تقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعة بطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين في الاممالمتحدة في خطوة تاريخية دافع عنها بشغف امام الجمعية العامة للمنظمة الدولية الملتئمة في نيويورك. وواكبت تقديم الطلب الذي اصر عباس على المضي به بالرغم من معارضة الولاياتالمتحدة واسرائيل، حملة تاييد شعبية واسعة في الضفة الغربية فيما اعتبرته حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة خطوة "فارغة المضمون". وقام عباس بتسليم طلب العضوية للامين العام للامم المتحدة بان كي مون في مقر المنظمة قبل ان يلقي كلمته امام الجمعية العامة. وقال عباس في خطابه "تقدمت بصفتي رئيسا لدولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الى سعادة بان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة بطلب انضمام فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، دولة كاملة العضوية الى هيئة الأممالمتحدة". وأضاف "أطلب من السيد الأمين العام العمل السريع لطرح مطلبنا أمام مجلس الأمن، وأطلب من أعضاء المجلس التصويت لصالح عضويتنا الكاملة، كما أدعو الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين أن تعلن اعترافها". وتابع عباس الذي قوبلت تصريحاته بوابل من التصفيق من الحضور "لا اعتقد أن احدا لديه ذرة ضمير ووجدان يمكن أن يرفض حصولنا على عضوية كاملة في الأممالمتحدة ... بل وعلى دولة مستقلة". وقال ايضا "في وقت تؤكد الشعوب العربية سعيها للديمقراطية في ما عرف بالربيع العربي، فقد دقت أيضا ساعة الربيع الفلسطيني، ساعة الاستقلال". وحمل عباس بشدة على اسرائيل مؤكدا ان سياستها "ستدمر حل الدولتين" و"تهدد أيضا بتقويض وضرب بنيان السلطة الوطنية الفلسطينية، بل وانهاء وجودها". وقال ان جهود السلام "كانت تتحطم دائما على صخرة مواقف الحكومة الاسرائيلية، التي سرعان ما بددت الآمال التي بعثها انطلاق المفاوضات في أيلول/سبتمبر الماضي". وقال ان "الاستيطان يجسد جوهر سياسة تقوم على الاحتلال العسكري الاستيطاني لأرض الشعب الفلسطيني، مع كل ما يعنيه من استعمال للقوة الغاشمة والتمييز العنصري" متهما اسرائيل بممارسة "سياسة تطهير عرقي تعتمد أساليب متعددة بهدف ابعاد (الفلسطينيين) عن أرض آبائهم وأجدادهم". الا انه شدد على استعداده للعودة للمفاوضات على اساس حدود العام 1967 شرط قيام اسرائيل بوقف الاستيطان الذي ادى استمراره الى فشل جولات الحوار السابقة. وقال "نحن لا نستهدف بتحركاتنا عزل اسرائيل أو نزع شرعيتها، بل نريد اكتساب الشرعية لقضية شعب فلسطين". واضاف "أعلن هنا استعداد منظمة التحرير للعودة على الفور الى طاولة المفاوضات، وفق مرجعية معتمدة تتوافق والشرعية الدولية، ووقف شامل للاستيطان". وقال "اننا نمد أيادينا الى الحكومة الاسرائيلية والشعب الاسرائيلي من أجل صنع السلام". وتجمع عشرات الاف الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية لمتابعة خطاب عباس على شاشات ضخمة نصبت في الساحات وسط هتافات "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين!". اما في غزة فاعتبرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ان خطاب عباس في الاممالمتحدة جاء "فارغ المضمون" بسبب تمسكه بخيار التفاوض مع اسرائيل. وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم الحركة لوكالة فرانس برس "خطاب عباس هو خطاب عاطفي نجح في تفصيل المعاناة الفلسطينية ولكنه فشل في تحديد وسائل المواجهة حين ربط توجهه الى الاممالمتحدة بالتفاوض مع الاحتلال وهو ما جعلها خطوة فارغة المضمون". وبعد خطاب عباس، اعتلى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو منصة الجمعية العمومية ليضع اللوم على الفلسطينيين متهما اياهم برفض التفاوض ومعتبرا ان رفضهم الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل تشكل "جوهر النزاع". وقال نتانياهو في الكلمة التي ألقاها امام الجمعية العامة للامم المتحدة "اعترفوا بالدولة اليهودية واصنعوا معنا السلام"، رافضا ما يقوله الفلسطينيون من ان جوهر الصراع هو قضية الاستيطان.واضاف نتانياهو خلال كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة "جوهر الصراع ليس مسألة الاستيطان، بل ان المستوطنات هي نتيجة للصراع". واعتبر ان "جوهر الصراع كان دوما وما يزال رفض الفلسطينيين الاعتراف بالدولة اليهودية وبأي حدود". وقال نتانياهو ان اسرائيل مستعدة للقبول ب"تسويات مؤلمة". واوضح رئيس الوزراء الاسرائيلي "يجب ان يعيش الفلسطينيون في دولة مستقبلية خاصة بهم، لكن يجب ان يكونوا على استعداد لحل وسط"، مؤكدا ان على الفلسطينيين ان يضمنوا امن اسرائيل. وحث عباس على الالتقاء به في الاممالمتحدة لبحث جهود السلام في الشرق الاوسط. وقال امام الجمعية العام "دعنا نلتقي اليوم في الاممالمتحدة". وقال نتانياهو "امد يدي للشعب الفلسطيني الذي نسعى الى سلام عادل ودائم معه". اما الولاياتالمتحدة التي عارض رئيسها باراك اوباما توجه الفلسطينيين للامم المتحدة، فقد دعت عباس للعودة الى "المفاوضات المباشرة" مع اسرائيل. وقالت السفيرة الاميركية لدى الاممالمتحدة سوزان رايس "بعد ان تنتهي الخطب اليوم، سيتعين علينا ان نقر جميعا بان السبيل الوحيد نحو اقامة دولة يمر عبر المفاوضات المباشرة، لا عبر طرق مختصرة". واعلنت واشنطن في وقت سابق انها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد الطلب الفلسطيني في مجلس الامن. وافاد مارتن نسيرسكي المتحدث باسم الاممالمتحدة انه سيتم التعامل مع طلب انضمام دولة فلسطين الى الاممالمتحدة "بسرعة" واحالته الى مجلس الامن الدولي. واعلن متحدث باسم الاممالمتحدة ان الامين العام للامم المتحدة سيشارك الجمعة في اجتماع للجنة الرباعية الدولية حول الشرق الاوسط. واضاف المتحدث ان "الامين العام سيشارك في اجتماع اللجنة الرباعية للشرق الاوسط اليوم (الجمعة) عند الساعة 14,30 (18,30 ت غ)". ويبدو ان حضور بان كي مون اجتماع اللجنة الرباعية (الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الاوروبي والاممالمتحدة) يدل على ان الاجتماع قد يعقد على مستوى الوزراء. واعلن توني بلير الموفد الخاص للجنة الرباعية الجمعة ان طلب انضمام دولة فلسطينية الى الاممالمتحدة قد ينقلب الى "مواجهة" من دون استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين واسرائيل. وتحاول اللجنة الرباعية الدولية منذ ايام الاتفاق على اعلان مشترك سعيا وراء اعادة المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية الى السكة، لكنها تصطدم بمعارضة روسيا التي تدعم طلب الانضمام الفلسطيني، بحسب دبلوماسيين. وقبل ساعات قليلة من خطاب عباس اندلعت مواجهات متقطعة بعد ظهر الجمعة بين متظاهرين فلسطينيين والجيش الاسرائيلي في اماكن مختلفة من الضفة الغربية وفقا لشهود عيان ادت الى مقتل فلسطيني. وقتل الشاب بعد اصابته بالرصاص خلال مواجهات مع مستوطنين في قرية قصرة شمال الضفة الغربية، وفقا لما اعلنه مصدر طبي. واندلعت اشتباكات ايضا في مناطق الاحتكاك كحاجز قلنديا العسكري وقرى نعلين وبلعين والنبي صالح وقرب المستوطنات في الخليل ونابلس. وفي الخليل جنوب الضفة الغربية اعلنت مصادر طبية فلسطينية وشهود عيان لوكالة فرانس برس ان طفلا فلسطينيا يبلغ من العمر ثمانية اعوام اصيب بجروح عندما دهسته سيارة يقودها مستوطن يهودي وغادرت بعدها دون ان تتوقف.