يوضح يوسف القرضاوي – رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- الدور الهام الذي تلعبه المرأة في المجتمع العربي ،والإسلامي في العالم من حيث نشرها الصحوة الإسلامية ،بشكل جذري من منطلق رباية الأبناء وذرع القيم الإسلامية الصحيحة بداخلهم . اعد للمرأة في الوطن العربي والإسلامي مكانا ملحوظا، وللفتاة المسلمة خاصة، دورا مرموقا، لا يجحده من له عينان وأبرز ما يدل على هذا المعنى ويجسمه ظاهرة الحجاب وتعني التزام الزى الشرعي، وهو ما تغطي به المرأة جسمها ما عدا وجهها وكفيها كما هو رأي جمهور الفقهاء بعيدا عن التبرج والإثارة، فلا تلبس ما يصف أو يشف، ولا تخرج عن الوقار في كلامها، أو مشيتها أو حركتها، حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، وحتى تعرف الجادة المستقيمة من العابثة اللعوب، فلا تتبع ولا تؤذى، ولا تفتن ولا تفتن . واستمر " القرضاوي" في سؤاله حول : كيف مضت علينا سنوات عجاف في كثير من البلاد العربية والإسلامية كان المرء يمشي في عواصمها، فلا يكاد يرى امرأة محجبة إلا على سبيل الندرة ؟ ، حتى المرأة العجوز التي أكل الدهر عليها وشرب، لم تكن تستحي أن تسير في الطرقات بما يسمونه "الجابونيز أو الميني أو المايكرو" – أسماء موديلات غربية - أو غيرها من بدع الأزياء المستوردة التي يصممها لنسائنا في الغرب اليهود وتلاميذ اليهود. فقال "القرضاوي" في أوائل الستينات: إننا نحن المسلمين هزمنا أمام الحضارة الغربية الغازية في جملة ميادين مثل ميدان الاقتصاد حيث ألغيت الزكاة من التشريع، وهي الركن الثالث في الإسلام، وأحل الربا وهو من أكبر الموبقات عند الله. وأصبحت المقولة السائدة :أن لا اقتصاد بغير بنوك، ولا بنوك بغير فائدة أي بغير ربا. و أصبح ميدان المرأة التي سلخها التقليد الأعمى للغرب من شخصيتها، فخرجت على أرسخ التقاليد الإسلامية، في مدة قياسية، وغدت أداة من أدوات الإفساد للمجتمع، ومعولا من معاول الهدم في البنيان الأخلاقي للأمة، فاقت في تحللها من الآداب الإسلامية ما كان يدعو إليه المقلدون للغرب، الذين أطلقوا على فكرتهم ،وصف تحرير المرأة وميدان الفن، الذي دخل على الناس بيوتهم ومخادعهم، وملأ عليهم صباحهم ومساءهم، بما يسمع وما يقرأ، وما يشاهد، عن طريق الأجهزة الجبارة التي باتت تصوغ أفكار الجماهير وأذواقها وميولها واتجاهاتها العقلية والنفسية والخلقية والاجتماعية والسياسية. واسترددنا في الميدانين الأول والثاني ،الكثير من مواقعنا، بعد أن خيم اليأس علينا، أو على كثير منا، في بعض الأوقات ففي المجال الأول نشرت دراسات وبحوث عميقة، وقدمت أطروحات أكاديمية تثبت أصالة الاقتصاد الإسلامي وتوازنه وتفوقه، وعقدت مؤتمرات وندوات علمية وإقليمية تبحث في جانب أو أكثر من جوانب هذا الاقتصاد ،وأجمع أعضاء هذه المؤتمرات من رجال الفقه والاقتصاد والقانون على حرمة الفائدة وضررها ،وإنكار قيام مصارف ومؤسسات استثمارية تلتزم بأحكام الإسلام من تحريم الفائدة والغرر وغيرهما، وأنشئت مراكز وأصدرت مجلات لبحوث الاقتصاد الإسلامي في أكثر من بلد. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقامت بالفعل بنوك وشركات إسلامية بلغت الآن أكثر من خمسين وهي تنمو وتزيد وفي المجال الثاني ،أصبح الحجاب ظاهرة شائعة بعد أن كان نادرا، أو شاذا، ومما يسر كل مؤمن هنا أن الفتاة المسلمة عادت إليه راضية مختارة، لم يجبرها عليه أب، ولم يدفعها إليه زوج، ولم ترغبها فيه أم، بل ربما عارضها الأب، أو خاصمها الزوج، أو نفرتها الأم، وهذا ما وقع بالفعل للكثيرات، ولا يزال يقع . لقد عادت المسلمة إلى الحجاب مقتنعة بأن هذا أمر الله وفرضه الذي لا خيار لمؤمن ولا مؤمنة في قبوله "وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" الأحزاب 36. عادت إلى الحجاب مؤمنة بأن الخير كل الخير، والهدى كل الهدى والفلاح كل الفلاح في الأولى والآخرة، رهن بطاعة الله وتنفيذ أمره وقال الله تعالى: "ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما " الأحزاب: آية 7 و قال المولى الكريم : "من يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبين " الأحزاب 36. وتعد العالمية من خصائص تلك الصحوة ،فلا تقتصر على بلد معين، أو إقليم محدد، أو جنس خاص إننا نجد هذه الصحوة في بلاد العرب والعجم،و آسيا وإفريقيا، وفي الشرق والغرب،بالاضافة الى تواجدها داخل العالم الإسلامي وخارجه ،وقد أتيح لي أن أزور كثيرا من الأقطار الإسلامية، فوجدت هذه الظاهرة ماثلة للعيان ،ووزرت كثيرا من الجاليات ،والأقليات الإسلامية في أوروبا ،وأمريكا ،وكندا ،وبلاد الشرق الأقصى، فلمست أثر الصحوة فيها، بين المسلمين والمسلمات، وخصوصا من الفتية والفتيات. وذكر ان الذين يحرصون على حفظ القرآن الكريم، وحسن تلاوته، وقراءته بخشوع تهتز له القلوب، وعلى حفظ الأحاديث النبوية وفهمها، ودارسة السيرة المطهرة والتاريخ الإسلامي والفقه في الشريعة، ومعرفة الحلال من الحرام، وأكثر من ذلك الحرص على إقامة الصلوات في جماعة، والاهتمام بصلاة الليل، وصيام يومي الاثنين ،والخميس من كل أسبوع.