لم تكن تتخيل "إيمان إبراهيم متولي" معلمة اللغة العربية بمدرسة "كلية الإقبال القومية" بالإسكندرية إن وفاتها سوف تكون في محراب العلم الذي قضت فيه 7 سنوات من عمرها بين فصوله وقاعاته تؤدي رسالتها السامية في تربية الأجيال وتعليمهم وتثقيفهم دون كلل ولا ملل. الوفاة المفاجئة لمعلمة المرحلة الإعدادية صاحبة ال30 عامًا، باتت لغزًا شغل الشارع السكندري على مدار 3 أيام، بعدما تعددت الروايات حول أسباب وفاتها واتهام مدير المدرسة بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإسعافها، ما دفع وزير التربية والتعليم إلى استبعاده وإحالة الواقعة للتحقيق. حق عبدالرحمن وريماس والبداية، يوم الأحد الماضي، بمنشور متداول على نطاق واسع بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" جاء نصه: "البقاء لله وحده.. توفيت اليوم ميس إيمان إبراهيم مدرسة لغة عربية بكلية الإقبال القومية.. إيمان ماتت وهي بتؤدي عملها.. توفيت بالسكتة القلبية علشان المدير عنفها ولما زمايلها اتلموا عليها وهي فاقده للوعي عنفهم وما رضاش يخلي لا الإسعاف ولا المسعفين يدخلوا المدرسة". "إيمان" أم لطفلين هما "عبدالرحمن" 5 سنوات، و"ريماس" 3 سنوات، يقول محمد إبراهيم، مهندس ميكانيكا بإحدى الشركات، مشيرًا إلى أن شقيقته يشهد زملائها بكفاءتها وحسن خلقها ولن يترك حقها وحق أطفالها. "لم نر الواقعة وذهبنا إلى مستشفى الإقبال حيث نقلت شقيقتي جثة هامدة.. لكن بعض شهود العيان من زملائها أكدوا أن "ص. م" مدير المدرسة استدعاها في مكتبه وعنفها وسقطت مغشى عليها عقب خروجها من مكتبه". وأضاف "إبراهيم": "البعض قال إن مدير المدرسة رفض دخول سيارة الإسعاف لإنقاذها.. الواقعة محل تقرير في النيابة العامة كل ما نريده حق أختي من يرضى أنها تروح مننا بالشكل ده.. أمها هتموت بحسرتها". وحول ما إذا كانت تعاني من أي أمراض، قال شقيقها: "إيمان عمرها ما اشتكت من أي مرض.. وليس لها أى تاريخ مرضي ويقدروا يرجعوا لدفتر التأمين الصحي الخاص بها من المدرسة". ممنوع الكلام وفي مدرسة كلية الإقبال القومية فرع السرايا، التابعة لإدارة المنتزه التعليمية، تصدرت حوائط المدرسة قرارًا تضمن: "بناء على التعليمات الصادرة من وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، جمعة ذكري، والاتصال السياسي وأمن مديرية التربية والتعليم بأنه ممنوع منعًا باتًا التحدث مع كافة وسائل الإعلام.. ومن يخالف ذلك سيعرض نفسه للمساءلة القانونية". إدارة المدرسة ترد حاول "مصراوي" الاتصال ب"ص. م" مدير المدرسة، للحصول على رده على الواقعة إلا أن هاتفه المحمول مغلق دائمًا، قبل أن تصدر المدرسة بيانًا نعت فيه معلمة اللغة العربية. "تتقدم إدارة مدارس الإقبال والعاملين بها بواجب العزاء لفقيدة المدرسة المرحومة الأستاذة/ إيمان إبراهيم متولي.. التي وافتها المنية ظهر أمس والإدارة توضح منعًا للشائعات وإظهارًا للحقيقة أنه فور فقدها للوعي تم استدعاء الإسعاف وبها طبيبان بأمر من مدير الكلية". وأضاف البيان الذي حمل توقيع إدارة مدارس الإقبال: "وحاولا الطبيبان إسعافها في المدرسة ثم رأى الأطباء بضرورة نقلها إلى مستشفى الإقبال المجاورة للمدرسة لسرعة إنقاذها وظلت بالمستشفى تتلقى الإسعافات حتى نفذ أمر الله". حرر زوج المعلمة محضر رقم 18220 لسنة 2017 بقسم شرطة المنتزه أول، اتهم فيه مدير المدرسة بالتسبب في وفاتها، لتقرر النيابة العامة تشريح الجثة لبيان سبب وفاتها وسرعة إجراء تحريات المباحث حول الواقعة. شقيق إيمان: كذب وإفتراء "الرائد أحمد مليس، رئيس مباحث قسم شرطة المنتزه أول، سألني: أختك بتعاني من الصرع؟".. يقول وليد إبراهيم متولي، شقيق المعلمة المتوفية، مشيرًا إلى أن شقيقته لا تعاني من أي أمراض وهم يحاولون التنصل من المسؤولية- على حد قوله. وأضاف"وليد": "هل يعقل معلمة تدرس في مدرسة لطلاب على مدار 7 سنوات أن تكون مريضة بالصرع.. دا كذب وإفتراء"، مطالبًا جهات التحقيق بالرجوع إلى كاميرات المراقبة بالمدرسة للتعرف على أسباب وفاة شقيقته. "ذهبت لاستخراج تصريح الدفن وجدت الطبيبة بمكتب صحة سيدي بشر لديها علم بالواقعة وتلقت اتصال من وكيل وزارة التربية والتعليم يطالبها بتسهيل الإجراءات لأسرتها.. وبالفعل ذهبت معنا الطبيبة بنفسها إلى مستشفى الإقبال". وتابع "وليد":" صورت جثة أختي في كدمات زرقاء في صدرها ودماء من الأذن والأنف.. وبعد مناظرة وكيل النيابة للجثة أمر بتحويلها للمشرحة ودفنها بعد انتهاء التشريح"، مشيرًا إلى أنهم قاموا بدفنها عصر الآثنين الماضي بمقابر المنارة بعد التشريح. مكتب صحة سيدي بشر "مصراوي" حصل على تقرير طبي – غير مختوم- حررته الدكتورة داليا إسماعيل من مكتب صحة سيدي بشر، وجهته إلى مأمور قسم شرطة المنتزه أول قالت فيه إنها توجهت الساعة الرابعة والنصف مساء الأحد الماضي إلى مستشفى الإقبال لمناظرة جثة "إيمان إبراهيم متولي". وبعد المناظرة والكشف الظاهري تبين وجود كدمات وسحجات بأعلى الصدر، وتجمع دموي وخدوش أعلى الصدر والرقبة، ونزيف من فتحتي الأنف والأذنين، واشتباه نزيف بالغشاء البلوري للرئتين، وزرقة شديدة بأنحاء متفرقة من الجسد، وتيبس بالأطراف العلوية والسفلية، وضيق بحدقتي العينين. واختتمت الطبيبة تقريرها بعبارة: "وبالكشف الظاهري لا توجد شبهة جنائية ظاهرية والجثة تحت تصرفكم كى يتثنى لنا التصريح لها بالدفن.. وشكرا". كيف نقلت إيمان للمستشفى؟ وفقًا لتقرير مستشفى الإقبال تم الإبلاغ عن تعرض "إيمان" لإغماءة وعدم استجابة الساعة 11 و15 دقيقة يوم الأحد وخرجت الإسعاف من المستشفى الساعة 11.20 صباحًا، والتوجه إلى المدرسة وتبين توقف عضلة القلب. ويشير التقرير، إلى أنه جرت عملية للإنعاش القلبي الرئوي داخل المدرسة لمدة 3 دقائق واستعيدت الدورة الدموية ونقلت الحالة إلى الإسعاف حيث توقفت عضلة القلب في الإسعاف وتم عمل الإنعاش القلبي الرئوي حتى وصولها للمستشفى الساعة 11.35 صباحًا حيث تم تركيب أنبوب حنجرة للتنفس، وقام طبيب العناية المركزة بعمل الإنعاش القلبي المتقدم. وأضاف التقرير أنه تم عمل رسم قلب ولم يتبين نبض أو استجابة وتم إعطاء الأدوية اللازمة للحالة واستخدام جهاز الصدمات الكهربائية لكن دون استجابة لتحدث الوفاة عند الساعة 12.55 مساء. جهاز الصدمات الكهربائية هل يسبب جهاز الصدمات الكهربائية أي آثار أو كدمات على جسد المريض؟ سؤال طرحه "مصراوي" على أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة الإسكندرية – فضل عدم ذكر أسمه، قال:" It is DC shock.. ربما يتسبب جهاز الصدمات الكهربائية في ترك آثار على جسد المريض في حالة استخدامه دون شاش أو جل يتم وضعه على جسد المريض قبل استخدامه". شهادة الوفاة: الحالة قيد البحث وفي شهادة الوفاة، المستخرجة من مشرحة كوم الدكة "الإسعاف" وسط الإسكندرية، تضمنت الخانة الخاصة بسبب الوفاة المباشر:" الحالة قيد البحث وجاري إجراء تقرير طبي شرعي مفصل". ووفقًا للشهادة – حصل "مصراوي" على نسخة منها- وصلت الجثة للمشرحة في تمام الساعة الثانية عشر ظهر يوم الاثنين الماضي قادمة من مستشفى الإقبال. بأمر الوزير.. استبعاد مدير المدرسة وبعد مرور يومين كاملين على الواقعة، نعى الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، "إيمان إبراهيم متولي"، داعيًا الله عز وجل أن يلهم أسرتها الصبر والسلوان. وقرر وزير التربية والتعليم، أمس، إحالة الواقعة إلى التحقيق بالشؤون القانونية، واستبعاد مدير المدرسة التابعة لإدارة المنتزة التعليمية بالإسكندرية لاتهامه بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإسعافها. قرارات النيابة العامة وأمر المستشار أشرف المغربي، المحامي العام لنيابات المنتزة بالإسكندرية، بسرعة إجراء تحريات المباحث حول الواقعة واستدعاء مدير مديرية المنتزة التعليمية لسؤاله حول الواقعة وإحضار الملف الطبي للمتوفية لبيان ما إذا كانت تعاني من أمراض مزمنة من عدمه. واستمعت نيابة المنتزة إلى أقوال زوج المعلمة والذي اتهم مدير المدرسة بالتسبب في وفاتها واستمعت إلى عدد من المعلمين بمدرسة كلية الاقبال من شهود الواقعة والذين قرووا في التحقيقات أن مشادة حدثت بين المتوفية والمدير وسقطت مغشيًا عليها بعدها.