عند سفح أهرامات الجيزة، يتشكل مشروع فريد من نوعه: المتحف المصري الكبير، ويعد رمزًا لتحول استراتيجي في رؤية مصر لإعادة تعريف مكانتها عالميًا، حيث يربط بين إرث حضاري عظيم وقدرات عصرية في التصميم والإدارة والترويج الدولي. ومن المقرر أن يُفتتح المتحف رسميًا في الأول من نوفمبر، بعد سنوات طويلة من التخطيط الدقيق والتأجيلات، ليشكل محطة فارقة في تاريخ المتاحف عالميًا. فكرة انطلقت في التسعينيات وتحديات سياسية انبثقت فكرة المتحف في تسعينيات القرن الماضي بقيادة فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق ، ووضع الرئيس الأسبق حسني مبارك حجر الأساس عام 2002، ومنذ ذلك الحين بدأت رحلة طويلة من التخطيط والتنفيذ واجهت عقبات، خاصة مع أحداث ما بعد 2011. وأُعيد إحياء المشروع تحت إشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أولى اهتمامًا خاصًا بتطوير المنطقة المحيطة، بما يشمل هضبة الجيزة ومطار سفنكس الدولي وطريق الفيوم. وتجاوزت التكلفة الإجمالية مليار دولار، بتمويل أساسي من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي عبر قرضين ميسّرين بإجمالي 800 مليون دولار، إلى جانب شراكات علمية وتقنية أسهمت في إنشاء أكبر مراكز الترميم الأثري عالميًا. تصميم معماري مهيب يجسد رمزية الأهرامات يمتد المتحف على مساحة 480 ألف متر مربع ويقع على بعد كيلومترين فقط من الأهرامات، ليصبح أكبر مركز ثقافي وسياحي في العالم. وفازت شركة إيرلندية بالمسابقة الدولية التي أشرفت عليها اليونسكو لتصميمه، فجاء ليُعرف ب«الهرم الرابع»، ويتميز بواجهة خماسية الطوابق تلتقط ضوء الشمس ومدخل ضخم يتصدره تمثال رمسيس الثاني بارتفاع 11 مترًا. كنوز توت عنخ آمون أبرز المقتنيات يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي عصور التاريخ المصري القديم، بينما تظل كنوز الملك توت عنخ آمون الأكثر تميزًا، إذ تُعرض كاملًا للمرة الأولى في قاعة خاصة على مساحة 7500 متر مربع، باستخدام تقنيات حديثة مثل الواقع المعزز وربط القطع بمواقع اكتشافها الأصلية. ويعتبر المتحف أحد أعمدة خطة مصر السياحية الهادفة لمضاعفة أعداد السائحين بحلول 2031 والوصول إلى 30 مليون زائر سنويًا، ومن المتوقع أن يجذب المتحف وحده ما بين 5 إلى 7 ملايين سائح سنويًا، مدعومًا بالبنية التحتية المحيطة. تأثير اقتصادي يتجاوز السياحة يسهم المشروع في تنشيط أسواق الضيافة الفاخرة والعقارات في محيط الأهرامات، ويعزز الصناعات الثقافية والإبداعية عبر إحياء الحرف اليدوية وإنتاج نسخ أثرية عالية الجودة. كما يخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ويدعم الاقتصاد غير الرسمي من خلال الأنشطة المحلية المرتبطة بالزوار. ويُنظر إلى المتحف كبوابة ذهبية لجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث بدأت كبرى سلاسل الفنادق العالمية التفاوض على مشروعات قريبة منه، والبعض بدء بالفعل، ويُمثل المتحف أداة قوية للدبلوماسية الثقافية، بدليل الدعوات الموجهة لقادة العالم لحضور افتتاحه. ويجسد المتحف ثلاثة أبعاد أساسية للقوة الناعمة: رمز الاستمرارية الحضارية، منصة للدبلوماسية الثقافية، وأداة للترويج العالمي، وحظي بتغطية واسعة من وسائل إعلام كبرى. المتحف المصري الكبير حدث تاريخي يعيد رسم خريطة السياحة في مصر في هذا السياق، قال محمد كارم، الخبير السياحي، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل حدثًا تاريخيًا سيعيد رسم خريطة السياحة في مصر، مؤكدًا أنه سيكون أحد أهم المتاحف على مستوى العالم. أضاف "كارم"، في تصريحات لمصراوي، أن المتحف سيحدث انتعاشة قوية في الحركة السياحية، ليس فقط في القاهرة، بل في مختلف المقاصد السياحية المصرية، نظرًا لتفرد مقتنياته وضخامته المعمارية. وأضاف الخبير السياحي، أن المتحف المصري الكبير سيصبح مركز جذب عالمي، مشددًا على أنه سيضع مصر في صدارة الدول التي تمتلك بنية متحفية حديثة قادرة على المنافسة عالميًا. وتابع محمد كارم قائلاً: إن السياحة الثقافية ستحقق قفزة غير مسبوقة بفضل افتتاح المتحف، خاصة مع تزايد الطلب الدولي على زيارة مصر لاكتشاف أسرار الحضارة الفرعونية. ولفت كارم إلى أن المتحف سيؤدي دورًا محوريًا في إطالة مدة إقامة السائحين وزيادة متوسط إنفاقهم، ما سينعكس إيجابيًا على الاقتصاد القومي. وأكد على أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي، بل هو قوة ناعمة لمصر ورسالة للعالم عن عظمتها الحضارية وقدرتها على الاستثمار في تاريخها. وفي سياق متصل، صرّح مصدر مسئول أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون بمثابة نقلة حضارية وثقافية لمصر، حيث يُعد أكبر مشروع متحفي في العالم يجمع بين الأصالة والحداثة. وأوضح المصدر، في تصريحات لمصراوي، أن المتحف سيضم أعظم كنوز الحضارة المصرية القديمة، وفي مقدمتها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، التي ستُعرض لأول مرة بشكل كامل للجمهور. وأكد أن الدولة المصرية أولت المشروع اهتمامًا خاصًا، باعتباره أحد أهم المشروعات القومية التي تعكس مكانة مصر التاريخية ودورها الرائد عالميًا. وأضاف المصدر أن افتتاح المتحف سيجذب ملايين السياح من مختلف أنحاء العالم، مشددًا على أن الحكومة تعمل على توفير جميع التسهيلات اللازمة لزيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال الزوار. وتابع قائلاً: "المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري، بل هو رسالة حضارية للعالم، تبرز قدرة مصر على الحفاظ على تراثها وتقديمه بصورة حديثة تتناسب مع المعايير الدولية". وأكد على أن الافتتاح سيمثل بداية مرحلة جديدة في دعم السياحة الثقافية والاقتصاد الوطني، عبر زيادة معدلات التدفق السياحي وتعزيز صورة مصر عالميًا. اقرأ أيضًا: يتم افتتاحه 1 نوفمبر.. المتحف المصري الكبير في سطور الأرصاد تكشف موعد انخفاض الحرارة.. وحالة الطقس خلال ال6 أيام المقبلة