع وللحيلولة دون احتمال الآخذ بالثار . ولكن على الرغم من كل هذه الاحتياطات فأن الإسلام يشجع الناس على التسامح والعفو. وهذا الاتجاه يساعد على تقوية صلابة شخصية الفرد المسلم واستقرارها ويقول القرآن في هذا المعنى " فمن عفا وأصلح فاجرة على الله ". ويقول أيضا " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ".ولا تنطبق هذه القواعد على الأفراد فقط ولكنها تنطبق على المجتمعات والحكومات أيضا ويقول القرآن في هذا المعنى : " وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فأن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي إلى أمر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين".هذه هي المبادئ الإسلامية العالمية بخصوص مشكلة العنف وهي المبادئ التي وضعت موضع التطبيق في عمليات العنف في الخليج والتي ثبتت فاعليتها وقد يتبادر إلى ذهن أحدكم إن يسأل " ولماذا نركز على الدين ؟ وللرد على هذا نقول انه إذا كان هناك قانون له علاقة بالدين فلا شك انه يكتسب قوة إضافية أكثر مما لو لم يكن كذلك. وهذا يدعو العلوم المتعلقة بعلم النفس إن توسع قاعدتها وتركز أكثر وأكثر في ثقافات الشعوب وعاداتها لكي تستخرج منها العناصر التي لها علاقة بديانتها للعمل على تقويتها وبذلك تدخل بسرعة في أنماط السلوك. إن الإسلام عندما يوفر قاعدة عريضة لمقاومة العنف فأنه يكون بذلك قد حفظ حقوق الأفراد وأكد على التزاماتهم ويكون بذلك قد ساعد على أيجاد مجتمعا متوازنا. وقد أعلن الإسلام عن حقوق الأطفال والوالدين والمرأة وحقوق الفقراء وحقوق المرضى النفسيين وكبار السن. إن كل هذه الحقوق إذا اتبعت وأخذت ما تستحقه من عناية واهتمام سوف تضمن مجتمعا يستمتع بالصحة ويخلو من الظلم والعنف والكراهية. هذه هي العناصر الهامة التي يجب إتباعها للوصول إلى مجتمع بناء ومتوازن