أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط..هي أول من هاجر إلى المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليها، وهي قرشية خرجت تاركة أبويها على الشرك وهاجرت مسلمة إلى الله ورسوله فما هي قصتها؟ يقول ابن سعد في طبقاته "لا نعلم قريشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم"، إذ عزمت على اللحاق بالنبي وأصحابه في المدينة وصاحبت رجلًا من خزاعة في طريق الهجرة وحين وصلت المدينة كانت الهدنة بين المسلمين وبين قريش، والتي تقتدي بأن يرد الرسول صلى الله عليه وسلم من جاءه من المسلمين فرارًا من قريش، لذا تبعها أخويها ليصلا في اليوم التالي لقدومها المدينة، وقالا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد شرطنا أوف به. لترد أم كلثوم قائلة: يا رسول الله، أنا امرأة، وحال النساء إلى الضعف، فأخشى أن يفتنوني في ديني، ولا صبر لي. ولأجل أم كلثوم، نقض الله العهد في النساء ونزلت آية الامتحان بقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"..فيروي الطبري في تفسيره أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بأسفل الحديبية، لما جاءه النساء، وكان قد عاهد في الحديبية أن يرد من جاء من المشركين مسلما، فلما نزلت هذه الآية، أمر أن يرد الصداق إلى أزواجهن، فيقول الطبري عن الضحاك: " فكان نبيّ الله إذا فاته أحد من أزواج المؤمنين، فلحق بالمعاهدة تاركًا لدينه مختارًا للشرك، ردّ على زوجها ما أنفق عليها، وإذا لحق بنبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أحد من أزوج المشركين امتحنها نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فسألها ما أخرجك من قومك، فإن وجدها خرجت تريد الإسلام قبلها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وردّ على زوجها ما أنفق عليها، وإن وجدها فرّت من زوجها إلى آخر بينها وبينه قرابة، وهي متمسكة بالشرك ردّها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى زوجها من المشركين". ولم تكن السيدة أم كلثوم بنت عقبة متزوجة في مكة، فحين جاءت المدينة تزوجها زيد ثم الزبير ثم عبد الرحمن بن عوف ثم عمرو بن العاص، وماتت وهي عنده، وقد روت السيدة أم كلثوم عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث أخرج منها في الصحيحين حديث واحد متفق عليه.