لم يكن أحد من مرتادي مكتب صحة دشنا يتخيل أن وراء أبوابه الحديدية يدور سيناريو أقرب إلى أفلام الخيال الشعبي، دجال يبيع الوهم، وموظفون يطاردون كنزًا فرعونيًا مدفونًا تحت مكاتبهم، وما بدأ كحكاية غامضة في أجواء مولد شعبي انتهى بكشف سرداب عميق وحبس موظفين تورطوا في "لعبة الجن والذهب". - بداية الحكاية في أجواء مولد الشيخ جلال، حيث تختلط حلقات الذكر بالأساطير الشعبية، ظهر رجل غريب، قدّم نفسه باعتباره "عارفًا بأسرار الأرض والجن"، استغل حالة الازدحام والإيمان الشعبي بالكرامات، ليبث بين بعض الموظفين أن الأرض التي يجلسون فوقها تخفي مقبرة فرعونية تحرسها الأرواح، وأنه وحده القادر على فتح أبواب الكنز. الإغراء كان أكبر من قدرتهم على المقاومة، وعود بالثراء الفاحش، قصور فاخرة، وحياة بلا قيود. ومع الوقت، تحول "الدجال" من زائر غامض إلى قائد عمليات حفر سرية تحت مكتب حكومي رسمي. - الحفرة تحت المكاتب بمرور الأيام، شق الموظفون طريقهم أسفل المكتب، باب جانبي خشبي كان يقود إلى حفرة تجاوز عمقها خمسة أمتار، بداخلها سلم بدائي، ينتهي إلى سرداب يمتد بطول ستة أمتار أسفل الغرف. في الداخل، بقايا ألواح خشبية وأدوات حفر، وفي الخارج، موظفون ينتظرون لحظة إخراج أول "قطعة ذهبية". لكن الكنز لم يظهر، والدجال اختفى فجأة، تاركًا وراءه حفرة مظلمة وأوهامًا انهارت على رؤوس الجميع. - المعاينة تكشف الفضيحة سرعان ما وصل البلاغ إلى النيابة الإدارية بقنا، التي انتقلت برئاسة المستشار محمد كامل لمعاينة المشهد، المفاجأة كانت صادمة "سرداب منظم"، عمل استمر أيامًا كاملة، وتواطؤ واضح من موظفين سمحوا بتحويل مكتب حكومي إلى "ورشة تنقيب غير شرعية". - التحقيقات والمساءلة أمرت النيابة العامة بحبس أربعة موظفين متورطين، وكلفت لجنة فنية بإعداد تقرير مفصل عن الواقعة. كما استدعت مدير إدارة المراجعة الداخلية والحوكمة بمديرية الصحة لمساءلته عن غياب الرقابة. - مقبرة وهمية وفضيحة حقيقية تحولت المقبرة الوهمية إلى فضيحة حقيقية، وبدلًا من أن يظفر الموظفون بالذهب، وجدوا أنفسهم خلف القضبان، أما الدجال الذي باع لهم الأوهام، فقد ترك لهم درسًا قاسيًا، وهو أن الطمع طريق قصير نحو السقوط، وأن الركض وراء الخرافة لا يقود إلا إلى حفرة بلا عودة.