التدبر فى القرآن الكريم من صفات المتقين ونزلت سورة الممتحنة في الصحابي حاطب بن أبي بلتعة الذي تخابر مع مشركي قريشٍ لإخبارهم باستعداد الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقدوم إلى مكة، وكانت حلقة الوصل بينه وبينهم سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم والتي قدمت إلى المدينة طالبةً العطاء والكساء؛ وعندما سألها الرسول الكريم أمسلمةٌ أتيتِ قالت: لا، فأعطاها الرسول وكساها وهمت بالعودة إلى مكة حينها التقاها حاطب بن أبي بلتعة وأرسل معها كتابًا لتحذير أهل مكة من قدوم النبي وأصحابه ودفع إليها عشرة دنانير مقابل إيصال الكتاب. وانطلقت الأَمة من المدينة قاصدةً مكة؛ فنزل جبريل -عليه السلام- على الرسول بالخبر اليقين؛ فأرسل الرسول في أثرها فرسان الصحابة: علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله والمقداد بن الأسود وأبو مرثد ووجدوها في روضة خاخ كما أخبر الوحي، وأخذوا منها الكتاب بالقوة وعادوا بالكتاب إلى رسول الله الذي استدعى حاطبًا وسأله عن الكتاب؛ فأجاب: "أما واللهِ إنِّي لَناصِحٌ للهِ ولرسولِهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ولكنْ كُنْتُ غَرِيبًا في أهلِ مكةَ، وكان أهلِي بين ظَهرَانِيِّهُمْ، وخَشِيتُ فَكتبْتُ كتابًا لا يَضُرُّ اللهَ ورسولَهُ شيئًا وعَسَى أنْ يَكُونَ مَنْفَعَةٌ لأهلِي". ؛ فصدقه الرسول الكريم وعفى عنه ثم نزلت الآيات الكريمة من صدر سورة الممتحنة. وعندما أنزل الله قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} عادى المسلمون أقاربهم من المشركين عداوةً بينةً اقتداءً بإبراهيم -عليه السلام-؛ فأنزل الله قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. أما سبب نزول قول الله تعالى من سورة الممتحنة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. نزلت في سبيعة بنت الحارث الأسلمية التي وفدت على الرسول الكريم بعد الانتهاء من كتابة شروط صلح الحديبية ومن ضمنها ردّ كل من أتى من أهل مكة إلى الرسول؛ فأتى زوج سبيعة مطالبًا بردها؛ فأنزل الله هذه الآية. أما سبب نزول قول الله تعالى من سورة الممتحنة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}. فإنّها نزلت في فقراء المسلمين في المدينة الذين ينقلون أخبار المسلمين لليهود مقابل بعض ثمار بساتينهم؛ فأنزل الله هذه الآية ناهيًا إياهم عن فعل هذا الأمر.