تواجه إسرائيل أزمة جديدة تتعلق بمقاتلي حركة حماس المحاصرين في المناطق التي تقع خلف ما يُعرف ب"الخط الأصفر" في قطاع غزة، وهي مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية منذ انسحاب قواتها جزئيًا من عمق القطاع. ووفقًا لمصدر مطلع، فإن تل أبيب تدرس مقترحًا مصريًا يسمح لهؤلاء المقاتلين بالعبور نحو المناطق التي تديرها حماس، لتفادي الاحتكاك العسكري في ظل الهدنة القائمة، لكن المقترح يواجه رفضًا واضحًا داخل الحكومة الإسرائيلية. ويتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط شديدة من شركائه في اليمين المتشدد الذين يرفضون أي تسوية تسمح بخروج المقاتلين، فقد وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الفكرة عبر منصة "إكس" بأنها "جنون مطلق". بينما قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إنها تمثل "فرصة للقضاء على هؤلاء أو اعتقالهم، لا لإطلاق سراحهم بشروط سخيفة". رغم ذلك، نقلت شبكة CNN عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن نتنياهو لا يزال يمنع حتى الآن نحو 200 من عناصر حماس من العودة إلى مناطق الحركة، متمسكًا بموقفه الرافض لأي خطوة لا تضمن نزع سلاح الحركة ونزع سلاح قطاع غزة بالكامل، لكن الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطًا على إسرائيل للموافقة على المقترح المصري. ووفقًا لما نقلته "القناة 12" الإسرائيلية، يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن استمرار بقاء المقاتلين العالقين في الأنفاق قرب رفح قد يؤدي إلى مواجهات جديدة مع الجيش الإسرائيلي داخل "الخط الأصفر"، ما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار القائم، ويعرضه لسلسلة من الخروقات التي قد تؤدي إلى انهياره بالكامل. وتؤكد الإدارة الأمريكية أن التعامل بمرونة مع هذا الملف ضروري للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تتطلب خطوات إسرائيلية أكثر انفتاحًا. وتشير مصادر عسكرية إسرائيلية إلى وجود تباين في المواقف داخل المؤسسة الأمنية بشأن الطريقة المثلى للتعامل مع الأزمة. فبينما يدفع بعض القادة باتجاه السماح بخروج المقاتلين عبر ممر آمن لتمكين الجيش من تدمير الأنفاق بعد مغادرتهم، يفضل آخرون خيار القضاء عليهم أو ربط السماح بخروجهم بتسليم حركة حماس لجثث الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا بحوزتها. وبحسب القناة العبرية، فإن حماس تربط بالفعل تسليم مزيد من الجثث بعودة عناصرها المحاصرين خلف الخط الأصفر، في حين يصر الجيش على أن الحل الوحيد هو القضاء عليهم أو الإفراج المشروط بهم. على الأرض، بدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية جديدة في منطقة خان يونس، مع تسريع وتيرة تدمير الأنفاق في محاولة لتقليص قدرة حماس على المناورة. فيما ذكرت صحيفة معاريف العبرية مساء الاثنين، أن الجيش الإسرائيلي شرع في ضخ كميات من الخرسانة وإدخال مواد متفجرة داخل أحد الأنفاق في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، حيث يتحصن عشرات المقاتلين الفلسطينيين. وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي في ظل تضارب الأنباء داخل إسرائيل بشأن قرار محتمل يسمح لنحو 200 من عناصر حركة حماس بمغادرة المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ويرى محللون أن ملف مقاتلي حماس المحاصرين يمثل الاختبار الحقيقي لصلابة اتفاق وقف إطلاق النار الذي وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "صلب وغير هش". يُذكر أن الجيش الإسرائيلي انسحب في 10 من أكتوبر الماضي من عمق محافظات قطاع غزة إلى "الخط الأصفر" بموجب المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الموقع بين حماس وإسرائيل برعاية قطرية ومصرية وتركية وأمريكية. ووفق الخرائط المنشورة، فإن إسرائيل لا تزال تسيطر على أكثر من نصف مساحة القطاع بانتظار تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق التي تشمل استكمال تبادل الأسرى والجثث.