صندوق النقد الدولي: الاقتصاد المصري يظهر مؤشرات على نمو قوي    سيارة تدهس حشدا أثناء مشاهدة عرض احتفالا بعيد الميلاد في هولندا (فيديو وصور)    مرموش: هذا ما طالبنا به حسام حسن بين شوطي مباراة زيمبابوي    بعادة جديدة على المنتخب، شاهد كيف احتفل محمد صلاح بالفوز على زيمبابوي    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    الحماية المدنية تجرى عمليات تبريد لحريق مخزن أخشاب فى مؤسسة الزكاة    هاني ميلاد: 70% زيادة في أسعار الذهب منذ بداية 2025.. والاضطرابات العالمية السبب    حين تضطر أم لعرض أطفالها للتنازل: ماذا فعلت سياسات السيسي بالمصريين؟    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    في حادث مروع بكاليفورنيا، مصرع فينس زامبيلا مبتكر لعبة "كول أوف ديوتي" الشهيرة    أجواء شديدة البرودة والصغرى 12 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بعد ارتدائها البدلة الحمراء.. محامي ضحية ابنتها ببورسعيد يكشف موعد تنفيذ حكم الإعدام في المتهمة (خاص)    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    استشاري تغذية علاجية بالفيوم ل"أهل مصر": دودة الطماطم خطر صحي وآفة زراعية.. ولا علاقة لها بالقيمة الغذائية    مشروع قومى للغة العربية    نقابة أطباء الأسنان: أعداد الخريجين ارتفعت من 45 إلى 115 ألفا في 12 عاما فقط    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    رئيس هيئة المستشفيات التعليمية يُكرّم مساعد وزير الصحة للمبادرات الرئاسية    بالانتشار الميداني والربط الرقمي.. بورسعيد تنجح في إدارة انتخابات النواب    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    ترامب: سنواصل العمل على استهداف تجار المخدرات    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    استكمال الاختبار التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي على منصة كيريو في محافظات الجمهورية يوم 23 ديسمبر    المؤبد والمشدد 15 سنة ل 16 متهماً ب «خلية الهيكل الإدارى بالهرم»    شعبة الاتصالات: أسعار الهواتف سترتفع مطلع العام المقبل بسبب عجز الرامات    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    التطبيق يبدأ في يناير.. الجمارك ترد على 50 سؤالاً حول ال «ACI»    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    بعد 5 أيام من الزفاف.. مصرع عروسين اختناقًا بالغاز في حدائق أكتوبر    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    محمد هاني: فوز مصر على زيمبابوي دافع معنوي قبل مواجهة جنوب أفريقيا    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام السلام... وجولات في الشرق
نشر في مصراوي يوم 11 - 02 - 2019


مشرف وحدة اللغة الأوردية بمرصد الأزهر
" يحملُ الإيمان المؤمنَ على أن يرى في الآخر أخًا له عليه أن يؤازره ويحبه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خلق الناس جميعًا وخلق الكون والخلائق وساوى بينهم برحمته فأن المؤمنَ مدعو للتعبير عن هذه الأخوة الإنسانية بالاعتناء بالخليفة وبالكون كله، وبتقديم العون لكل إنسان ، لا سيما الضعفاء منهم والأشخاص الأكثر حاجة."
كانت هذه هي السطور التي استهل بها فضيلة الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان وثيقتهما التاريخية؛ وثيقة الأخوة الإنسانية والتي تحمل ولأول مرة في تاريخ الإسلام والمسيحية عنوانًا يُعبر عن رباط القربة وأواصر القيم، فجاءت باسم "الأخوة الإنسانية"، ومضى عليها أكبر رمزين دينيين في العالم في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة قبل أيام وفي بداية عام جديد، سيشهد بالتأكيد مزيدًا من جولات لإمام السلام في الشرق وفي الغرب بإذن الله تعالى.
ورغم كونها الأولى في عام 2019 إلا أنها واحدة من سلسلة من جولات الإمام في بلاد الشرق والتي كان هدفها الرئيس هو إحداث تغيير حقيقي في المجتمع العالمي، لأنه عندما تتحرك الرموز وخاصًة الدينية يتحرك وراءها جموع من الناس الذين يقدرونهم ويؤمنون برسالتهم. والحقيقة أن الرسالة التي يرنو الإمام الأكبر لنشرها ويسعى إلى توضيحها هي رسالة دين؛ كان ولايزال هدفه الأكبر هو التوحيد؛ توحيد الإله وتوحيد من آمنوا به على الخير والسلام.
ومن هنا أرى أنه لا يوجد تعارض بين رسالة هذا الدين "الإسلام" والرسالة التي يحملها إمام السلام "الطيب" على كتفيه يجوب بها الشرق والغرب، ينثر خيرها وخير ما جاءت به، لتنبت شجرًا طيبًا مثّل لها الله في القرآن بالكلم الطيب " كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء" (سورة ابراهيم:24)
ودعوني أقول أن أصل هذه الكلمة في جولات الإمام"الطيب" تنبتُ في أزهر القاهرة وتنطلق فروعها في بلدان الشرق والغرب التي وطأتها قدماه، وفي السطور التالية سأبحر بحضراتكم في عدد من الدول التي جابها الإمام في بلاد الشرق، ذلك الإمام الذي عرفه الجميع بأنه رجل القيم والمبادئ و احترمه القريب والغريب لرغبته القوية في إحداث تغيير حقيقي في المجتمع العالمي ولعمله الدءوب على تحقيق ذلك، نال تقدير أصحاب القرار في الشرق كما في الغرب لإيمانه الكبير بمبدأ الحوار وأهمية التعارف والتعاون والعمل المشترك لتحقيق الأمن والسلام. هرول لاستقباله رؤساء الدول الإسلامية وغير الإسلامية احترامًا لهذا الإمام الجليل وتبجيلًا له الذي أصبح بذاته رمزًا.... رمزًا للسلام.
تعلمنا من خلال عملنا في "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" أن العمل على الأرض والتفاعل مع الآخر يكون أكثر تأثيرا من مجرد الكلمات التي تٌلقى في المحافل، وهذا الذي أود إبرازه من خلال هذا المقال الذي سأقوم فيه بتقديم عرض موجز لجولات فضيلة الإمام في بلاد الشرق عام 2018 ومدى تأثيرها على نشر رسالة الإسلام والأزهر الشريف في كافة ربوع العالم .. شرقه وغربه.
موريتانيا:
انطلق فضيلة الإمام الأكبر في أولى جولاته عام 2018 من القارة السمراء، ومن دولة موريتانيا بالتحديد، وهي جمهورية صغيرة تقع في غرب إفريقيا، يعتنق جميع أهلها الإسلام السني حسب المذهب المالكي، وتشهد بعلاقة عميقة وقوية مع الأزهر الشريف الذي كان لعلمائه دورٌ بارزٌ في نشر اللغة العربية وصحيح الدين الإسلامي في معظم الدول الإفريقية، كما يدرس الآلاف من طلابها في الأزهر الشريف في مختلف المراحل التعليمية. والحقيقة أن القوة الناعمة للأزهر الشريف في هذا الجزء من العالم لا تضاهيها قوة دينية وروحية أخرى، ولهذا كان من الضروري أن يؤكد الأزهر الشريف وإمامه عزمهم على تقوية العلاقات الثقافية بين الأزهر والمحاظر (المدارس) الموريتانية باعتبارها مركز الصمود الأقوى في القارة السمراء، وبالفعل اتفق فضيلة الإمام الأكبر مع المسؤولين الموريتانيين على تأسيس مركز تابع للأزهر الشريف، كما أعلن عن زيادة عدد المنح المقدمة للطلبة الموريتانيين وعن تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة هذا الملف.
حظيت الزيارة باهتمام إعلامي وجماهيري كبير، ونذكر في هذا الصدد ما قاله السيد "محمد محفوظ" أحد أبرز المدونين في موريتانيا : "مع تبدل الأزمنة وتطور العالم، احتفظ الأزهر الشريف بمكانته تلك، وظل موضع الاحترام والاستقلال والتوجيه سواء تحت حكم العثمانيين أو الحكم الملكي أو حتى تحت الاستعمار البريطاني، ما تجرأ حاكم على نيل من هذا الصرح العلمي التاريخي ولا تحجيم دوره.."
كانت زيارة الإمام لإفريقيا هي الأولى في جولاته عام 2018، بيد أنها كانت مجرد البداية لعدة خطوات لاحقة كان آخرها تشكيل الأزهر الشريف للجنة مختصة بالشؤون الإفريقية بهدف وضع خطط وبرامج لدعم أبناء القارة السمراء من خلال زيادة عدد المنح المقدمة للطلاب وزيادة أعداد المبعوثين من المدرسين وتكثيف البرامج التدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ بالإضافة للقوافل الدعوية والطبية أيضا، والحقيقة أن خطوات الأزهر الشريف في تقوية الأواصر مع إفريقيا في غاية الأهمية لمد جسور التواصل التي تُعد على رأس قائمة أولويات مصر في الفترة الراهنة.
إندونيسيا:
تعد إندونيسيا أكبر تجمع للمسلمين في العالم، حيث يعيش فيها أكثر من 238 مليون مسلم، بلد كبير يتسم بتركيبة اجتماعية معقدة ويتكون من عرقيات متنوعة تتحدث بلهجات مختلفة، ورغم وجود بعض المؤسسات التعليمية الدينية الكبرى مثل الجمعية المحمدية والتي تضم ما يزيد عن 20 مليون شخص ولديها 172 جامعة، تمتد من شرق اندونيسيا إلى غربها و230 معهدًا إسلاميًا و20 ألف مدرسة، تتميز بالاعتدال والوسطية إلا ان هناك تخوفات من انتشار التطرف الذي بدأ أن يهدد النموذج الإندونيسي القائم على التعددية واحترام الآخر، الأمر الذي دفع البلاد حكومةً وشعبًا للتحرك العاجل للتكاتف من أجل تقديم حلول لوقاية الشباب والأطفال. لقد أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية في إندونيسيا بأن نحو 75 شخصًا من أصل 161 متأثرين بالتطرف هم أطفال. وبات واضحًا أمام الدولة بأن الحل الأمثل لمكافحة التطرف هو مواجهته من خلال دعم وتشجيع المؤسسات المعتدلة على القيام بمهمة التعليم الديني الوسطي لتوفير آليات للوقاية المبكرة قبل أن تنتشر هذه الآفة. وجاءت زيارة فضيلة الإمام في 28 أبريل 2018 لهذا البلد وحظي باستقبال غير مسبوق، ولاقى ترحاب حافل من طلاب الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة التي زارها فضيلته خلال الزيارة التي استمرت لثلاثة أيام، وارتفعت أصوات شابة حماسية بالنشيد الوطني لجمهورية مصر العربية، لنشيد بلد عريق بتاريخه وشاب بعطائه المستمر والثقة التي استطاع الأزهر الشريف زرعها في قلوب الإندونيسيين، الأمر الذي أكد عليه الرئيس الأندونيسي "جوكو ويدودو" خلال لقاءه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر قائلًا بأن خريجي الأزهر يسهمون بقوة في نهضة البلاد ويشغلون مواقع مهمة في الدولة. وأكد فضيلته حرص الأزهر الشريف على نشر وسطية الإسلام في كافة أنحاء العالم وأن للغة الأندونيسية قسم كامل في مركز الأزهر للترجمة، وقد قام الأزهر بترجمة عدد كبير من كتبه العلمية التي تعمل على تصحيح المفاهيم لهذه اللغة انطلاقًا من أهميتها في العالم الإسلامي، ولم تمر عدة أشهر حتى وشارك الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في معرض الكتاب في العاصمة "جاكرتا"، وتابعتها زيارات لكبار المسئولين في الدولة لتعزيز التعاون المشترك بين الدولتين في مجال التعليم ونشر الإسلام الصحيح.
سنغافورة:
"سنغافورة" دولة صغيرة في جنوب شرق آسيا، يقطنها 80% من الصينيين و14% من المالاي، و8% من الهنود، و1% من الأعراق الأخرى، وهي متعددة الأعراق والجنسيات والديانات، تُعتبر البوذية هي الديانة الأكبر من حيث عدد معتنقيها في سنغافورة، وتليها المسيحية واللا دينيين، ونسبة قليلة من المسلمين والهندوس.
والحقيقة أنه منذ افتتاح مرصد الأزهر ولاحظنا اهتمامًا ملحوظًا من الجانب السنغافوريوحرصًا على الاستفادة من تجربة المرصد في مكافحة الفكر المتطرف ومخاطبة الشباب بما يتناسب مع عقولهم وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية المختلفة، فقد استقبل المرصد الرئيس السنغافوري وعددًا من الوزراء بغرض تبادل الخبرات.
ولهذا كان من المهم أن يزور فضيلة الإمام الأكبر هذا البلد الذي يعول الكثير على الازهر الشريف في استراتيجيته في مكافحة الفكر المتطرف من منظور مبدأ "الوقاية خير من العلاج". وقد لاقى فضيلته ترحابًا كبيرًا حكومًة وشعبًا. فقد أكد رئيس الوزراء السنغافوري «لي هسين لونج» أن الأزهر يحظى باحترام واسع من السنغافوريين، لمنهجه الوسطي، البعيد عن التطرف والإقصاء، كما أن خريجيه يتولون جميع المناصب الدينية في سنغافورة، ويساهمون بقوة في تعزيز قيم التسامح والتعايش بين أبناء المجتمع، وفي التصدي للأفكار المتطرفة، وهو ما يفسر حرص مسلمي سنغافورة على إيفاد أبنائهم للدراسة في الأزهر، مشيدًا بكون الأزهر مؤسسة عالمية مستقلة لا دخل لها بالسياسة.
وأعرب رئيس وزراء سنغافورة عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع الأزهر الشريف، والاستفادة من تجربته في التصدي للأفكار المتشددة والجماعات الإرهابية، مشيرًا إلى أنه سمع بنشاط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ويود تعزيز التعاون معه، لمواجهة أفكار الجماعات الإرهابية، التي أصبحت تشكل خطرًا يهدد استقرار الكثير من المجتمعات، وهو ما يتطلب دعم وتعزيز دور وجهود المؤسسات المعتدلة، كالأزهر الشريف. هذا وقد نظم المرصد دورة تدريبية للطلاب السنغافوريين وألقى فيها أساتذة متخصصين عددًا من المحاضرات وورش العمل باللغة العربية والإنجليزية لتسليط الضوء على استراتيجية الجماعات الإرهابية في استقطاب لشباب.
بروناي:
"بروناي" أو "دار السلام" دولة صغيرة في جنوب شرق آسيا، وهي آخر محطة لفضيلة الإمام في جولته الأسيوية التي استمرت عشرة أيام، وخلال زيارته لسلطنة بروناي، التقى فضيلة الإمام الأكبر "حاج/ حسن البلقية"، سلطان بروناي، وأعلن فضيلته عقب اللقاء أنهما اتفقا على إقامة فرع للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر هناك، وعلى إقامة مركز لتعليم اللغة العربية، وتخصيص 30 منحة لطلاب بروناي للدراسة في الأزهر، وتعيين مفتي بروناي عضوا في مجلس حكماء المسلمين، بينما أعرب سلطان بروناي عن شكره للأزهر الشريف، قائلا: "نشكر الأزهر على تعليم أبنائنا، وندعو الله أن يحفظ الأزهر وشيخه الأكبر وعلماءه، وأن تظل أبوابه مفتوحة لأبنائنا، فنحن يا فضيلة الشيخ نحب الأزهر حبا جما ونجل علماءه."
كازخستان:
تعد جمهورية كازاخستان إحدى جمهوريات آسيا الوسطى حيث كانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفيتي، وبعد تفككه أعلنت استقلالها في ديسمبر 1991.
تتمتع كازاخستان بموقع استراتيجي بين قارتي أوروبا ووسط آسيا، وحظيت منذ القدم بالروابط السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية مع الأمم الأخرى، وتعد تاسع أكبر دولة في العالم بعد روسيا والصين والولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل وكندا والهند وأستراليا، وثاني أكبر بلد ضمن منظومة دول الكومنولث المستقلة، وأكبر دولة إسلامية من ناحية المساحة إذ تبلغ مساحة أراضيها 2.727.300 كم² مما يجعلها أكبر من مساحة أوروبا الغربية مجتمعة، وتحدها روسيا والصين وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان.
وفي هذا البلد - الذي لا يعرف عنه معظمنا الكثير- شارك فضيلة الإمام فى الدورة السادسة لمؤتمر زعماء الأديان تلبيةً لدعوة رسمية من الرئيس الكازاخي "نور سلطان نزارباييف" لحضوره هذا المؤتمر، الذى يعتبر أكبر منصة للحوار فى العالم، ويجمع الشخصيات الدينية والسياسيين والعلماء والمنظمات الدولية، لمناقشة القضايا الأكثر شيوعًا فضلًا عن إيجاد التوجهات المشتركة فى مختلف الجوانب المتعلقة بالدين والسياسة. التقى الدكتور أحمد الطيب والوفد المرافق بالرئيس نزارباييف فى القصر الرئاسى؛ لمناقشة سبل تطوير التعاون بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية والوكالات المعنية فى الشئون الإسلامية فى كازاخستان فى مجال تطوير الدراسات الإسلامية وعلومها معتمدين على منهج الأزهر الوسطى والمعتدل وتدريب الأئمة على نشر تعاليم الدين الإسلامى ومكافحة الأفكار المتطرفة سواء أكان فى تعاملهم مع الجمهور أم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
كما التقى فضيلة الإمام مع رئيس مجلس الشيوخ لبرلمان كازاخستان الذى ترأس أمانة المؤتمر، وسيريك أوراز مفتى الديار الكازاخية، فضلًا عن إلقاء محاضرة فى أكبر جامعة وطنية فى كازاخستان.
حظيت زيارةشيخ الأزهر باهتمام كبير وقد أكد أحد المسئولين الكبار " أن لقاءات الدكتور أحمد الطيب فى أستانة شكلت عنصرًا مهمًا فى تعزيز التلاحم والتضافر والانسجام بين الأديان المختلفة مع إبراز مكانة الإسلام ودوره فى التعاطى مع الأديان الأخرى وضرورة الاندماج والتكامل بين جميع الأديان من أجل خدمة الإنسانية والبشرية."
اوزبكستان:
هي أكبر دولة سكاناً، في وسط آسيا، عاصمتها طشقند. ومن أهم مدنها سمرقند. وهي إحدى الجمهوريات الإسلامية ذات الطبيعة الفيدرالية ضمن الجمهوريات السوفياتية، في هذا البلد أقاليم لها شهرة عريقة في تاريخ الإسلام. مثل بخاري وسمرقند وطشقند وخوارزم. فقد قدمت هذه المناطق علماء أثروا على الثرات الإسلامي بجهدهم، كان منهم الإمام البخاري والخوارزمي والبيروني والنسائي ] والزمخشري والترمذي وغيرهم العديد من أعلام الثراث الإسلإمي.
وشهدت زيارة شيخ الأزهر إلى أوزبكستان زخمًا كبيرًا، حيث عقد سلسلة لقاءات، شملت: رئيس الجمهورية "شوكت ميرضيائيف"، ورئيس الوزراء عبد الله عارفوف، ورئيس مجلس الشيوخ نعمة الله يولداشيف، هذا فيما تقلد فضيلته الدكتوراه الفخرية من أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية، تقديرا لإسهاماته المتميزة وجهوده الدؤوبة في توضيح سماحة الإسلام، وتعزيز ثقافة التسامح والحوار بين أتباع مختلف الأديان والثقافات.
وأعلن الإمام الأكبرعن سلسة خطوات لدعم التعاون بين الأزهر وأوزبكستان، تشمل زيادة عدد المنح المخصصة لطلاب أوزبكستان ما بين 10 إلى 20 منحة سنويا، وتدريب الأئمة الأوزبكيين على كيفية التصدي للأفكار المتطرفة، واستضافة عدد من الطلاب لدراسة اللغة العربية في مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية، بجامعة الأزهر، كما تم توقيع مذكرتي تفاهم بين جامعة الأزهر وكل من أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية ومركز الإمام البخاري للبحوث العلمية.
حاولت فيما سبق تقديم عرض موجز لزيارات شيخ الأزهر الشريف إلى قارة أسيا؛ تلك البقعة من العالم التي لم تشهد ميلاد النبي محمد ولكنها بالتأكيد شهدت -ومازالت- حبًا منقطع النظير لرسالة الإسلام ولرسوله ولحاملي الرسالة من الأمناء، الذين يسعون لنشر صحيح هذا الدين الذي يحاول البعض تشويهه جهلًا في بعض الأحيان وعمدًا في معظمه.. والحقيقة أن جولات فضيلة الإمام لهذا الجزء البعيد من العالم كان بهدف التأكيد على أن الأزهر الشريف حريص على الوصول لهم، و يسعى إلى تذويب المسافات حتى يلتقي كل طلاب العلم الحقيقيين تحت مظلة واحدة... لها هدف واحد... وغاية مشتركة مفادها أن الإسلام أتى ليجمع ويوحد.. ونزل لإسعاد البشرية ورخائها وأن اختلاف ألواننا وأجناسنا وهذا التنوع العظيم في خلق الله كلٌ يهدف للتكامل في مواجهة التشرزم والصراع المفضي للحروب والاقتتال.
لم تكن جولات فضيلة الإمام لهذه البلاد إذن مجرد جولات عادية وإنما حملت العديد من الرسائل المعنوية والروحية والتي كانت واضحة في استقبال هذه الشعوب لهذا الرمز "الطيب" الذي تحمّل مشقة السفر لكي يربت على أكتافهم ويؤكد لهم "نحن معكم وابنائكم أمانة يتشرف الأزهر بحملها والحفاظ عليها.."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.