قال مصدرون إن الصادرات المصرية لم تستفد "كما كان متوقعا" من تعويم الجنيه، بسبب ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج المستوردة التي التهمت نسبة كبيرة من مكاسب تراجع الجنيه أمام الدولار. كما أن الاضطرابات السياسية والأمنية في كثير من الأسواق العربية الرئيسية للمنتجات المصرية كانت سببا هاما في عدم تحقيق الزيادة الكبيرة المنتظرة في التصدير. ومن شأن تعويم الجنيه أن يرفع من تنافسية المنتج المصري في الأسواق الخارجية لأنه يجعل سعرها أرخص. وقال هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، إن صادرات القطاع لم ترتفع خلال هذا العام بأكثر من 4 أو 5% و"هذه تعد نسبة أقل من المتوقع". وأوضح أن تضاعف أسعار المواد الخام المستوردة، لم تعطي المنتجين فرصة لخفض أسعار منتجاتهم في الأسواق الخارجية كما كان متوقعا. وأضاف برزي أن "معظم صادراتنا توجه إلى أسواق الدول العربية، ومع معاناة دول مثل ليبيا واليمن لم تعطنا الفرصة لزيادة التصدير". وحرر البنك المركزي سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، من أجل القضاء على السوق السوداء، وجذب التدفقات الأجنبية من أجل حل ازمة نقص العملة الصعبة التي أضرت بالإنتاج. ومنذ تحرير سعر الصرف فقد الجنيه نحو نصف قيمته، وارتفع سعر الدولار إلى حوالي 17.70 جنيه في المتوسط حاليا، وهو أقل قليلا من سعره الرسمي قبل التعويم. وتشير بيانات وزارة التجارة والصناعة إلى أن الصادرات ارتفعت بنحو 9.3% من نوفمبر 2016 وحتى نهاية سبتمبر الماضي، مسجلة حوالي 20 مليار دولار، مقابل 18.3 مليار دولار قبل عام. ومنذ بداية العام الجاري وحتى نهاية سبتمبر ارتفعت الصادرات غير البترولية بنحو 11% إلى 16.5 مليار دولار. وتتفق هذه الزيادات مع تصريحات وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، الذي توقع بعد تعويم الجنيه في نوفمبر أن يساهم تحرير سعر الصرف في زيادة الصادرات 10%. وكان قابيل يضع في اعتباره عند تصريحه بهذه التوقعات أن كثير من الصناعات المصرية تعتمد على مدخلات أجنبية. وقال قابيل إنه كلما كان لدى المصنع نسبة مكون محلي أعلى ستكون استفادته من التعويم أكبر. وربما تنعكس هذه الرؤية بشكل واضح على قطاع الأسمدة والكيماويات الذي حقق أكبر زيادة في أول تسعة أشهر من العام، بين كل القطاعات التصديرية، حيث زادت صادراته بنسبة 38% في الفترة من يناير وحتى نهاية سبتمبر 2017. وقال خالد أبوالمكارم رئيس المجلس التصديري للكيماويات والأسمدة، إن المكون المحلي في قطاعه تصل إلى 40%، وإن انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار رفع من تنافسية المنتج المصري في الأسواق الخارجية، ومكنه من دخول أسواق جديدة لأول مرة. "قبل التعويم لو بعت منتج بدولار، دلوقتي هقدر أبيعه بأقل من دولار، وهكسب أكتر لان الدولار كان ب 8.88 وحاليا وصل 17.70، وبالتالي هقدر أصدر كمية أكبر، خاصة بعد م أصبح المنتج المصري له قدرة على منافسة منتجات دول الهند والصين وتركيا". لكن وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديري لمواد البناء، الذي زادت صادرات قطاعه بنسبة 8% من أول العام، كان له رأي مختلف في تأثير التعويم على الصادرات. "استفدنا من التعويم في أول فترة بعد القرار على طول، لكن بعد كدة التهمت زيادة أسعار الخامات الأرباح اللي حققناها". وأضاف جمال الدين "رغم أن جزء كبيرا من خامات إنتاج مواد البناء محلية، إلا أن الموجة التضخمية التي أصابت السوق المصرية بشكل عام أثرت على تكلفة وكمية الإنتاج". "بعد التعويم قيمة العائد من التصدير زادت، ولكن ارتفاع أسعار الخامات تسبب في خفض كمية الإنتاج، ولذلك لم نحقق المكاسب المرجوة من التعويم" بحسب ما قاله جمال الدين. وأضاف جمال الدين أن صناعات مواد البناء من أكبر القطاعات في التصدير، والتي كان متوقعا لها أن تستفيد بشكل كبير من التعويم، ولكن نسبة الزيادة خلال أول 9 أشهر من العام الجاري كانت بسيطة ودون التوقعات. وفي المقابل ترى وزارة الصناعة أن زيادة مبيعات الشركات المصرية في السوق المحلي لتغطية تراجع الواردات كان سببا أيضا في عدم تحقيق نسب زيادة مرتفعة في التصدير. وتشير بيانات الوزارة إلى أن الواردات غير البترولية تراجعت بنسبة 20% في أول تسعة أشهر من العام الجاري إلى 39.9 مليار دولار مقابل 49.7 مليار دولار. كما أن محمد عبد السلام رئيس غرفة صناعة الملابس باتحاد الصناعات، يرى أن التعويم كان مجرد الخطوة الأولى نحو عودة الصادرات للمسار الصحيح، متوقعا أن تشهد صادرات مزيدا من التحسن في الفترة المقبلة. وقال عبدالسلام إن "التعويم وحده ليس كافيا لزيادة الصادرات، فهناك مشكلات تواجه الصناعة المصرية لابد من حلها خاصة بعد زيادة أسعار الكهرباء والنقل وقلة العمالة المدربة، حتى نستطيع تحقيق العائد من أسعار الصرف الجديدة". وأضاف عبد السلام، أن استيراد نحو 50% من مدخلات الإنتاج في صناعة الملابس الجاهزة من المشكلات الكبيرة التي تأخذ المكسب من عائد التعويم. "العائد من التصدير بيروح لاستيراد الخامات، ولذلك الحل الوحيد يتمثل في زيادة تشغيل المصانع وصناعة الخامات محليا بدلا من استيردها". وارتفعت صادرات الملابس الجاهزة خلال أول 9 أشهر من العام الحالي بنسبة 11% عن نفس الفترة من العام الماضي، بحسب وزارة التجارة.