في الوقت الذي استحوذ فيه فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك على اهتمام واسع في الولاياتالمتحدة، باعتباره أحد أبرز الوجوه الديمقراطية الصاعدة، ظهرت في الخلفية شخصية كان لها تأثير حاسم في مسيرته نحو النجاح؛ زوجته راما دوجي، التي تولّت بصمت صياغة الهوية البصرية والسياسية لحملته الانتخابية، مبتعدة عن الأضواء ومكتفية بدور الداعم الهادئ وراء الكواليس. البدايات والأصل راما دوجي، البالغة من العمر 28 عاماً والتي تعد أول سيدة من جيل Z تدخل التاريخ نظرًا لمكانة ممداني حايًا، فهي أمريكية من أصول سورية نشأت في دالاس، وانتقلت مع عائلتها إلى دبي وهي في التاسعة من عمرها، ثم درست في كلية الفنون بجامعة فرجينيا كومنولث في قطر، ثم التحقت بفرع الجامعة في ريتشموند لاستكمال دراستها، قبل أن تحصل على درجة الماجستير في الرسم التوضيحي كمقال بصري من كلية الفنون البصرية في نيويورك. ثم أخيرًا انتقلت إلى نيويورك قبل أربع سنوات فقط، لكنها سرعان ما اندمجت في مشهدها الثقافي والسياسي المتنوع. ماذا يعني جيل z ؟ يُطلق مصطلح "الجيل زد" على الفئة التي وُلدت بين منتصف تسعينيات القرن العشرين وبداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ووفقًا لمركز "بيو" للأبحاث، تمتد هذه الفترة عادة من عام 1997 إلى 2012، وهي مرحلة شهدت انتشار الهواتف الذكية وصعود وسائل التواصل الاجتماعي، حتى غدت التقنية والوجود الرقمي جزءًا أصيلًا من الحياة اليومية وتشكيل الهوية الاجتماعية والثقافية لهذا الجيل، ويأتي جيل زد بعد جيل الألفية (الجيل واي) المولود بين عامي 1981 و1996، ويسبِق الجيل ألفا الذي يشمل مواليد 2013 حتى 2025. قصة ممداني ودوجي جمعت الصدفة بين راما وممداني عام 2021 عبر تطبيق المواعدة "هينغ"، وكان الأخير حينها قد انتُخب حديثاً لعضوية جمعية ولاية نيويورك، وهو أمر لم تكن دوجي تدركه جيداً، ثم خُطبا في أكتوبر 2024، وبعد أيام من إعلان الخطوبة على "إنستجرام" انطلقت حملة ممداني الانتخابية لمنصب العمدة. أُقيم حفل الزفاف في دبي في ديسمبر الماضي، ثم جرى عقد القران في محكمة مانهاتن السفلى في فبراير بحضور محدود، وثّقت المصورة كارا مكوردي المناسبة، وكتبت لاحقاً على موقعها الإلكتروني: "كنت أعلم أنه سيتزوج راما منذ سنوات.. ركبنا المترو من أستوريا إلى قاعة المدينة في يوم ماطر قبل بضعة أشهر، واحتفلت بزواج اثنين من أحبائي رسميًا". وفيما يتعلق بمسألة الإنجاب، فالزوجان لا يملكان أطفالاً حتى الآن، وردّ ممداني مازحاً على سؤال صحفي حول ذلك بقوله: "أشعر وكأنني أتحدث إلى أمي"، مؤكداً أنه يركز حالياً على مهامه السياسية. دوجي.. العقل الإبداعي لحملة ممداني رغم ابتعادها عن الظهور الإعلامي، لعبت راما دوجي دوراً مركزياً في بناء الهوية البصرية لحملة زوجها، فهي من صممت شعارات الحملة وألوانها المميزة من الأصفر والبرتقالي والأزرق الجريء، التي غزت شوارع نيويورك في الأشهر الأخيرة، وفقاً لتقرير شبكة "سي إن إن". لم تكن حاضرة في معظم الفعاليات الجماهيرية، لكنها أدارت بصمت محتوى الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأسهمت في رسم الصورة الرقمية لممداني كمرشح تقدمي قريب من الناس. رافقت زوجها يوم الإدلاء بصوته في الانتخابات التمهيدية، ووقفت إلى جانبه على المسرح خلال خطاب النصر الذي أكد فيه فوزه على الحاكم السابق أندرو كومو. المواقف السياسية والفنية على صفحاتها عبر الإنترنت، تمزج دوجي بين الفن والموقف السياسي، وتعرض رسوماتها وأعمالها الخزفية التي تعبر عن التضامن مع القضية الفلسطينية وانتقاد السياسات الإسرائيلية في غزة، في انسجام واضح مع مواقف زوجها المعلنة، وهذه المواقف أثارت انتقادات من بعض أفراد الجالية اليهودية في نيويورك، وهي الأكبر خارج إسرائيل، كما نقلت شبكة "سي إن إن". وبينما يواصل ممداني صعوده السريع في المشهد السياسي، تواصل دوجي تقديم فنها ورسائلها التي تمزج بين الهوية والحرية والعدالة لتؤكد أن وراء كل زعيم صاعد، غالباً فنانة تكتب الحكاية من وراء الستار.