تقول النكتة إن الرئيس بعد أن أمضى ثلاثين سنة فى منصبه واطمأن إلى استقرار الأمور فى البلد فإنه أراد أن يختبر قدرة الشعب على الاحتمال. وحين لجأ إلى مستشاريه فإن أحدهم اقترح أن يتعامل مع الفكرة من أبعد نقطة فيها، بحيث تكلف لجنة برئاسة ضابط أمن كبير بالوقوف عند مدخل أحد الجسور الرئيسية فى البلد، لتعترض طريق كل قادم، وتخبره صراحة بأنه لن يمر قبل أن يتلقى صفعة على وجهه، بعدما صدر قرار سيادى بذلك من أعلى سلطة بالبلد. لقيت الفكرة ترحيبا، وصدرت التعمليات بالتنفيذ الفورى لها، فاختارت اللجنة موقعها فوق الجسر الكبير ذات صباح وشرعت فى القيام بمهمتها، وبدأت تستوقف قائدى السيارات وتخبرهم بالقرار السيادى، الأمر الذى آثار دهشة البعض فى البداية، وأدى إلى ارتباك المرور لبعض الوقت، ولكن صاحب السيارة الأولى امتثل فتلقى الصفعة ثم ذهب إلى حال سبيله. وتكرر المشهد ذاته مع الراكب الثانى والثالث إلى أن انتظم المرور على الجسر مع نهاية اليوم، بعد ثلاثة أيام اعتاد الناس على الوضع الجديد، وأصبحت صفعة الوجه جزءا من روتين عبور الجسر، وهو ما عبرت عنه التقارير التى كانت ترفع إلى الجهات العليا كل مساء، معبرة عن نجاح الفكرة ومشيدة بانضباط الجماهير وتجاوب أصحاب السيارات مع القرار، بعد أسبوع أراد صاحب الاقتراح أن يطور فكرته بحيث يضاعف من الصفعة لتصبح اثنتين، بعد ما تبين أن الناس اعتادوا على الصفعة الواحدة. حين مر الأسبوع الثانى دون أن يحرك أحد ساكنا فإن ذلك أدهش الجهات المعنية التى ما برحت تتلقى التقارير المؤكدة أن الجماهير العابرة للجسر أكدت ولاءها للحكومة وثقتها فى القرارات التى تتخذها وهى الثقة التى تجلت حين لم يسأل أحد عن سبب صدور قرار فرض الصفعة الأولى وحكمة إضافة صفعة إضافية. فى الأسبوع الثالث قال أحد المستشارين إن الصفعتين لا تشكلان اختبارا حقيقيا لقدرة الناس، لأن صفعات الوجه لا تشعر المواطنين بالمهانة، ولكن الاختبارالحقيقى بضرب المرء على قفاه أيضا. استغرب قائدو السيارات وتمنعوا فى البداية وحين أدركوا أن أحد لن يمر إلا بعد أن يتلقى الصفعتين مضافة إليهما ضربة القفا، استسلموا واحد تلو الآخر وهو ما تكرر فى الأيام التالية حتى حلت عطلة نهاية الأسبوع، احتج أصحاب السيارات وتصايحوا غاضبين وطالبوا بحضور رئيس اللجنة لمناقشتة ورفع شكايتهم إليه وحين جاءهم الضابط الكبير واستمع إلى كلامهم فإنه أبرق إلى الجهات العليا قائلا إن التعليمات تنفذ حرفيا، لكن أصحاب السيارات الذين لم يتخلوا عن تجاوبهم مع القرار احتجوا على بطء الإجراءات فى أوقات الذروة وهم يطالبون بزيادة عدد اللجان التى تقوم بالصفع والضرب على الأقفية.. رجاء الموافقة خصوصا أن العبء أصبح أثقل من أن تنهض به لجنة واحدة. صحيح أن النكتة مصرية صرفة، لكنها مناسبة تماما للوضع العربى أيضا.