وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    مفاجأة.. مستقبل وطن يتراجع عن الدفع بمالك النساجون الشرقيون في بلبيس (خاص)    مصادر: قائمة «المستقبل» تكتسح انتخابات التجديد النصفي ل«الأطباء»    «الكهرباء»: الهيئات النووية المصرية تمتلك كفاءات متراكمة نعمل على دعمها    بأكثر من 9 تريليونات جنيه.. دفاتر الإقراض البنكي تكشف خريطة مصر 2026    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 (آخر تحديث)    ارتفاع جديد ب520 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأحد 12-10-2025 وعيار 21 الآن بالمصنعية    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 6 قرارات إزالة على أراضى أملاك الدولة والأراضى الزراعية    أسعار السيارات الجديدة في مصر    عاجل- شاهد بالصور|.. مصرع 3 من أعضاء الوفد القطري المشارك في محادثات شرم الشيخ وإصابة اثنين في العناية المركزة بحادث سير مروع    اندلاع اشتباكات عنيفة بين باكستان وأفغانستان على الحدود    غزة تلتقط أنفاسها.. وحماس ترفض تسليم سلاحها إلا لدولة فلسطينية    "تليفزيون اليوم السابع" يستعرض تفاصيل قمة شرم الشيخ للسلام الاثنين المقبل    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. أنظار العالم تتجه إلى مدينة السلام شرم الشيخ لاستقبال قادة العالم.. زلزال يضرب إثيوبيا.. قائد القيادة المركزية الأمريكية: لا خطط لنشر قوات أمريكية فى غزة    الأمن السورى يضبط شحنة صواريخ قبل تهريبها للخارج    جيفري أرونسون الباحث والمحلل الأمريكي ل«المصري اليوم»: ترامب هو المسؤول الأول عن تنفيذ اتفاق غزة    كوبا تنفي المشاركة بأفراد عسكريين في الحرب بين روسيا وأوكرانيا    «مخيتريان»: «مورينيو» وصفني بالحقير.. و«إنزاجي» منحني ثقة مفرطة    البرتغال تحسم المواجهة أمام أيرلندا بهدف قاتل في الوقت بدل الضائع    العراق يحسمها في الوقت القاتل أمام إندونيسيا ويواصل مسيرته بثبات    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    إيطاليا تواصل صحوتها بثلاثية أمام إستونيا    طارق يحيى لمسؤولي الزمالك: «الانتماء بيضيع.. إزاي اللاعيبة متتمرنش في النادي؟»    ملخص ونتيجة مباراة إسبانيا ضد جورجيا بتصفيات كأس العالم 2026    أسماء ضحايا ومصابي حادث الدبلوماسيين القطريين في شرم الشيخ    ضبط منافذ بيع الحيوانات.. قرارات عاجلة من النيابة بشأن تمساح حدائق الأهرام    انتشال 5 جثث احتجزوا داخل سيارة في حادث بطريق قفط - القصير بقنا    سباك يشعل النيران في شقته بسبب خلافات مع زوجته بالوراق    شاب يقتل راعي أغنام في البحيرة ويبلغ أهل الضحية وينتظر وصولهم بجوار الجثة    مأساة فيصل.. وفاة "عبد الله" بطل إنقاذ المسنّة بعد تضحيته بنفسه في الحريق المروّع    خالد عجاج ينهار باكيًا على الهواء أثناء غناء «الست دي أمي» (فيديو)    رونالدينيو ومحمد رمضان ومنعم السليماني يجتمعون في كليب عالمي    البرومو الثاني ل«إن غاب القط».. آسر ياسين وأسماء جلال يختبران أقصى درجات التشويق    مسلسل لينك الحلقة الأولى.. عائلة ودفء وعلاقات إنسانية ونهاية مثيرة    «حصون الشرق».. اكتشاف قلعة عسكرية على طريق حورس بسيناء    السيسي يستقبل «العناني»: الفوز الساحق بمنصب مدير عام «يونسكو» إنجاز تاريخي يعكس المكانة الرفيعة لمصر    مسلسل لينك ينطلق بقوة ويتصدر الترند بعد عرض أولى حلقاته    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    لو خلصت تشطيب.. خطوات تنظيف السيراميك من الأسمنت دون إتلافه    أمر محوري.. أهم المشروبات لدعم صحة الكبد وتنظيفه من السموم    أسامة نبيه: لم أخرج من كأس العالم للشباب صفر اليدين واللائحة هي السبب    فرحة الاكتساح.. العنانى على قمة اليونسكو.. سبيكة ثقافية مصرية فريدة صهرتها طبقات متعاقبة من الحضارات    هدوء في اليوم الرابع لتلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بالفيوم دون متقدمين جدد    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    محافظ المنيا: رعاية النشء والشباب أولوية لبناء المستقبل وخلق بيئة محفزة للإبداع    الأجهزة الأمنية بالغربية تفحص فيديو لموكب حركات إستعراضية بزفة عروسين ب بسيون    مستشفى "أبشواي المركزي" يجري 10 عمليات ليزر شرجي بنجاح    مياه الغربية: تطوير مستمر لخدمة العملاء وصيانة العدادات لتقليل العجز وتحسين الأداء    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    قبل انطلاق أسبوع القاهرة للمياه.. "سويلم" يلتقي نائب وزير الموارد المائية الصينية    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    «المشاط» تبحث مع المفوضية الأوروبية جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تصفيات المشروع الوطني للقراءة.. الكتاب يقود طلاب مصر (معايشة)
نشر في مصراوي يوم 12 - 04 - 2021

بخطى صغيرة كعمرها، تتقدم حنين إبراهيم نحو لجنة التحكيم، تحمل يدها مدونة تلخيص 30 كتابًا قرأتها، ما إن تستقر على المقعد وتنظر للمعلمين الجالسين أمامها حتى يحمر وجهها، تهاب الصغيرة لحظة الاختبار، تكتم الدموع ويلاحظ المحكمين توترها، لكن ما هي إلا دقائق وينكسر الجليد، "كيفك يا أميرة.. أخبرينا ما اسمك؟". تبتسم حنين مع توالي إجابتها على استفسارات المختبرين عن أسماء مؤلفين الكتب ودور النشر وحديثها عما استفادت من قراءتها. تنتهي ذات السبعة أعوام وقد تبدل حالها؛ تخرج مسرعة تسبقها سعادتها بينما تقول "جاوبت كل الأسئلة وقالوا لي أحسنتي".
حنين واحدة من بين نحو 850 طالب وطالبة في مراحل عمرية مختلفة وصلوا للتصفيات النهائية بمسابقة المشروع الوطني للقراءة في نسختها الأولى المنطلقة من مصر، والتي تشرف عليها مؤسسة البحث العلمي في دبي بالشراكة مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي المصرية.
على مدار أربعة أيام، اجتمع المشاركون من 27 محافظة داخل العاصمة الإدارية الجديدة للتنافس على لقب أفضل قارئ للتأهل للمرحلة الأخيرة من المسابقة في فئة "التنافس المعرفي"، ويجاورهم معلمون يسعون لنيل وصف "المعلم المثقف"، و14 مؤسسة تتنافس بأفكار ومشاريع في فئة "المؤسسات التنويرية".
في الخامس من إبريل الجاري بدأت تصفيات المشروع الوطني تحت شعار "مصر بألوان المعرفة". عشرات الطلاب والمعلمين منذ فبراير 2020 تجاوزوا اختبارات القراءة على ثلاثة مستويات -المدرسة، المديرية، المحافظة- للوصول إلى هذه المحطة قبل الأخيرة، أو كما تكرر وصف المشاركين على مدار الأيام الأربعة من قبل لجنة التنظيم "من وصل هنا هم صفوة الصفوة من القراء".
داخل 5 نماذج مصممة على شكل منزل صغير، يحمل اللونين البرتقالي والأزرق، بها نافذين جانبيتين وتحيط بها اللون الأخضر، يجلس الطلاب من المرحلة الإبتدائية إلى الثانوية على مائدة التحكيم، طالبًا تلو الآخر يدخل إلى القاعة الكبيرة بعدد "الأكشاك" المخصصة، فيما ينتظر بقية طلاب المحافظة في قاعة الانتظار والتكريم بعد ذلك.
في قاعة الانتظار، تتجلى مشاعر المشاركين قبل وبعد الدخول للاختبار؛ تفقد المدونات الملخص بها الكتب للمراجعة، التعارف بين الأعمار الأكبر والأصغر، هذا يهندم لزميله رابطة العنق، طالبة جامعية تعيد تسريح شعر رفيقتها بالمرحلة الابتدائية، دعوات بعض الآباء حضروا لمشاركة أبنائهم اللحظة، وترقب مشرفين كل محافظة لعودة طلابهم بعد التحكيم.
لم تكتف آلاء عادل بقراءة 60 كتابًا وتلخيص نصفها خلال العام الماضي للمشاركة في المسابقة، بل قررت العمل على تحبيب الصغار في القراءة "استلهمت من المسابقة فكرة مسلسل للأطفال عن القراية". استغلت طالبة الصف الثاني الثانوي فترة الحظر خلال تفشي فيروس كورونا وألفت سيناريو "عائلة ويزلي" وسجلت بصوتها 15 حلقة عن حوار بين جدة وحفيديها تحكي لهم "حدوتة" في كل مرة.
تقدمت آلاء إلى لجنة التحكيم بينما تضع مسلسلها على هاتفها المحمول، اصطحبت معها موهبتها مثلما فعل العديد من المشاركين، وبعد مدة الاختبار عرضت على اللجنة تجربتها الأولى في الكتابة. تركت الكتب أثرًا في نفس ابنة الوادي الجديد منذ عرفت طريقها إليها عام 2018، لذا رغبت أن تنقل ما لمسته للأصغر عمرًا "لميت قرايبي وولاد من المنطقة وسمعتهم المسلسل الصوتي ولقيتهم بيقولوا الدروس المستفادة من الحواديت زي ما اللجنة بتعمل معانا"، كان ذلك بمثابة تدريب مسبق للطالبة قبل اختبارها المباشر الذي وصلت إليه بعد بلوغها المركز الأول على مستوى محافظتها.
على مدار الأيام الأربعة، تبدأ التصفيات بطلاب المحافظات الأبعد مسافة، يبيت المشاركون في العاصمة الإدارية ليلة الاختبار ثم يستيقظون للتحكيم ومن بعدها رحلة العودة إلى منازلهم. تلك الساعات عند إبراهيم عبد الفتاح إحدى جوائز المسابقة كما يصف. يعيش طالب المرحلة الإعدادية تجربة مختلفة بعيدًا عن أسرته، يتحمل مسؤولية السفر رفقة زملائه، يحظى بفرصة معرفتهم ويكون صداقات عمادها الكتب، مثلما فعل مع أحمد عطا الله رغم أنه يكبره في العمر "هو في ثانوي لكن أقرب حد ليا في المسابقة خلاف أننا بنتنافس لأن الفرق بين ترتيبي وترتيبه 3 درجات" يقولها ابن مطروح بينما ينتظر التكريم الذي يتبع انتهاء اختبار طلاب كل محافظة
16 محكمًا يتولون اختبار الطلاب في كافة المراحل من الابتدائية حتى الجامعة، وكذلك المعلمين المشاركين في فئة "المعلم المثقف" إلى جانب أصحاب المشاريع والأفكار المعبرة عن المؤسسة التنويرية الداعمة للقراءة. معايير عدة يعرفها المحكمون تنصب جميعها حول هدف واحد "اختيار طالب واعي وجعل القراء عند الطالب ثقافة" كما يقول أشرف صالح، محكم وعضو في مؤسسة البحث العلمي القائمة على المسابقة.
نحو 4 دورات تدريبية تلقاها المحكمين القادمين من دبي قبل الوصول إلى مصر، جميعها حول استراتيجية التعامل مع الطلاب، خاصة وأن المحكم قد يختبر طالبًا في الابتدائية ومرة أخرى طالبًا في الجامعة. يعتبر صالح، المحكم المصري ضمن اثنين آخرين، أن جميع الجالسين على مقاعد التحكيم لديهم الخبرة لمشاركتهم لسنوات في مثل هذه المسابقة الخاصة بالقراءة على مستوى العالم العربي.
مازال يحضر صالح أسماء طلاب بعينهم أثروا فيه، مثل طالب المرحلة الإعدادية الذي جذبته فصاحته وسرعة بديهته رغم محاولة المحكم التضييق عليه لاختبار مدى معرفته بما قرأ، يتذكر وصفه لبطل قصة قرأها "سقط الطفل من القارب ثم وجد الأب والأم طفلهم المخطوف"، حينما سأله صالح إن كان تائه أم مخطوف، سارعه الطالب بقول "مخطوف.. لقد خطفته الأمواج".
لم يكن الأمر يسيرًا على المحكمين كما يقول صالح. وضوح شروط المسابقة حد تضمين نماذج للأسئلة المطروحة جعل العديد على درجة كبيرة من الاستعداد، لذا وجب أن يظهر دور المحكم في الاكتشاف بحسب صالح "نحن لا نريد قوالب. نريد أن نبي شخصيات فاهمة وناقدة تستطيع تحليل ما تقرأ عشان ما ياخذ طالب مجتهد في الحفظ دور طالب يستحق أن يكون رائد في المعرفة"، وهو ما جعل البعض يستغرقون وقتًا طويلاً بين يدين المحكمين أكثر من 10 دقائق المدة المحددة.
ينتظر كل مشرف خروج جميع طلابه من قاعة التحكيم، يستقبلهم البعض بالابتسامة والأحضان مثلما فعل السيد شاهين، مشرف محافظة البحيرة، كل طالب ينتهي من الاختبار يشد من أزره قبل أن يسأل عما حدث، فيما وقفت المعلمة سهام زكريا فخورة بصغيرين في المرحلة الابتدائية من مدرستها رغم "شقاوتهما"، فهم الوحيدون الذين وصلا للتصفيات في مدرستها أحمد حسن علام بإيتاي البارود –البحيرة.
لا تملك المدرسة التي تعمل بها سهام مكتبة خاصة لصغر مساحتها وإمكانياتها الضعيفة، ومع هذا لم تستسلم أخصائية المكتبة "بحتفظ بالكتب في أوضة المدرسين ووقت الحصة بطلعها للولاد في الفصول يقرأوا ويستعيروها ويلخصوا ويرجعوها تاني".
تتمنى سهام لو أصبح بمدرستهم الصغيرة مكتبة بسيطة، تلمس أخصائية المكتبة ما يحدثه الكتاب في الصغار "بيخلي عندهم ثقة ولغتهم وطريقتهم بتبقى أفضل"، تود المعلمة لو استطاع جميع طلابها أن يحظوا بفرصة أكبر للحصول على الكتب عبر المدرسة.
داخل قاعة الاختبار تتعدد المشاعر، هذا ركن تطل منه ضحكات متبادلة بين الطالب والمحكمين، وفي ذاك مناقشة جدية، وهناك صغيرة في جانب ثالث تلقي قصيدة أو كلمة تدربت طويلاً لإتقانها، فيما تأتي لحظة فريدة تتجلى بين الحين والآخر حين يخرج أحدهم من "منزل" التحكيم، البعض يقفز فرحًا حتى الوصول لزملائه، وهذه طفلة تفرد يديها كأنما تطير وتواصل الركض في حلقة صائحة "هتكرم.. هتكرم".
بين تلك المشاعر واللحظات يقف فريق التنظيم للمشروع الوطني للقراءة يحتضن ما يفعله الصغار والكبار، يلمسون شغف وطلاقة ينبهرون لها في أوقات كثيرة كما تقول رغد عبد الله التي جاءت من دبي مع زملائها العاملين في مؤسسة البحث العلمي.
على مدار أيام التصفيات كانت أسعد المشاهد عند رغد "لما أشوف الأطفال كيف واثقين بحالهم ولا كأنهم صغار كيف بيقرأوا والقراءة أثرت فيهم"، فيما لن تنسى نيفين إبراهيم طالب الهندسة القادم من أسيوط "شخصية لبقة. طموح. عنيه مليانة حماس"، تأثرت السيدة المصرية المشاركة ضمن المنظمين بالطالب حتى أنها حرصت على توديعه "يا باشمهندس أحمد أشوفك على خير.. يارب أشوف ولادي زيك".
ينتهي طلاب كل محافظة والمعلمين المشاركين من الاختبار، ثم يجتمعون على منصة التكريم للحصول على شهادة وميدالية تحمل اسم "المشروع الوطني للقراءة". ينضم ياسين محمود عبد العزيز لزملائه من محافظة الشرقية، بينما تجلس والدته دعاء نبيل متأثرة باللحظة غير المسبوقة لصغيرها "فرحته باليوم دي أكبر مكسب حصل من المسابقة".
حرصت والدة ياسين وأباه على القدوم معه إلى المسابقة. يتشارك الثلاثة كل شيء دائمًا، فالأب من شجع الابن على الالتحاق رغم صغر عمره البالغ سبعة أعوام، فيما عايشت دعاء مع صغيرها الاستعداد "كنا بننزل نشتري الكتب مع بعض هو يختار ونقرأ سوا". تحفظ الأم عناوين ما قرأه صغيرها حتى أن كثيرًا ما مازحها زوجها قائلاً "أنت تمتحني بقى مع ياسين". بات الكتاب رفيق الابن ووالديه.
في الخامسة عرف ياسين طريق الكتب "يوميًا قبل النوم أجيب له قصص من كتاب واقرأها له"، شيئًا فشيئًا أصبح الصغير يختار ما يقرأ بنفسه، أدرك محبته للقراءة عن الفضاء، بل وأصبحت الكتب هديته للمقربين "بقى اللي مش ناوي يقراه تاني يهادي بيه ولاد خالته وأصحابه".
مع المسابقة تغيرت طقوس ياسين ووالدته مع القراءة، في البداية رأت دعاء أنها مجرد تنافس، لكن مع الوقت علمت أن الكتاب هدف في حد ذاته، ولم يعد الأمر بالنسبة للصغير "مجرد قراءة وخلاص"، أصبح ياسين يسأل عن التفاصيل "الؤلف يقصد ايه من الكتاب"، وتعتز الأم بفرصة دعم اللغة العربية ليتحدث بها طفلها طوال مراحل التسابق رغم أنه ملتحق بمدرسة للغات.
كان منزل ياسين في الشرقية مجتمعًا حول الكتاب، وكذلك منازل طلاب مدرسة عز زيدان الرسمية لغات في الفيوم. إذ شارك في المسابقة مع انطلاقها 1750 طالبًا في جميع المراحل التعليمية هم عدد تلاميذ المدرسة كما تقول علا بسيوني، منسقة المحافظة والتي وصلت ضمن 14 مشاركًا في فئة المؤسسة التنويرية.
نجح طالب من كل مرحلة تعليمية في المدرسة من بلوغ التصفيات النهائية –وهو شرط المسابقة- لكن علا تفخر ب"الملحمة" التي حدثت على مدار عام كما تصف. مع انطلاق المشروع الوطني للقراء في فبراير 2020، وجدت أخصائية المكتبة فرصتها لتحقيق حلمها بزيادة معدل حب الطلاب للقراءة "كنت بحزن لما آلاقي عدد فريق كرة القدم أكتر من اللي بيدخلوا المكتبة"، كانت مبادرتها على استحياء طيلة هذه الأعوام، لا يستجيب لها غير المحبين بطبيعتهم للكتاب.
"دوري الكتاب" طرحت علا الفكرة على المعلمين في المدرسة، اشترطت معلمة المكتبة على الراغب في الإلتحاق بفريق كرة القدم بالمدرسة أن يقرأ كتاب ويلخصه "بدأ اللي عايز يلعب كورة يقرأ عشان يشارك"، على مدار ثلاثة أشهر قرأ نحو ربع طلاب المدرسة كتبًا ولخصوها، ثم جاء تفشي فيروس كورونا المستجد لتجد علا المنحة القدرية لإتمام مشروعها.
كانت فترة الحظر والبقاء في المنازل لتفشي "كورونا" عصا علا السحرية لاستقطاب الطلاب وتحفيزهم للقراءة "الأيام العادية كنا بنتسول الوقت لكن لما جه كورونا الولاد بقى عندهم وقت فراغ". شكلت علا بمعاونة زملائها من المعلمين 11 فريقًا، يتابعون الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة عبر تطبيق واتس آب، يرسلون لهم الكتب المصورة وعناوين مختلفة، يطرحون ما يشبه الاستبيان حول ما يرغبون في قراءته، ثم يمدونهم به، إلى أن أنشأت علا ورفاقها مكتبة إلكترونية خاصة بالمدرسة.
كلما تقدمت علا خطوة، وضعت درجة أخرى في سلم حلمها بأن تجعل جميع طلاب المدرسة يقرأون "عملنا فريق اسمه أشبال المشروع الوطني"، أصبح تلاميذ رياض الأطفال يقرأون لزملائهم، بل ويستخدمون مسرح العرائس ليعرضوه "في شكل حدوتة".
لم تكتف علا بطلاب المدرسة، أقامت مسابقة لأفضل قاريء كتاب من أولياء الأمور، واطلقت فكرة اسمها "بيت الجدة" لتشجيع الطلاب على استعارة كتاب يقرأونه مع أسرتهم في العطلة الأسبوعية، حتى العاملين شاركوا عبر مبادرة لمحو الأمية ودعم صعوبات التعلم. أصبح الكيان المعروف عنه الاهتمام باللغة الأجنبية، يحمل جميع أفراده كتبًا بالغة العربية. تتذكر أخصائية المكتبة اتصال ولي أمر بها مخبرًا إياها "أنا رجعت اقرأت تاني مع ابني بعد ما انقطعت". ترى علا في هذا الفوز الكبير بالنسبة لها.
حينما جلست منسقة محافظة الفيوم أمام لجنة المحكمين، ضمن آخر المشاركين في اليوم الرابع للتصفيات، أخبرتهم أنها لم تأت لتتنافس وتفوز "إنما جيت ممثلة عن فريق كبير في المدرسة عشان ننشر فكرتنا وتجربتنا.. يمكن في يوم من الأيام تكون كل مدارس مصر محبة للقراءة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.