القدس (رويترز) - كان نشطاء مؤيديون للفلسطينيين يأملون في الابحار الى غزة هذا الاسبوع يتوقعون أن يعترض طريقهم جنود مشاة البحرية الاسرائيلية لكن صدمتهم تمثلت في احباط مهمتهم قبل خروجهم الى البحر وعلى أيدي اليونان. غير أن المناورات الدبلوماسية التي عقدت مبادرة غزة تبدو باهتة مقارنة بالمشادات التي تجري وراء الكواليس حول مسعى الفلسطينيين الاحادي للحصول على اعتراف من الأممالمتحدة بدولتهم في سبتمبر أيلول القادم. ورغم أن اسرائيل كسبت هذه الجولة الاولى الا أن المخاطر ستكون أكبر بكثير في الاشهر القادمة مع احتمال حدوث فوضى في الاراضي الفلسطينية اذا افسد الساسة الامور. وقال يورام ميتال وهو خبير في شؤون الشرق الاوسط وأستاذ في جامعة بن جوريون في النقب "غزة مجرد مقدمة لسلسلة الاحداث التي سنراها كلما اقتربنا من سبتمبر." ومضى يقول "اذا لم نتمكن من التوصل الى طريق لاستئناف مفاوضات جادة للسلام فاننا سنواجه عندئذ بيئة مغايرة تماما وسياقا على قدر كبير من الخطورة." وتعرضت اسرائيل العام الماضي لانتقادات واسعة النطاق عندما نزلت قواتها الخاصة على أول قافلة سفن كانت متجهة الى قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وقتلت تسعة نشطاء أتراك على ظهر احدى سفن القافلة. وفي محاولة لتعويض التراجع في التأييد انخرطت اسرائيل لاحقا في حملة ناعمة للتواصل مع اليونان عدوة تركيا التاريخية من خلال اقتراح سلسلة من الروابط العسكرية والتجارية. ورحبت أثينا التي لم تعتبر من قبل من مؤيدي اسرائيل بالعرض وعادت هذه الصداقة بمنافع على اسرائيل مع انقضاض السلطات اليونانية على قافلة من السفن كانت تستعد لمغادرة الموانئ اليونانية متجهة الى غزة في مطلع هذا الاسبوع ولم تسمح لها بالابحار. وقال الان كونان قبطان سفينة فرنسية مشاركة في القافلة "لم أكن اعتقد قط أنه سيتعين علي أن أدخل في صدام مع دولة أوروبية ديمقراطية كاليونان للسعي من أجل قناعاتي وحريتي." وظاهريا لا تنبئ هزيمة قافلة المساعدات بخير بالنسبة للفلسطينيين اذا أنها تظهر قدرة اسرائيل على توجيه الحكومات الاجنبية على الرغم من ماخذها على التوجه الاسرائيلي الفظ تجاه محادثات السلام. ومع هذا فان اسرائيل قد تجد أن بناء توافق حول الحصار البحري الذي تفرضه على غزة الذي يهدف الى منع وصول أسلحة الى حماس هو أكثر سهولة من سعيها لمنع الفلسطينيين من المضي قدما في مبادرتهم في الاممالمتحدة. وقال عوديد عيران رئيس معهد دراسات الامن القومي بجامعة تل أبيب "فيما يتعلق بالقافلة فان الكل تقريبا لا يشعر بارتياح لانه لم يكن واضحا ما اذا كان هذا يتفق مع القانون الدولي." ومضى يقول "اذا قرر الفلسطينيون التوجه الى الاممالمتحدة فانهم سيحصلون على الأرجح على حوالي 150 صوتا (من بين 192 صوتا) ومن ثم ستجري الموافقة على القرار. القضية الحقيقية هي من سيمتنع عن التصويت ومن سيصوت ضده." وبقدر ما بذل من جهود مع اليونان شرع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في جولة تشمل دولا أوروبية أخرى لاقناعها بممارسة الضغط على الفلسطينيين للتراجع عن الذهاب الى الاممالمتحدة والعودة الى طاولة المفاوضات. ويسافر نتنياهو يوم الاربعاء إلى رومانيا ويزور بلغاريا يوم الخميس. وقال مسؤول اسرائيلي كبير رفض الكشف عن اسمه "هدفنا هو بناء أقلية معنوية ودفع الدول التي تمثل قيمة.. الدول الديمقراطية الغربية.. للتصويت ضد الفلسطينيين وابطال فاعلية هذا الامر." ولم يحدث فشل قافلة المساعدات تأثيرا كبيرا بين الفلسطينيين بما في ذلك أبناء غزة ومعظمهم متفقون على أنه لا توجد أزمة انسانية اخذة في التتطور في غزة. لكن في المقابل تجري متابعة مشروع الاممالمتحدة عن كثب. وتسعى الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي الى الحيلولة دون وقوع مواجهة في نيويورك باحياء محادثات السلام المباشرة التي أنهارت العام الماضي وسط خلاف على بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةالمحتلة حيث يتطلع الفلسطينيون الى بناء دولتهم في الضفة وقطاع غزة. وهذا أمل بائس على ما يبدو. فلم يكن الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني على هذا القدر من التباعد في أي وقت مثلما هما الان. والقيادة الفلسطينية متفائلة على ما يبدو من أن تصويتا كافيا في الجمعية العامة للامم المتحدة قد يؤدي في النهاية الى اعطاء قوة دفع خارجية لسعيهم من أجل الاستقلال والمتعثر منذ فترة طويلة. وواشنطن واثقة على ما يبدو من أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار بشأن الدولة الفلسطينية يعرض على مجلس الأمن التابع للامم المتحدة مما يعني أن الفلسطينيين لن يتمكنوا من الحصول على عضوية الاممالمتحدة في الوقت الراهن. ولكن الاسرائيليين يخشون أن تأييدا قويا في الجمعية العامة التي تضم جميع أعضاء الاممالمتحدة قد يشجع الفلسطينيين على التمرد والمطالبة بالسيادة. ولم تنجح الانتفاضات في أرجاء العالم العربي في دفع الفلسطينيين للخروج الى الشوارع مرة أخرى والقتال من أجل التغيير ولكن بالنظر الى الحملات التي لا تحصى التي تدعو الى انتفاضة فلسطينية ثالثة على مواقع التواصل الاجتماعي فان المسألة قد تكون فقط مسألة وقت. وقال جورج جقمان الشريك المؤسس والمدير العام للمعهد الفلسطيني لدراسة الديمقراطية "فلسطين فتيل لا يزال قابلا للانفجار في المنطقة." وتابع قائلا "لنتذكر أن هذا صراع استمر طيلة 120 عاما ولن ينتهي في جولة واحدة" في اشارة الى قافلة غزة التي جرى تعطيلها.