بداية نذهب أن الثورة هي نتاج سعي تجمعات كبيرة لتحقيق التغيير الجمعي للوطن والشعوب اما الثروة هي نتاج سعي لجمع كل شيء مادي او معنوي يحقق لكل فرد او مؤسسة الشهرة والغني والاستحواذ. ومن هذه البداية وفي ظل المشهد المصري الاخير بما يحدث في الدستور يجب الا نقف علي قراءة احادية النظرة مبينة علي رؤية فصيل او تيار او حزب ولكن يجب ان نعطي القراءة بعدا اكثر انفتاحا علي الجميع بما يحقق توافق حقيقي يرجعنا الي وحدتنا التي عشنها عبر 18 يوما في ميدان التحرير وميادين مصر اثناء ثورتنا التي يجب ان تستمر حتي تنتهي كل مطالبها مع الاخذ في الاعتبار اننا قسّمنا كقوي مع استفتاء مارس بالاعلان الدستوري الي فريقين نعم ولا ولم ينجح التوافق بشكل كبير مع فرق واحزاب وتجمعات الانتخابات التشريعية الاخيرة الذي خلق برلمانا بها اغلبية اسلامية وتيارات واحزاب ومستقلون واخرين جاءوا جميعا عبر ارادة شعبية وكان الرابح الوحيد في هذا كله سيناريو يدار من جانب فريق الثورة المضادة نجح في تكرار سياسية النظام السابق القائمة علي فرق تسد وظل المشهد علي هذا مرتبكا ولم يستطع فيه ساسة واجهوا طاغوت نظام سابق ان يواجهوا طاغوت الخلاف والفرقة حتي جاءت القشة التي قصمت ظهر التوافق بشكل كبير وهي تشكيل لجنة وضع الدستور او ما يعرف بالجميعة التاسيسة للدستور لنري الفرقة بشكل اكبر داخل البرلمان ليكون كل شيء يعبر بشكل مؤسسي عن الثورة يعيش في جو الخلاف والانسحاب وذلك بعد محاولات احراق صورة البرلمان لدي الراي العام عبر تدبير مجزرة بورسعيد وفرضها بعد المطالب الثورية البرلمانية بنقل الرئيس المخلوع وتشكيل المحاكمات السياسية وغيرها بجانب الالهاء المتعمد للبرلمان بالحمي القلاعية وازمات السولار وغيرها في الوقت الذي صفع فيه البرلمان بتهريب المتهمين الاجانب في قضية التمويل الاجنبي خارج البلاد . اذن بات معروفا للجميع ان سيناريو اسقاط الثورة بات واضحا وبات المسئولية التاريخية علي الاحزاب والتيارات والقوي الموجودة تحتم الي الانحياز لخيارات التوافق علي دعم مصلحة الوطن وتحمل المجموع الاكثر ثقلا للقوي في المجتمع لمسئولية الاستيعاب والوحدة والمساندة في الوقت الذي تقبل فيه القوي التي لم تستطع نيل تواجد سياسي متميز عبر الارادة الشعبية بكل قواعد اللعبة الديمقراطية والتسليم بنتائجها النزيهة . وهذا الاستيعاب لمطالب مشروعة لقوي موجودة في المجتمع ايا كانت وذاك التسليم بقواعد اللعبة الديمقراطية في تلك المرحلة الانتقالية يحتم ان يختفي معه تفكير " الثروة " وتغلب فيه ارادة " الثورة " فليس هذا وقت حاجة كل فرد او مؤسسة للتواجد رغم انف الارادة الشعبية او الاستحواذ رغم انف مطالب التوافق المشروع . وهذا يدعونا جميعا الي اعادة قراءة المشهد السياسي منذ تنحي الرئيس المخلوع حتي وقت زوبعة تشكيل لجنة وضع الدستور ومن ثم الاجتماع علي مائدة حوار وتوافق ندعو لها نحن لا غيرنا متجردين من كل نزعة للثروة السياسية والوجاهة المجتمعية او استبداد لاقلية او استحواذ لاغلبية ولاعيب ان يعترف كل فصيل او تيار او حزب باخطاءه وان تقر تيارات واحزاب اخري انها فشلت في التواجد السياسي المتميز عبر الارادة الشعبية وانها تسعي فقط للتوافق وتمثيل الجميع وان يكون هذا ديدنها علي طوال الوقت وليس في زوبعة وضع الدستور لاسيما وان ما يعلم هو ان هذه التيارات وهذه الكيانات الحزبية تواجدات في الوازرات والمجالس القومية والحقوقية بقرار من المجلس العسكري ولم تنفعل القوي الاسلامية هذا الانفعال ولم تردد نغمة الاقصاء مثلما يحدث الان رغم ان القوي الاسلامية تاتي دائما بقرار من الشعب حتي وان اقررنا جميعا ان الوعي الانتخابي للجماهير يجب ان يتم دعمه بشكل كبير في اي انتخابات قادمة ليتم الانتخاب علي اساس البرامج وليس علي اساس الحشد والشعارات وتغيير نتاج 30 سنة انتخابات مزورة بشكل كبير في عهد النظام السابق. ويجب ان يصارح الجميع نفسه بهذه النقطة السابقة لاسيما التيارات والاحزاب التي احبطت من نتيجة الانتخابات الماضية واختيارات الشعب لانها تحتاج لاعادة تقييم لأنفسها بعد بعدها لسنوات طويلة عن الشارع المصري وخدمة جماهيره والاكتفاء فقط بالظهور الاعلامي والتنظير السياسي فضلا علي أنها لم تستمع لنصيحة رئيس وفد المفوضية الأوروبية فى القاهرة السفير مارك فرانكو في مايو 2011 من التوقف عن الشكوى من قوة وتنظيم الأخوان والسعي لتقوية أنفسها ومحاولة الوصول إلى الشارع والاقتراب من الناس ومشاكلهم. وايضا علي التيار الاسلامي المعتدل الا ياخذه تيار اسلامي اخر مراهق في بداية طريق العمل السياسي لتجاوز ارضية العمل المشترك والاستيعاب والاستفادة من كل الطاقات والافكار والرؤي وتحمل المسئولية بقدر كبير ولابعد الحدود التي تضمن للمشروع الحضاري النهضوي لمصر ان تكتمل مسيرته وفق التدرج الذي بدات بها الدعوات الاصلاحية. وايضا يجب ان يدرك هذا التيار الاسلامي المعتدل ان رياح اي معركة تفتعل معه الان ليست في صالح المشروع الحضاري النهضوي لمصر وان كل السهام التي ترمي عليه الان لابعاده عن ساحة الثورة وحصره في دائرة الثروة و"الاستحواذ علي الوطن والجبروت "علي حد مقال سعد الدين ابراهيم في صحيفة المصري اليوم بتاريخ 30/03/2012 انما تكرار لتاريخ مضي يريد البعض ان يعيده لانجاح فكرته الفاشلة او تدعيما لسيناريو الثورة المضادة وبالتالي هنا في هذا اللحظة الفارقة يجب ان تدرك حجم المسئولية من الجميع والراهن الوحيد علي الثورة وتحقيق مطالبها . ان مصر لا تحتاج كل هذه المساجلات والمهاترات والتهم التي تلقي جزافا ولكن تريد ان يتخندق الجميع مرة اخري في خندق الثورة السلمية التي مات تحت رايتها شهداء عظماء واصيب خلالها الالاف الذين يتحملون الالام الشديدة من اجل راحة مواطن واستقرار وطن . قد يستطيع كل فصيل او حزب او تيار ان يخون الاخر ويظهر عيوبه ويؤكد ان رؤيته كانت الاصح والافضل وان رؤية الاخر تناهض المشروع الثوري النهضوي لكن التحدي الحقيقي والذي يكشف معادن الجميع تيارات واحزاب وقوي وحبها لمصر هو الانحياز بشكل عاجل وهام الي حتمية التوافق علي مائدة حوار تشمل الجميع دون اقصاء او استبداد او استحواذ . أو أليس فينا من يقول تموت كل ألوان الفرقة والخلاف والثروة والاستبداد والاستحواذ ويهتف تحيا مصر وتحيا الثورة وتحيا كل مباديء التوافق والحوار والوحدة ؟ .