إقبال كثيف من المواطنين على اللجان الانتخابية بشبراخيت في البحيرة    صناعة الملابس توقع مذكرة تفاهم مع الوكالة الألمانية للتعاون بهدف تطوير القطاع    وزير الدفاع ورئيس الأركان يعقدان لقاءات ثنائية مع قادة الوفود العسكرية ب«إيديكس 2025»    ترامب يوقف معالجة طلبات الهجرة من 19 دولة بينها 4 دول عربية    الصافي تتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع لتسويق وتصدير الحلول التكنولوجية    الزمالك يخسر خدمات 14 لاعبًا قبل انطلاق كأس عاصمة مصر    سقوط 3 متهمين لقيامهم باستغلال 7 أطفال في التسول    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المرتقبة على محافظات الجمهورية    تفاصيل جريمة غسل أموال بقيمة 30 مليون جنيه    المركز القومي للسينما يقدم عروض نادي سينما الإسماعيلية    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    «مشوفتش رجالة في حياتي».. أبرز تصريحات زينة    زينة تثير الجدل بتصريح غريب عن الرجال.. اعرف التفاصيل    جامعة عين شمس تحصد جائزتين في "مسابقة عبادة الدولية للباحث المتميز"    إرشادات جديدة لحماية المسافرين المرضى من الوقوع في شبهات الاتجار بالأدوية    إنقاذ مريضة في السبعينات بعد بلعها ملعقة صغيرة في المنوفية    رئيس الوطنى الفلسطينى: التصويت لصالح القرار الأممى يعكس إرادة دولية واضحة لدعم العدالة    وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    مواعيد مباريات الأربعاء 3 ديسمبر - مجموعة مصر في كأس العرب.. وريال مدريد ضد بلباو    دخل تاريخ الدوري الإنجليزي.. هالاند أسرع لاعب يصل ل100 هدف    «جلوب سوكر».. بيراميدز يخرج من القائمة النهائية لجائزة أفضل ناد في 2025    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    انعقاد الاجتماع الأول لمنتدى الأعمال والاستثمار المصري اليوناني    وزيرا التخطيط والمالية يبحثان تعديلات «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    انقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بعد الفيوم الجديدة    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    انقلاب ميكروباص وإصابة 7 أشخاص في مدينة 6 أكتوبر    التحقيق فى سقوط سيدة من أعلى الطريق الدائري بمنطقة بشتيل بالجيزة    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    العربية للتصنيع توقع مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع شركة "Sofema" الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والوكالة الألمانية لدعم تطوير القطاع الصناعي    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    وزير الكهرباء: جهود تحسين كفاءة الطاقة أصبحت ضرورة وطنية وركيزة أساسية    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    محافظ قنا يتفقد عدداً من مقار اللجان في جولة إعادة انتخابات النواب    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «التعليم» تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    تشكيل آرسنال المتوقع أمام برينتفورد في البريميرليج    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    هل يحرق الإخوان العالم؟    وكيل الرياضة بالقليوبية يشهد الجمعية العمومية لمركز شباب الفاخورة    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    هيجسيث يتوعد بتصعيد الضربات ضد قوارب المخدرات ويهاجم تقارير الإعلام الأمريكي    توجيه تهم القتل والاعتداء للمشتبه به في حادث إطلاق النار بواشنطن    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    فيدرا تدافع عن كلاب الشوارع: عندنا مشكلة إدارة وعندي 40 قطة و6 كلاب معيشاهم في بيتي    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحبكة المقدسة.. الدين في السينما الغربية
نشر في مصراوي يوم 20 - 09 - 2025

مرَّ على تاريخ السينما حوالي 130 عامًا منذ أن أطلق الأخوان لوميير شريطهما الأول، عام 1895، في أحد مقاهي باريس. منذ ذلك الحين انتشر عبير الفن السابع في أرجاء الكون وتطوَّر سريعًا بشكل مذهل؛ حتى أضحى فن السينما واحدًا من أبدع الفنون وأرقاها وأكثرها تأثيرًا.
والسينما -مثلما هي بالمقام الأول صناعة ترفيهية للمتعة- فهي كذلك رسالة، أو فلنقل إن كل فيلم يحمل بين طياته الكثير من الأفكار والرؤى، التي لا تفرض علينا بالضرورة التوحد معها، ولكنها مدعاةٌ في كل الأحوال لمناقشتها.
في كتابه »الحبكة المقدسة: الدين في السينما الغربية« (منشورات إبييدي، 2025)، يقدِّم لنا الباحث أسعد سليم، عبر 270 صفحة من القطع المتوسط قضايا جادة تتعلّق بالدين في السينما، أو كيفية تناول صناعة السينما للموضوعات والرؤى الدينية في قالبٍ فني وفكري.
لقد ناقشت السينما -منذ بدايتها الأولى- الكثير من الموضوعات المختلفة مثل الدراما، والكوميديا، والأكشن، الجريمة والرعب والغموض، والفانتازيا والخيال العلمي، والإثارة والرومانسية والمغامرة، والكثير من الأشكال الأخرى، التي يصعب حصرها، لكن واحدًا من القضايا المهمة، كان بمنزلة القلب منها، وهو موضوع الدين، فمنذ تدشينها أولت جُلَّ اهتمامها بهذا الموضوع الشائك.
قبل الدخول في صُلب الدراسة التي بين أيدينا عن الدين في السينما الغربية؛ يثير الباحث هذا السؤال المهم: ما الدين؟ وما السينما؟ يمكن اعتبار أن الأديان شكلٌ مُنظّم من المعتقدات والممارسات والرموز، التي ترتبط بفكرة الخالق الأعلى، أو الحقائق الروحية، أو الهدف النهائي (الله). وتُعنى الأديان بتفسير الطبيعة والكون والروح الإنسانية، وتُقدِّمُ إطارًا أخلاقيًا، تحاول أن تضمن به سلوكيات الأفراد للوصول إلى شكلٍ من أشكال المجتمعات الراقية المتقدمة.
حذت السينما حذو الأديان؛ فاخترعت لنفسها ديدنها الخاص، فالسينما ليست مجرد عرض فيلم على الشاشة، بل محاولة لسبر أغوار الحياة بكل أسرارها، ورسم كونٍ موازٍ تشكِّله على هواها، ولها أيضًا مبادئ أساسية، منها: الممارسات، والنصوص الحاكمة، والقيم الأخلاقية، والمجتمع السينمائي.
الشاهد أن السينما أصبحت عالمًا متكاملًا في حد ذاتها، تمتلك منظومتها الفاعلة الخاصة، ورؤاها المتفردة التي تخرج عما ألفناه واعتدناه. ولعل ذلك أيضًا ما أثار ثورة الكنيسة والمتدينين والمحافظين تجاه السينما، فمنذ بواكيرها الأولى تصدَّت السيما الغربية لموضوعات الدين المختلفة، والتي كان على رأسها تقديم رؤيتها الخاصة جدًا حول المسائل الدينية المعقّد والشائكة؛ فالله، والملائكة، والأنبياء، والشيطان، والنعيم والجحيم، ويوم الحساب، والطقوس والأسرار، والضمير الديني، والإلحاد، والهرطقة، ونهاية العالم، كلُّها أصبحت مادةً دسمة في أيدي صُنّاع السينما، يلهون بها كيفما يشاؤون، ويقدِّمونها على الشاشة بالشكل الذي يريدون، ولعلنا نذكر هنا المقولة الشهيرة للناقد الفرنسي المؤثر أندريه بازان (1918-1958)، »كانت السينما مهتمة دائمًا بالله«؛ للتدليل على مدى اهتمام السينما بالدين بشكلٍ خاص (ص 7).
بدأت المعركة في الاشتعال بحلول عام 1909، زمن السينما الصامتة، حين قررت الكنيسة الكاثوليكية تشكيل لجنة لمراجعة الأفلام، وبدأ -حينذاك- ما يُعرف بإنشاء النموذج الأولي لتصنيف الأفلام، تلا ذلك -في ثلاثينيات القرن العشرين- تكوين ما عُرف ب»جماعة فيلق الحشمة«، وهي مجموعة كاثوليكية أميركية، كان هدفها كما هو معلن »مكافحة الفجور في السينما«. وقال دان غيلبرت رئيس لجنة رجال الصحف المسيحية للتحقيق في صناعة الأفلام ذات مرة »إن هوليوود هي أقرب شيءللجحيم على الأرض، وهي ما تمكَّن الشيطان من إقامته حتى الآن في هذا العالم ونفوذ هوليوود يقوّض الثقافة والحضارة المسيحية التي بناها آباؤنا على هذه الكوكب«.
في عام 1930، كانت الطامة الكبرى، واللطمة الأكبر، التي وُجهِّت للسينما؛ في أميركا تم تنفيذ قانون إنتاج الأفلام، وهو ما عُرِفَ ب»قانون هايز«، والذي استمر تطبيقه حتى عام 1968. فقد تبنّى ويل هاريسون هايز، رئيس الرقابة في هوليوود -وقتذاك- قانون إنتاج الأفلام، بالاشتراكِ مع هيئة منتجي وموزعي الأفلام في أميركا. كان القانون عبارة عن مجموعة من التعليمات الصارمة للرقابة الأخلاقية، التي حَكَمت إنتاج الأفلام الأميركية. وكانت صيغة البند الأول من هذا القانون: »يُمنع منعًا باتًا« ذِكرُ كلماتٍ مثل: »الله، المسيح، يسوع«، ما لم تُستعمَل بشكلٍ موقر بالارتباط مع المراسيم الدينية المصاحِبة« (ص 8).
في بدايات صناعة السينما، وجدت كنزًا ثمينًا متمثلًا في النصوص المقدسة، يمكن أن يُمدها بثراء فكري متنوع، فكانت البداية عام 1898، بالفيلم الفرنسي »حياة وآلام يسوع المسيح«، للمخرجَين جورج هاتو ولويس لوميير، وكانت مدته حوالي 11 دقيقة. في الولايات المتحدة، أخرج ستيوارت بلاكبتون فيلم »حياة موسى«، عام 1909، وقد تناول فيه حياة النبي موسى منذ طفولته.
بدأت التحديات مبكرًا مع فيلم »من المهد إلى الصليب«، عام 1912، حيث أثار هذا الفيلم الأميركي -الذي تم تصويره في فلسطين- الجدل بسبب تجسيده المباشر لشخصية المسيح، وهو ما اعتبره البعض حينها تجديفًا. بعدها، بدأت السينما في تلمُّس طُرق مختلفة لعرض الموضوعات الدينية، ابتعدت فيها عن التقليدية إلى حدٍ ما، كما حدث في فيلم Intolerance »التعصب« (1916) للمخرج ديفيد وارك جريفيث، والذي يعد تحفة ذلك العصر سينمائيًا، وتضمَّن العمل أربع قصص، إحداها عن المسيح.
ترك الكساد الكبير (1929-1939) الملايين حول العالم في حالة من اليأس والإحباط، وهو ما جعل القصص الدينية التي تدعو للأمل والخلاص، فكرةً جذابة وملهمة، ينتظرها الناس بشغف. قامت السينما -ابتداءً من ثلاثينيات القرن العشرين- بإنتاج ملاحم دينية ضخمة، بمؤثراتٍ بصرية مقبولة. برز اسم المخرج سيسيل بي. ديميل كواحدٍ من أهم صناع السينما في تلك الفترة، من خلال فيلمه الصامت The Ten Commandments »الوصايا العشر«، الذي كان الشرارة الأولى نحو إنتاج أعمال ملحمية مبهرة.
تقدَّمت هوليوود خطوة للأمام، بمحاولة تقديمها أفلامًا دينية ذات طابع إنساني، مثل The Green Pastures »المراعي الخضراء« (1936)، الذي عرض تصويرًا فريدًا للملائكة، من منظور الثقافة الأفرو-أميركية.
أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، كان لزامًا على السينما أن تكون أداةً لرفع الروح المعنوية، وبالفعل حاولت ذلك في فيلم The Song of Bernadette »أغنية برناديت« (1943) والذي يحكي عن فتاة تُدعى برناديت، ترى رؤى متعددة للسيدة العذراء مريم، وهو ما مثّلَ رسالة أمل، في وقت كانت فيه أوروبا تعاني من الدمار. في الوقت نفسه، ظهرت أفلام أخرى تستكشف التعقيدات الإيمانية، ومنها فيلم The Keys of the Kingdom »مفاتيح المملكة« (1944).
في الخمسينيات، وصلت الملاحم الدينية إلى ذروتها مع فيلم Ben-Hur »بن هور« (1959)، الذي حصد 11 جائزة أوسكار، وتناولَ اضطهاد المسيحيين في روما القديمة، مستخدمًا مشاهد مذهلة لسباق العربات؛ لجذب الجماهير.
تحت ضغط التغييرات الجذرية، التي أحدثها كلٌّ من الثورات الثقافية، والاجتماعية، والعلمانية، وحركات التحرر في الستينيات، تحررت السينما هي الأخرى من القوالب الدينية الجامدة والتقليدية، وتناولت موضوعات مثل مساءلة الأديان والتشكيك في المقدسات، مثل أفلام السويدي إنغمار برغمان The Seventh Seal »الختم السابع« (1957)، وكذلك The Silence »الصمت« (1963)، وأيضًا Winter Light »ضوء الشتاء« (1963).
في الولايات المتحدة، بدأ استكشاف السينمائيين للدين بوصفه مصدرًا للرعب، مثلما قدَّم المخرج رومان بولانسكي في فيلمه » Rosemary's Babyطفل روزماري« (1968)، وهو أيضًا ما فعله المخرج وليام فريدكين في فيلمه The Exorcist »طارد الأرواح« (1973). ثم كان التطور الكبير ، حيث أثيرت موضوعات مثل الإلحاد والهرطقة، مثلما فعل المخرج كين راسل في فيلمه The Devils »الشياطين« (1971).
يقول الباحث أسعد سليم إنه مع بدء تسعينيات القرن العشرين، أصبح العالم يموج على سطح هائل من التكنولوجيا والمعرفة، وظهرت أفلام Matrix »ماتريكس«، عام 1999، لتجمع بين المسيحية والبوذية والغنوصية في حبكة من الخيال العلمي. وأخذت الأفلام الدرامية منحنىً جديدًا، حيث قدَّم المخرج ميل غيبسون فيلم The Passion of the Christ »آلام المسيح« (2004)، في حين أشار المخرج آنغ لي في فيلمه Life of Pie »حياة باي« (2012) إلى تعددية الإيمان في مشاهد بصرية مذهلة، في حين تحدَّى فيلم The Da Vinci Code »شفرة دافنشي« (2006) الروايات الدينية التقليدية في السردية المسيحية (ص 12).
يزخر »الحبكة المقدسة: الدين في السينما الغربية« بالكثير من التفاصيل عن السينما الدينية أو السينما التي تعالج موضوعات الدين، بما يعنيه ذلك من تطلعات الإنسان وقناعاته، بل وتطوراته، عبر العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.